مصر الكبرى
هل كان مبارك فاسدا بالفطرة أم أفسده مجتمع فاسد ؟
نتحدث كثيرا عن فساد النظام السياسي وعن جزء صغير منه هو النظام الحاكم الذي اثبت بالممارسة انه فاسد بامتياز ومع ذلك يبقى السؤال أو تحدي الثورة هو تعريف الجزء الفاسد الذي نثور عليه، هل هو مجتمع فاسد أم نظام فاسد وهل كان المجتمع نقيا فافسده النظام أم المجتمع بمناخه ودرجة حرارته هو الحاضنة المناسبة للفساد. بمعني أن الفساد كطفل ولد في الشهر السادس أو السابع ويحتاج الي حاضنة بدرجة حرارة معينة ومناخ محدد وطريقة تغذية دقيقة،
فهل كان المجتمع هو تلك الحاضنة المناسبة لنظام مبارك وكان المجتمع هو المسؤول عن استمرار الفساد ومنحه فرصة الحياة والنمو ؟ الفساد كان شجرة صغيرة قدمنا لها الجو المناسب وسقي ناها وترعرعت لتصبح شجرة فساد عملاقة.عندما كان مبارك في بيئة الجيش المنضبطة كان رجلا عسكريا محترفا وما أن خرج من الجيش ودخل البيئة الجديدة الفاسدة حتى اصبح كائنا فاسدا. إذن مبارك ليس فاسدا بالفطرة بل أفسده المجتمع. لم يتم تبريك المجتمع أي تحويله الي فساد مباركي ولكن تم تمصير مبارك وإفساد قائد عسكري وتحويله الي دكتاتور فاسد. هذا الحديث لايهدف الي الحديث عن مبارك ولا يجب أن يتحرش أنصاف المثقفين بالفكرة، فالهدف هو أن نعترف أن الثورة التي نجحت في إزاحة الجز الصغير من الفساد المتمثل في زمرة مبارك والطغمة الحاكمة لم تنجح بعد في الثورة على الفساد الأكبر المتمثل في مواجهة مجتمع فاسد. هزمنا الفساد الاصغر وامامنا الثورة عل الفساد الاكبر. المجتمع أفسد مبارك وإذا ترك المجتمع على ما هو بمنظومته القيمية الحالية سيفسد مرسي ومن يأتي من بعده. الفساد مناخ وبيئة وهذه البيئة وهذا المناخ مازال قائما. أي كان كلام الإخوان عن ربنا وعن الدين والسجود والركوع، المجتمع الفاسد ينتج حكما فاسدا. وسيفسد الإخوان كما افسد مبارك. سيكون هناك حوارا طويلا عن هل مبارك أفسد المجتمع أم أن المجتمع أفسد نظام مبارك؟ هل مبارك جعل ابن الفراش فراش وابن الأستاذ مدرس وابن القاضي قاضي وابن الضابط ضابط كي يسهل على الناس قبول التوريث أم أن التوريث كفكرة ورد على خاطر مبارك عندما رأي أن كل يورث ابنه في موقعه وسأل نفسه لماذا لا ينطبق هذا السلوك على أيضاً؟ . أنا شخصيا انحاز الي فكرة أننا مجتمع فاسد ونجحنا في إزاحة الجزء الحاكم من الفساد ولكن بيئة الفساد باقية وتربة الفساد باقية وبذرة الفساد في الأرض وجميعنا جاهز لري الفساد كي يترعرع في النظام الجديد . فهل لدينا الجرأة للقيام بثورة على مجتمع فاسد ومنظومة قيمية رثة دونما قلب القال على رأسة فيصبح المقال هو فندي يتهم المجتمع بالفساد بدلا من مواجهة انفسنا بما فينا من عفن لا يختلف كثيراً في النوع ولكن في الحجم عن مبارك ونظامه؟