مصر الكبرى
الصناعات البيئية في محافظة قنا
كتبت : خديجة فيصل -  باحثة إعلامية
تعد الصناعات البيئية والموروثات التراثية بمختلف أنواعها وأشكالها لونا من ألوان الثقافة المادية والاجتماعية لأي مجتمع ، وأحد أهم الروافد الذاتية المستوحاة من واقع البيئة المحيطة ، وابرز العوامل الفاعلة للقضاء على مشكلة البطالة للشباب الباحثين عن عمل يسهم في النهوض بهذه الحرف التقليدية والحفاظ عليها من الانقراض .
لذا تحرص محافظة قنا – إحدى محافظات جنوب صعيد مصر – على استمرار ازدهارها باعتبارها موروثا تاريخيا .  إذ بها عدد من الصناعات البيئية والحرفية المختلفة التي لم تنظمها هيئة حكومية ولا تمولها منظمة اجتماعية ، تشعر فيها بعبق التاريخ وعبير الحضارة متمثلا  :  في مصنع الخزف في قرية جرا جوس بمركز قوص التي تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل .  الذي يعد أقدم مصنع ينافس العالم في صناعة الخزف اليدوي . يعود تاريخ إنشاء ه إلى حقبة تاريخية مضيئة من تاريخنا المعاصر وهى حقبة الخمسينيات في  عام 1954 م وكان صاحب الفكرة الراهب الجزويتى / استيفان دى مونجولوفييه  ، وبناه المعماري الشهير المهندس / حسن فتحي صاحب تجربة العمارة الشعبية ، الذي جاء من باريس خصيصا لتدريب أربعة من الفنانين على العمل بهذا المصنع حتى تبوأ هذه المنزلة على مستوى الوطن بل ومستوى العالم   .  يقول  الفنان / نصير رنان بخيت – أقدم حرفي داخل الورشة حيث تجاوز (70 ) عام – كل البنايات الموجودة في المصنع مبنية من الطوب اللبن لكي تلاءم الصناعة التي أنشئت من اجلها هذه البنايات على شكل يأخذ شكل القباب . ويعود بنا رنان إلى الوراء ويقول لقد كنا نشترى الطن من الطين الاسوانى ( المادة الخام لصنع الخزف  ) بسعر 25 جنيها للطن من القطاع العام بعد استخراج تصريح موقع من رئيس الوزراء آنذاك ممدوح سالم ، ثم يستيقظ على الواقع المؤلم فيقول أن الطن قد أصبح بسعر أكثر من 500 جنيه للطن بعد خصخصة الشركة التي كانت تورد المادة الخام . وعن التسويق يتذكر رنان العصر الذهبي للمصنع حينما كان يعج بالسائحين اللذين كانوا يأتون في أفواج إلى المصنع لكي يستمتعوا بشراء منتجاته . ولكن الآن توقفت حركة السياحة فاقتصرت حركة التسويق على الزيارات الفردية للسائحين بالإضافة إلى المعرضين اللذين يقامان في شهري مايو وديسمبر بالقاهرة والإسكندرية .  وعن المنتجات يقول الفنان / فواز سيدهم سيفين أن المصنع كان في الماضي ينتج التماثيل للسائحين وكذلك أطقم الشاي والسفرة  أما الآن فقد تغير الحال وأصبح المصنع ينتج الأطقم فقط ولذلك تقلص عدد العمال إلى أربعة يعملون على فترتين الأولى تبدأ من الثامنة صباحا حتى الثانية عشر ظهرا ، والثانية تبدأ من الثانية مساءا وتنتهي السادسة مساء . وعن طريقة الإنتاج أخذنا فواز في جولة داخل المصنع الذي يتكون من ثلاثة بنايات : الأولى منها للمعرض ، والثانية لفرن الحرق ، والثالثة لأعمال تشكيل الطين والرسم . حيث يمر العمل في المصنع بعده مراحل وهى المتعارف عليها في صناعة الخزف : المرحلة الأولى هي تجهيز الطين وإعداده للتشكيل منذ جمعه أحجار وحتى يصل شكله كعجين متماسك ثم تخزن داخل الحجرة المجهزة لذلك ، ويتم بعدها إعداد الطين حسب الحاجة فيتم تصفيه الطين من الهواء حتى لا تكسر القطعة أثناء جفافها أو حريقها .