المشاغبين للمرة الألف ؟؟؟؟

أما تصريحه الثانى فهو يتسم بطابع أخلاقى صرف وهو حكاية فيلم «حلاوة روح»، الذى أثار إيقافه ضجة لا يستحقها الفيلم، ثم نأتى لتصريحه الثالث (الأهرام السبت 19 إبريل ــ عندما يغضب المجتمع لا يمكن أن أقف موقف المتفرج ولا أتعامل مع هذا الغضب، مشيرا إلى وجهة نظره فى أن مسرحية مدرسة المشاغبين قد أسهمت فى تدمير قيمة المدرس فى المجتمع المصرى). لقد لعبت مسرحية مدرسة المشاغبين دوراً شديد الأهمية فى تاريخ الكوميديا المصرية، غير أنها لعبت دوراً أكثر أهمية بالنسبة لرجال السياسة الباحثين عن شماعات وهمية يعلقون عليها متاعبهم ومتاعب المصريين.

إننا إذا صدقنا حرفاً واحداً مما تقوله هذه الاتهامات، فمعنى ذلك أننا نقرّ ضمناً باستحالة حل مشاكل مصر والمصريين. لقد أضاعت هذه المسرحية القيم فى حياة المصريين، وحلول مشاكلنا تتطلب العودة إلى اعتناق هذه القيم، وهو الأمر المستحيل.. لذلك نستطيع أن نقول إننا رحنا فى داهية إلى الأبد بسبب هذه المسرحية اللعينة.

مدرسة المشاغبين عرض مسرحى كوميدى، هى ليست مبحثاً من مباحث الأخلاق، أو السياسة، كما أنها ليست نظرية فى أصول الحكم، هى أيضا ليست مانيفستو سياسياً أو اجتماعياً يحدد للبشر طرق الحياة التى يجب أن يسيروا فيها. مدرسة المشاغبين عرض مسرحى لا يزعم لنفسه شيئاً غير موجود به، تماماً كما أن كنتاكى تبيع أنواعاً من الفراخ المقلية. لا أحد يجرؤ على القول بأن كنتاكى لعبت دوراً مهماً فى تدمير قيمة الفراخ المشوية، إلى الأبد سيظل البشر يشوون الفراخ ويخترعون طرقاً؛ لذلك من المستحيل أن نتهمها بأنها قضت على تراثنا القديم فى شىّ الفراخ على الفحم مثلا.

ولا شكسبير يستطيع الزعم بأن مسرحية له تمكنت من تغيير أساليب البشر فى التفكير بشكل أكثر إيجابية أو سلبية. مَن مِن بين كتاب الكوميديا فى كل محطات التاريخ، وفى أى مكان، يستطيع الزعم بأن مسرحية له غيرت قيماً مستقرة عند الناس؟

أنا أزعم أن هذه المسرحية، بالتحديد، كنت فيها أكثر اهتماماً بترسيخ القيم الإنسانية عند الشباب. المشكلة الحقيقية فى هذا العرض كانت العجز عن تغطية مساحات كبيرة من النص المسرحى، وذلك بسبب التأليف الفورى الذى يبحث فقط عن الضحك، ستتاح لك الفرصة لقراءة النص المسرحى عما قريب، عندها تعرف كم كانت كوميديا جادة مهمومة ومهتمة بمشاكل الشباب فى مصر.

السياسة ورجالها ونساؤها هم، فقط، القادرون على إصدار قرارات تشعرك بالكبرياء، كما تستطيع أن ترسلك إلى التحكيم الدولى لتدافع عن قراراتها وقوانينها ولوائحها فى قضايا القطاع العام الذى باعته الحكومة ثم رجعت فى كلامها كما الأطفال الذين لم يشاهدوا مسرحية مدرسة المشاغبين. فى جلسات التحكيم هذه، تستطيع أن تقول بحماسة: يا حضرات القضاة.. لقد اتضح للحكومة المصرية أن المسؤول عن هذه الأخطاء هو الموظفون الذين شاهدوا مدرسة المشاغبين عدة مرات متعاقبة.