تحقيقات
تحفظات فى الأقصر على قرار بنقل مومياء الفرعون توت عنخ امون للقاهرة
استقبلت تصريحات أدلى بها الدكتور مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية ، بشأن موافقة اللجنة الدائمة للآثار على نقل مومياء الملك الذهبى توت عنخ آمون من مقبرته فى غرب مدينة الأقصر التاريخية بصعيد مصر إلى المتحف المصري فى العاصمة القاهرة لإجراء بعض الفحوصات عليها، وذلك بعد أن أكدت التقارير الدورية للمومياء أنها تحتاج إلى عملية ترميم وصيانة للحفاظ عليها، وذلك بحسب تصريحات ” مصطفى أمين ” التى استقبلت برفض واسع من قبل الأثريين وعلماء المصريات وقوى شعبية ووطنية قالت أنها ترفض نقل المومياء من الأقصر الى القاهرة خشية تعرضها للدمار .
وجاءت تصريحات الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية لتعيد الى الواجهة مجددا الجدل الذى اثاره قرار مماثل صدر فى العام 2004 بنقل مومياء الملك توت عنخ امون الى القاهرة بدعوى اخضاعها لفحوص ، وهو القرار الذى رفضه كثير من علماء المصريات انذاك ، وفى مقدمتهم الدكتور أحمد صالح عبدالله الباحث المصرى المتخصص فى علوم المومياوات والمدير السابق لمتحف التحنيط فى الأقصر ، والذى أكد وعدد من الأثريين – فى شهر نوفمبر من العام 2004 – على خطورة نقل المومياء من مقبرتها فى غرب الأقصر الى القاهرة بسبب ” انفصال جمجمة المومياء عن الجذع ، وانفصال الجذع عن الساقين ” وهو الأمر الذى يؤكد استحالة نقل المومياء من مقبرتها فى غرب الأقصر الى المتحف المصرى فى القاهرة ، حيث رضخ المسئولون فى المجلس الأعلى للاثار المصرية انذاك لرأى الأثريين وعلماء المصريات والقوى الشعبية والوطنية بالغاء قرار مومياء توت عنخ امون الى القاهرة ، وجرى فحص المومياء باستخدام الأشعة السينية داخل منطقة وادى الملوك الأثرية فى غرب الأقصر حيث ترقد المومياء داخل مقبرة الملك المثير للجدل دائما .
وبعد عشر سنوات من اقتناع المسئولين بالمجلس الأعلى للاثار المصرية بان المومياء في حالة سيئة تستلزم عدم نقلها من الأقصر إلي القاهرة ، عاد قرار نقل المومياء الى الواجهة مجددا ليثير مخاوف الأثريين وعلماء المصريات وعشاق الاثار المصرية من تعرض المومياء للخطر فى حال تنفيذ قرار نقلها الى القاهرة
وبحسب قول الباحث المصرى أحمد ابو الحجاج فان المومياء فحصت ثلاث مرات ووجوب الاستفادة من هذه الفحوص حتى يتم معرفة كنه الفحص الجديد الذي تحتاج إليه ، قبل الاقدام على نقلها من مقبرتها وتعريضها لخطر التلف والضياع ، وبذلك فان قرار نقلها يعد كارثة كبري ومبرراته واهية وغير مقبولة .
وقال ممثلون للأوساط السياحية وأحزاب وقوى وطنية فى الأقصر بأنهم يرفضون قرار نقل مومياء توت عنخ امون من الأقصر ، وبحسب قول محمد عثمان الخبير السياحى ونائب رئيس غرفة وكالات وشركات السفر والسياحة فى الأقصر ومحمد صالح منسق اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية فى المحافظة فانهم سيتصدون لقرار نقل المومياء بكافة الطرق والوسائل القانونية ، قرار نقل مومياء توت عنخ امون من الأقصر الى القاهرة جعل أثريون مصريون يجددون تحذيراتهم من تآكل مومياء الملك توت عنخ آمون وتحولها إلى رماد خلال اقل من ثلاثين عام.