أما المرحلة الثانية هي تشكيل الطين على عجلة . يليها المرحلة الثالثة التجفيف ولها أهميتها فعدم جفاف الشكل جيدا يؤدى إلى كسره أثناء عملية الحريق . ثم تأتى المرحلة الرابعة وهى الحريق الأول الذي يحتاج لرص الفرن وتسمى بمرحلة التجليز وهى المرحلة التي تميز إنتاج جرا جوس فألوان جراجوس مميزة وهى مرحلة الحريق الثاني الذي يكون أهم ما فيها خروج اللون بعد الحريق كما هو متوقع فالألوان لو تم شراؤها مغشوشة يخرج الشكل اسود أو رمادي أو بدون لون واضح . جميع مراحل العمل في المصنع تصنع من الخامات الطين أي طينات للتشكيل الذي يتم تحضيره باستخدام خلاط الطين ،  وخامة الجليز . فاستخدم أبناء جراجوس الطين الاسوانى الأحمر الغنى بأكسيد الحديد وهو من الطين الذي استعمله القدماء المصريون في تشكيل أوانيهم واحتياجاتهم الفخارية .  فالورشة لا تستعمل طرق التشكيل بالضغط أو الحبال بل تعتمد على القوالب بشكل رئيسي فاغلب أطباق الفرن سواء المربعة أو المسدسية أو البيضاوية أو اى شكل خارج الدائرة تعد له القوالب . واغلب أشكال الخزف تدور حول تشكيلات تمس المعتقدات القبطية والشعبية مثل الأشكال النحتية الكاملة التي تمثل العذراء والقديسين والصلبان . وتشكيلات تمس البيئة بجراجوس مثل الأشكال النحتية الآدمية كالفلاح والفلاحة والزى الريفي والرموز النباتية والحيوانية و الهندسية . وتشكيلات أخرى تمس خيال الحرفي مثل المسيح على صليب يرتدى جلباب أو رمزية الهلال والشمس والقمر وغيرها .ليصبح أشهر ما ينتجه المصنع هو أطقم الشاي والقهوة والطواجن ومغارات عيد الميلاد وأطباق للآكل والسرفيس والتماثيل التي تمثل البيئة وغيرها ….  وعن الأدوات المستعملة في تلك المراحل فهي متمثلة في أدوات الرسم والحفر والتفريغ وأدوات أخرى مع الحريق . من هنا تأتى شهرة منتجات جراجوس من حيث التوقيع أسفل المنتج باسم القرية بالعربية أو الانجليزية أو الفرنسية سواء بالكشط بعد دهان الجليز النىء أو بالكتابة على السطح الفخاري المحروق . فقد حظي المصنع بزيارة ملك السويد في عام 1986 م .  
لذا يظل هذا المصنع رغم المتغيرات السياسية والاقتصادية والأمنية شاهدا على عبقرية الفنان المصري الجنوبي الذي وظف إمكانيات البيئة المحيطة في مجال الفن التشكيلي . و مدى تمسك الفنان المصري بتراث أجداده مهما تغيرت الأحوال وتغير الزمان لتظهر لنا الحكمة الإلهية وهى أن الإنسان ما خلق إلا ليعمر الكون ويكشف عما به من أسرار من خلال سبره لأغوار طبيعة تميزت بالعطاء منذ قديم الزمان .  
كذلك يوجد في محافظة قنا عدد من نماذج مدارس الفطرة الإنسانية متمثلا في مركز نقاده الذي يعد من أشهر مراكز المحافظة في إنتاج  صناعة الفــركــة  وهى عبارة عن  شال من الحرير المصنع يدويا  والتي تمثل اعتقادا دينياً في بعض الدول الأفريقية بأنها تجلب البركة . ويقدر عمر هذه الصناعة  بآلاف السنين تمتد إلى الفراعنة رأسا ويقال إنها كانت حكما على المحكوم عليهم بالسجن أو الإعدام أيام الفراعنة نظرا لمشقتها وجلوس الصانع على النول لساعات طويلة . يطلق عليها الفركة أو كما يقولوا أصحابها صنعة الستر لأنها تستر ولا تغنى ، وتتميز بأنها صنعة عائلية تمارسها الأسرة بجميع أفرادها في المنزل الريفي ، المبنى من الطوب اللبني . لذا تجد في نقادة لا يخلو منزل من نول أو أكثر لصناعة الفركة التي تصدر للسودان ولا توجد أسرة لا يعمل أفرادها في صناعة النسيج ، حيث يعمل  أكثر من 25000 فنان فطرى في هذه الصناعة . لذا تعد نقادة المصدر الوحيد على مستوى العالم لهذه الصناعة الفريدة التي ورثوها عن