كتاب 11
تمنيات المؤقت إلى مسؤوليات الأصيل
نصح الرئيس الذاهب عدلي منصور، الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي، بأن يُحسن اختيار من حوله. لا أعتقد أن هناك قولاً أثمن أو نصحاً أغلى. منذ طفولتك يقولون لك: قل لي من تعاشر أقل لك من أنت. وعندما تكبر وتتأمل ما مضى، يقض مضجعك أنك أحياناً أخطأت قبول البعض أو أخطأت اختيارهم. الوحدة والعزلة أفضل ألف مرة من المعشر السيئ أو الخامل، أو الذي يترك في حياتك تأثيراً لا يُعوض ضرره.
وهنا أود، إذا سمح لي، أن أدلي بدلوي في مجال النصح فأقول للرئيس السيسي، عليك أن تكون قوياً وحاسماً ومتبصراً إذا كنت غير مسؤول إلا عن نفسك. فكيف إذا كانت مسؤوليتك الناس والأمم وأحوال البشر. إلا أن مسؤوليتك الأكبر هي أن تختار من يحب بلدك لا من يحب نفسه. ومن يعمل في سبيل الناس لا في سبيل ذاته. ومن يمتلك قوة الترفع والعدل وليس من تتحول الأنا عنده إلى إناء لكل شيء وجميع الناس.
سعة المعرفة وروح العدل وعمق الضمير. لا ينفع أن يكون معاونك واسع المعرفة وضئيل العدل ورخو الضمير. يؤذيك أولئك الذين يقدمون مصالحهم على جميع المصالح. هذه الفئة لا ترحم صورتك بين الناس، كما أراد أن يقول الرئيس عدلي منصور.
وهنا أذكر أن صورة عبد الناصر أساء إليها الأمن الفظ العائش على سقوط الناس في الأفخاخ. وصورة السادات أساء إليها تمادي مظاهر «الانفتاح» في بلد مكتظ بالبسطاء. وصورة مبارك دمرها دلع الابن وبطر الحاشية. آه، كم هو صعب الحكم. وكم هو دقيق وعاق. أن الناس تريد منك كل شيء. وتريده الآن. وهل تعرف شيئاً سيادتك؟ إن هذا حقها. الحكم ظلم للحاكم أولاً، لأن الناس لا تقبل الأعذار. لقد انتخبتك بسبب أملها بك وليس لأنك ماهر في التبريرات وشرح الظروف. هي تعرف الظروف مثلك. تعرف أنك وصلت وخلفك مسافة من الخلل والأخطاء والديون. لكنها انتخبتك لكي تنقذها من كل ذلك. لكي لا تكون أمن عبد الناصر وانفتاح السادات وأسرة مبارك ومحمد مرسي، الذي طاش وهو يرى نفسه يقفز من سجين إلى باش مهندس، فأراد أن يكون باش ريس.
ما يصحش يا دكتور. الريس لا يمكن أن يكون باش ريس. هذه دولة، لا حزب. المرجعية فيها للناس وحقوق الناس وحياتهم. الناس عاوزه ريس يخاطبها مش يستقبلها خلف المكتب ممتلئاً بذاته وخاضعاً لإرشاد الدكتور محمد بديع!
سيادة الرئيس السيسي، وفقك الله – ووفق مصر – في اختيار من حولك.