وقالت الباحثة المصرية الدكتورة خديجة فيصل مهدى أنها وعدد كبير من عشاق الاثار المصرية يؤكدون تبنيهم لوجهة نظر الدكتور احمد صالح عبد الله الباحث فى علوم المومياوات والتى تقول بأن مومياء توت عنخ آمون ستتحول إلى رماد خلال ثلاثين عاما بعد نقلها من التابوت الذي احتضنها أكثر من 3300 عام،إلى صندوق العرض الزجاجي آمون في الرابع من شهر نوفمبر من العام الماضي 2008 ، وبأن صندوق العرض الزجاجي الذي وضعت فيه المومياء لا يشكل حماية لها وقد جرى نقلها دون أية دراسة أو دراية بطريقة التعامل مع المومياوات .
يذكر أنه وبعد مرور ما يزيد على 33 قرنا من وفاته ، لا يزال الفرعون الذهبي توت عنخ آمون – 1354 – 1345 قبل الميلاد ـ ” الملك الطفل الذي نقل مصر إلى العالم ونقل العالم إلى مصر ، يثير الجدل بين المصريين وغيرهم من علماء المصريات في العالم . إذ يتصاعد الجدل بين علماء المصريات حول أسباب وفاته ، والكثير من تفاصيل حياته ، بجانب الجدل الدائر حول سبل الحفاظ على موميائه التي ترقد داخل مقبرته الشهيرة غرب الأقصر .
ومن أشهر المعارك التى دارت فى أروقة الأوساط الأثرية المصرية وعلماء المصريات فى العالم وأكثرها اثرة التشكيك فى مصرية توت عنخ امون ، ولأن توت عنخ آمون هو الأشهر بين ملوك الفراعنة بفضل كنوزه التي بقيت كاملة دون أن تصلها يد اللصوص فقد صار يغرى الكثيرين بالبحث في تاريخه ، لكن بعضا من نتائج تلك البحوث والدراسات لم تجد قبولا في الأوساط المصرية . مثل إعلان مركز بحوث اوروبى أن دراسة الحمض النووي وبعض خلايا أخذت من مومياء الملك توت عنخ آمون أثبتت انه غير مصري وأن أجداده نزحوا إلى مصر قادمين من بلاد القوقاز . وأن توت عنخ آمون ينتمي وراثيا لمجموعة تعرف باسم هابلوغروب R1b1a2 ينتمي لها كذلك أكثر من نصف الرجال في غرب أوروبا، الأمر الذي يعني أنهم وتوت عنخ آمون ينحدرون من النسل ذاته ، إذ طالب الأثريون والباحثون المصريون بالتحقيق في كيفية تسرب عينات أو شفرة الكود لجينات توت عنخ أمون إلى خارج البلاد وتحديد المسئول عن تسريبها ووصولها لمراكز بحثية في الخارج .
وقال الباحث المصري محمد يحيى عويضة أن عينات أخذت من المومياوات الفرعونية عرفت بالفعل طريقها إلى إسرائيل لفحصها بهدف خدمة أغراض دينية وسياسية . وأن “سكوت وود وورد”المحاضر بمعهد دراسات الشرق الأدنى القد يم بأورشليم – وهو المعهد التابع لجامعة بريجام يونج بولاية فلوريدا الأمريكية – قد حصل على 27 عينة من مومياوات ملوك مصر الفرعونية ويقوم بتحليلها بمفرده ودون آي مشاركة مصرية منذ عام 1993 وحتى اليوم 0 وان من بين الملوك الذين حلل سكوت الحمض النووي الذي آخذه من مومياواتهم “الملك أمنحتب الثاني ” أشهر فرعون رياضي ” و” الملك سقن رع شهيد حرب تحرير مصر من الهكسوس “و “الملك تحتمس الثالث 00نابليون الشرق الأدنى القد يم “0واضاف احمد صالح عبد الله أن أمريكي آخر هو ويلفرد جريجز قد حصل أيضا على 500 عينة من الهياكل العظمية لمومياوات مصرية قد يم بحفريات “فج الجاموس ” بمحافظة الفيوم.
