كتاب 11
أبريل يبحث عن كذبة!!
مرت سبعة أيام من شهر أبريل من دون كذبة، أقصد من دون كذبة يصدقها بعض الناس بعض الوقت، تعودنا في كل سنة أن تُطلق واحدة تحقق درجة ذيوع وانتشار عالية وتتناقلها أجهزة الإعلام باعتبارها حقيقة وبعد ذلك تبدأ مرحلة تكذيب الكذبة.
دائما مبارك منذ إزاحته عن الحكم وهو هدف رئيسي ومضمون لأبريل (نيسان)، هذا العام أشاعوا رحيله وقبل انتشار الشائعة خرج للرأي ونُشر له حديث صحافي أعلن فيه انحيازه للسيسي رئيسا قادما وهاجم منافسه صباحي، وترك الناس في حيرة في تفسير هذا التأييد، هل هو لصالح السيسي أم أنه سيجعل الشباب الذي شارك في ثورة 25 يناير (كانون الثاني) يرى أن مبارك وعهده من الممكن أن يطل مرة أخرى على المشهد السياسي.
قبل عامين كان مبارك أيضا هو الشائعة وربطوا بينه وبين عادل إمام مؤكدين أن الأخير سوف يقدم حياته في فيلم ينصف فيه مبارك، كان هذا في بداية حكم مرسي وعلى الفور فإن عادل أول من سارع بإعلان أنها كذبة أبريل، ربما لو ظهرت الشائعة هذه الأيام مع تغير قواعد اللعبة السياسية لانتقل موقف عادل من التكذيب إلى التأييد.
صباح أيضا كانت هدفا مضمونا للشائعات في أبريل، مثلا قبل ثلاثة أعوام شاركت صباح مع كوافيرها الخاص جوزيف غريب في الترويج للكذبة وأعلنا الزواج، كثرة مرات زواج صباح أدت إلى تورط الصحافة والفضائيات التي ساهمت في ذيوع الخبر وانتشاره وبالتالي نجاح اللعبة حيث رددوا كلمات الزوج أقصد الكوافير الذي صرح قائلا: «صبوحة هي حياتي من يقترب منها مقتول مقتول».. كما أن صباح أفاضت في البوح بتأجج مشاعرها وهي تقول لأول مرة في حياتي أرتدي فستان الفرح الأبيض وهي تتغزل في عواطف جوزيف الملتهبة التي ملأت عليها الدنيا، ثم اكتشفنا أن صباح وجوزيف بالاشتراك مع طوني خليفة المذيع اللبناني الشهير كانوا يلعبون لعبة «عريس وعروسة» وأن هذه مجرد دعاية لمجلة فنية يرأس تحريرها طوني. تمتع الإنسان بروح الدعابة هو أحد مظاهر الصحة النفسية والصبوحة لا تزال لديها هذه الروح.
ومن أشهر أكاذيب أبريل ما نشرته صحيفة «الأخبار» قبل نحو 40 عاما في بداية بزوغ نجومية هاني شاكر ومحاولة البعض عقد مقارنة بينه وبين عبد الحليم الذي كان وقتها يقف على القمة منفردا، أكد الخبر أن عبد الحليم سوف يكشف في معهد الموسيقى بالدليل العملي أن هاني يضع «زمارة» في حنجرته ليقترب في الأداء من صوته، وكان الخبر المقصود منه تلميع هاني وإثارة غضب عبد الحليم وعندما اتصل برئيس التحرير مهددا بإقامة دعوى قضائية، قال له: «لقد كتبنا خبرا يشير إلى أن اليوم هو أول أبريل ولا تُصدق كل ما ينشر».
الناس تعشق أحيانا الكذب، تبحث عن الكذبة لأنهم يجدون في بعضها ملاذا لهم يصدقونها لأنها تعبر أحيانا عن شيء في اللاشعور يتمنون حدوثه.
لا أحد يستطيع أن يقول وهو مرتاح الضمير بأنه لم يكذب يوما في حياته، جزء كبير من الفنانين يتعاملون مع الكذب باعتباره أحد أسلحة الدفاع عن بقائهم في مركز متقدم على الخريطة الفنية، فهم مثلا كثيرا ما يبالغون في إيرادات أفلامهم، لا أحد يعترف أن فيلمه المعروض حقق إيرادات أقل من فيلمه السابق، دائما ما يعلنون أن المؤشر في صعود، ويبالغون في أجورهم التي يتقاضونها، شيء واحد حريصون على تقليله وهو أعمارهم حيث تنخفض كثيرا عن حقيقتها الموثقة، وهي كذبة لا تنتظر أبريل حيث تتحول كل شهور العام في هذه الحالة إلى أبريل!!