أجدادهم الفراعنة واحتكروها بحرفيتهم ومهارتهم فيها . وفى الوقت نفسه كانت وما زالت مصدرا متميزا للدخل القومي ومصدر الرزق الاساسى لكل اهالى نقادة . وبالكشف عن أسرار هذه الصناعة العتيقة التي تمتد إلى أغوار الماضي السحيق . يقول عماد عبده سيدهم مسئول العقود والمشتريات بالوحدة المحلية بقرية نقادة ، أن صناعة الفركة تعد الصناعة الأولى بالمدينة حيث يبلغ عدد الأسر المشتغلة بهذه الصناعة 600 أسرة بنقادة وقرية الخطاره وتوفر حوالي 3000 فرصة عمل تبعا لمراحل الإنتاج اغلبهم من السيدات وكبار السن . ويتذكر العصر الذهبي للفركة السودانية ، حيث كانت تصدر إلى السودان وكان يقدر الإنتاج سنويا حوالي 700 ألف قطعة فركه تقدر قيمتها حوالي أربعة مليون دولار وكان عدد العاملين بها 10000 أسرة بالمدينة والقرى المجاورة وعدد الأنوال 5000 نول وكانت تجلب الخيوط من شركة اسكو وشركة مصر للحرير الصناعي بكفر الدوار أما الآن فتستورد الخيوط من الصين والهند وتعتمد هذه الصناعة في أسعارها على استقرار الأحوال الاقتصادية التي إذا كانت مستقرة كان دخل الأسرة من الصناعة حوالي 300 جنيه شهريا أما في حالة التغيرات الاقتصادية يقل دخل الأسرة إلى 80 جنيها شهريا وقد توقف تصدير الفركة إلى السودان في نوفمبر عام 1987 وانعكس ذلك على الحالة الاقتصادية بالمدينة ويلتقط الأستاذ عبدا للاه زين العابدين مدير العلاقات العامة بالوحدة المحلية بمركز نقادة طرف الحديث فيقول إن هذه الصناعة تحتاج إلى مد يد العون من الشعبيين والتنفيذيين على مستوى المحافظة للنهوض بتلك الصناعة حتى يمكن رفع المعاناة عن هذه الفئة وللحفاظ على هذه الصناعة التراثية عن طريق عودة تصدير الفركة السودانية مما يحقق حياة كريمة للمواطنين . وعن جهود المحافظة في مجال الفركة انه تم تدريب 40 شابا وفتاة من حملة المؤهلات المتوسطة لمدة ستة شهور في عام 2005 بمكافأة قدرها 130 جنيها شهريا للمتدرب ووصلت تكلفة هذه الدورة التدريبية إلى 100 ألف جنية. المدينة تنتج الفركة الدرمانى والسياحية والملاءة الاسناوى ( الحبرة ) بالإضافة إلى بعض أنواع الأقمشة مثل المبرد .ويضيف قائلا انه في الخمسينات من القرن الماضي كان يعمل بهذه الحرفة 90% من سكان المركز حيث كانت تقام الأفراح في يوم التصدير ، نظرا لان المدينة تصبح خلية نحل ويدب في شرايينها النشاط .  وعن الخامات تقول – عفاف برنابة هارون صاحبة ورشة منزلية تتكون من ثلاثة أنوال احدها لصنع الملاءة الاسناوى والثاني للفركة الدرمانى والثالث للشال المنقوش – أن الخامات تتكون من خيوط حرير أو غزل ( فبران ) تستورد من الصين أو الهند أو خيوط من الصوف وتبلغ لفة الحرير ( 4 كيلو ونصف بمائة وعشرة جنيهات ) وتصبغ ، وهناك أيضا خيوط من القطن مصبوغة سعر الكيلو 10 جنيه وهى متوافرة في الأسواق . وعن طريقة الصناعة تقول أنها تبدأ بصبغ الخيوط بألوان مختلفة في عجانيه من الألومونيوم ويصبغ فيها 10 كيلو في المرة الواحدة ثم تبدأ مرحلة لف الخيوط وتقوم بها السيدة وداد سدراك ناشد ( أمها ) وتبلغ من العمر 70 عام وقد أخذت الحرفة عن أجدادها وتعمل بها منذ 60 عاما ، ثم بعد ذلك مرحلة السدوة ثم بعد ذلك تلف الخيوط ثم تصل إلى مرحلة اللقاية حيث تدخل الخيوط في النير وبعد ذلك في المشط ثم بعد ذلك مرحلة التصنيع بالمكوك على النول ومن العجيب أن المكوك به ريشة حمام صغيرة لا يتم العمل إلا بوجودها ثم بعد ذلك يعرض الإنتاج للجماهير . وتقول كريستين