وكشفت الباحثة المصرية دعاء معبد مهران عن المخاوف من خضوع مومياوات ملوك وملكات الفراعنة للفحص بمعرفة خبراء أجانب ومن أن عينات الحمض النووي المنزوعة من مومياء يمكن أن تتلوث بسهولة أثناء نزعها، وبالتالي يمكن أن تعطي نتائج مزيفة،مشيرًا إلي أنه يخشى أن تكون تلك الفحوص غطاءً لبعض الباحثين الذين يشككون في الحضارة المصرية، ويخدمون أغراضًا سياسية ودينية يهودية ، مشيرة الى أن كافة الأوساط الأثرية المصرية تعلن رفضها لأية محاولات أجنبية لفحص المومياوات المصرية، وسط مطالبات بإقامة مشروع وطني مصري لدراسة مومياوات الفراعنة على غرار المشروعين اللذين أقامتهما جامعتا واسيدا اليابانية ومانشستر البريطانية .
– تصريحات الأمين العام للمجلس الأعلى للاثار المصرية بشأن قرار نقل مومياء الملك توت عنخ امون من الأقصر الى القاهرة ، كان سببا فى حراك أثرى وشعبى واسع لوقف القرار ، والتحذير من المخاطر التى تنتظر المومياء فى حال نقلها ، والى تجدد الدعوات التى أطلقتها اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية وجمعية ايزيس الثقافية ومركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية و مثقفون وأحزاب الشعب الجمهورى والوفد وأثريون وخبراء سياحة لإعادة النظر في مناسبة التاريخ الحالي للعيد القومي لمحافظة الأقصر والذي جعل من يوم صدور قرار تحويل الأقصر إلى محافظة في 9 ديسمبر من عام 2009 عيدا قوميا . ليكون اليوم الذي اكتشفت فيه مقبرة الملك توت عنخ آمون في الرابع من نوفمبر عيدا قوميا للأقصر ليتناسب الحدث ومكانة الأقصر الأثرية والتاريخية والسياحية خاصة وانه التاريخ الذي كانت تتخذه الأقصر عيدا قوميا لها منذ فصلها عن محافظة قنا وتحويلها الى مدينة ذات طابع خاص في عام 1989 وحتى عام 2009 .
– يذكر أنه في يوم السبت الموافق للرابع من نوفمبر في عام 1922 كان العالم على موعد مع كشف من أعظم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين ، ففي الساعة العاشرة من ذلك اليوم وبينما كان المستكشف الانجليزي هوا رد كارتر – 1873 – 1939- يقوم بمسح شامل لمنطقة وادي الملوك الأثرية غرب مدينة الأقصر موفدا من قبل اللورد هربرت ايرل كارنافون الخامس – 1866- 1923 – عثر على أول عتبة حجرية توصل عبرها إلى مقبرة الملك الصغير توت عنخ آمون وكنوزها المبهرة . حيث عثر هوا رد كارتر على كنز توت عنخ آمون بكامل محتوياته دون أن تصل له يد اللصوص على مدار أكثر من ثلاثة آلاف عام ، إذ حوي الكنز المخبأ على مقاصير التوابيت وتماثيل الملك الصغير والمجوهرات الذهبية والأثاثات السحرية والعادية والمحاريب الذهبية والأواني المصنوعة من الخزف ، وقد أعطت محتويات المقبرة لعلماء الآثار فرصة فريدة للتعميق في معرفة طبيعة الحياة في عصر الأسرة الثامنة عشرة – 150- 1319 قبل التاريخ – والتي تعد فترة ذات أهمية خاصة في تاريخ مصر القديمة .