عرب وعالم
«زورخانه».. رياضة تقليدية فى إيران
منذ القدم وحتى يومنا هذا , تعرف فى إيران رياضة تقليدية تسمى “زور خانه” , والتى تعنى بالعربية (بيت القوة ) , وهو مكان أشبه مايكون ب “الحلبة ” حيث يمارس فيه الرياضيون والمصارعون هذه الرياضة التقليدية والحركات البطولية.
وفى ال 16 من نوفمبر عام 2010 , سجلت منظمة اليونسكو هذه الرياضة الإيرانية التقليدية فى قائمة تراثها المعنوى , وأيضا جاء فى موسوعة “بروك هاوس ” الألمانية وتحديدا فى مجلدها الخاص بالرياضة ,إن رياضة (زورخانه) الإيرانية هى من أقدم الألعاب الرياضية الخاصة بكمال الأجسام فى العالم .
وحسب مايذكر موقع “الإذاعة الإيرانية” , يعود تاريخ هذه الرياضة التقليدية إلى نحو 700 سنة مضت , و انشأها شخص يدعى محمود أو كما يعرف ب (بوريالى ولى ) ويبدو أنه كان من أهالى منطقة خوارزم , ولكن تشير الكثير من القصص والأساطير الإيرانية القديمة أن لهذه الرياضة جذور تاريخية عميقة .
وبعد انتشار الإسلام فى إيران , حظيت هذه الرياضة التقليدية بأهمية بالغة ومكانة شعبية خاصة ويرجع ذلك لمدى حيويتها وقوتها لإحياء القيم الأخلاقية النبيلة والمألوفة فى الهضبة الإيرانية كالتواضع , والأخوة , ومساعدة الأخرين .
وأيضا استخدمت “زورخانه” كحافز لحث الإيرانيين على التصدى للأجانب وإحياء اللغة والثقافة والحضارة القومية لديهم .
ومن الناحية المعمارية , يبنى سقف ” زور خانه ” على شكل القبة , وأرضيته أكثر عمقا من أرضية المبنى , وأما باب ” زور خانه ” قصير جدا , مما يجعل كل من يريد الدخول فيه ينحنى , والسبب فى بناء هذا الباب قصيرا هو وجوب الإنحناء من قبل الرياضين والمصارعين والمتفرجين كنوع من الإحترام والتكريم للرياضة .
وتتوسط مبنى ” زور خانه ” حفرة تبنى عادة ثمانية الأضلاع وأحيانا سداسية , ويبلغ طولها 4أو 5 أمتار وعرضها 4 أمتار , فيما يصل عمقها لنحو متر واحد ,وتغطى طبقات من التراب الصلصالى قاع الحفرة لتمهيدها حتى تصبح ناعمة لممارسة الرياضة فيها , إلى جانب رش الحفرة يوميا بقليل من الماء وقبل البدء فى ممارسة الرياضة أيضا .
وأما عن جدران الحفرة , يتم طلاؤها بمخلوط من التراب الأحمر ومسحوق الكلس وألياف القصب أو ما يعرف بالفارسية (ساروج) , وتغطى حافتها بالخشب بدلا من الطوب وذلك تفاديا لجرح أجساد اللاعبين أثناء ممارسة الرياضة , وتحيط بتلك الحفرة غرف يجلس فيها المتفرجون ويضع فيها اللاعبون والمصارعون حقائبهم الرياضية وأمتعتهم الشخصية ويرتدون الملابس الخاصة بهذه اللعبة .
ويعد (نثر الورود) من أحد المراسم والإحتفالات التى يشهدها ” زورخانه” , وتكثر إقامة هذا الإحتفال الرياضى عادة فى ليالى شهر رمضان وكذلك للإحتفاء بالأبطال المعروفين والمخضرمين الكبار وتكريمهم , وتشهد هذه المراسم تزيين جدران ” زورخانه” بالورود وتقدم الحلويات والفاكهة للضيوف , ومن ثم تبدأ الإحتفالية التى يتخللها ممارسة بعض الألعاب الرياضية ومصارعات بين عدد من المصارعين المعروفين وتختتم بحديث أقدم اللاعبين المخضرمين عن اللاعب البطل الذى أقيمت إحتفالية (نثر الورود) تكريما له .
ولاتغيب الصبغة الشيعية عن هذه الرياضة التقليدية , حيث توجد بعض التقاليد والطقوس الخاصة والتى تتمثل فى إتباع اللاعبين للأبطال والشجعان الأسطوريين فى إيران وخاصة فى التأسى بشخصية الإمام (على بن أبى طالب ) , ممايحدث جوا من الحماسة والقوة فيما بينهم , ويتجسد ذلك فى الأناشيد والأشعار والقصص التى ينشدها شخص يدعى (المرشد) , وتصاحب أناشيد وقصص المرشد موسيقى إيقاعية تصدر عن ضرباته على الطبل والدف , والتى تطرب مسامع اللاعبين والمصارعين المشاركين مما يجعل حركاتهم تتناغم مع الموسيقى والعبارات التى تخرج عن لسان المرشد , ويتم الإستعراض بشكل جماعى أو فردى .
ويذكر أن جميع الحركات الرياضية والعروض التى ينوى اللاعبون ممارستها لايسمح ببدئها إلا بإذن و موافقة المخضرمين الكبار ممن يحضرون إلى ” زور خانه” , والشعار الذى يخص هذه الرياضة التقليدية الإيرانية هو (تربية الروح والجسم ).