برنابة هارون المتخصصة على نول منتج القماش الشال المنقوش أنها تعمل من الثامنة صباحا وحتى الخامسة مساءا وتصنع قماش المبرد وشال الكهنة وتتقاضى عن ذلك أجرا زهيدا يقدر بحوالي 6 جنيها عن القطعة الواحدة . وعن التغطية الإعلامية يقول فادى جاد الرب ابادير ( تاجر ) إن هذه الصناعة حظيت بتغطية إعلامية كبيرة حيث سجلت بعض القنوات مثل دريم والراى والثانية والثامنة حلقات عن هذه الصناعة كما انه كان يفد على المدينة وفود سياحية من رومانيا للتعرف على هذه الصناعة . وعن تجارته يقول انه يجمع الإنتاج من كل الأنواع ويقوم بتسويقها بالمدن السياحية مثل الأقصر واسنا وأسوان وكومومبو وادفو والغردقة وشرم الشيخ . وتقول شيماء المهدي باحثة في التراث الشعبي أن الفركة زى فرعوني يتباهى به الرجال والنساء على السواء لذا لابد أن تقوم محافظة قنا باتخاذ عدة إجراءات من شانها الحفاظ على هذه الصناعة القديمة من الاندثار ومن أهمها إقامة مراكز تدريب للشباب والفتيات للعمل بهذه المهنة مع توفير الاحتياجات اللازمة لهم . بالإضافة إلى الاستعانة بالتجارب المماثلة لإيجاد مسار جديد يحفظ للحرفي استمراريته ويحافظ على إنتاج حرفته اليدوية في وجود سوق نامي.  
وفى حضن الجبــل امتازت قرية حجازه قبلي بمركز قوص بمشغولاتها وثروتها الخشبية وخاصــة خشـــب ( السرسوع – كاى – ابق – اتل – توت – جميز – وبعض أشجار الموالح ) وهى الأنواع التي استخدمها قدماء المصريون في تشكيل أوانيهم وتوابيتهم ومراكب الشمس ومن أهم عناصر هذه الحرفة التي امتازت بها قوص بمركز تدريب جمعية الصعيد للتربية والتنمية في أعمال النحت والنجارة الذي يعد أنموذجا رائعا لتوظيف الفن لخدمة الصناعات والمجالات الأخرى ينمى الفكر الابداعى لتطوير الأشياء المنتجة أو التي يراد إنتاجها .
يعود تاريخ النحت في حجازه قبلي إلى عام 1989 م وقد ادخله الراهب الفرنسي / بطرس ايون حيث كان أول من ادخل تلك الأعمال إلى قنا . بينما يعود تاريخ إنشاء المركز إلى وقت قريب وبالتحديد في عام 2002 م .كما يقول جمال بشير مدير المركز والذي تحدث عن المواد الخام فقال : أن المركز يعتمد على الأخشاب ولا سيما خشب السرسوع وتعتمد سياسة المركز على تخريج دفعة تتكون من أربعين إلى خمسين طالب كل سنتين ويصبحون بعدها قادرين على أعمال النحت والنجارة ، ولكنه يخشى من عدم توافر المواد الخام من الأخشاب اللازمة للمركز مستقبلا ، مما يؤدى إلى انتهاء تلك الصناعة كما انه يشكو من قله عدد المتدربين نظرا لان سياسة المركز لا تعطى المتدرب عائدا ماليا إلا إذا أصبح قادرا على إخراج الأعمال الخشبية بمهارة فيؤخذ عن القطعة 25% من ثمنها .  ويعد المركز تحفة معمارية حديثة في الصحراء الشرقية حيث يتكون من مخزنا للأخشاب عبارة عن فناء واسع ثم منشار خاص تقطع به الأخشاب ثم تجهز داخل غرفة الماكينات ثم غرفة النجارة فغرفة النحت ثم الرسم ثم غرفة عرض الموبيليات وغرفة عرض الأعمال الخشبية . يعمل بالمركز حوالي 7 أفراد منه ثلاثة مدربين لأعمال النجارة والنحت والموبيليا والتي يتخصص في إنتاجها المركز . وقد تخرج منه حتى الآن حوالي 100 متدربا لكن اغلبهم اتجه نحو مهن أخرى تدر عائدا ماليا أعلى . ويتبع المركز جمعية الصعيد للتربية والتنمية ، تلك الجمعية التي تهتم بنوعين من المجالات هما مجالين التربية والتنمية وفى هذا الإطار أقامت الجمعية نحو 40 مدرسة كما انه لا يوجد نظير للمركز في الصعيد سوى في ابوقرقاص بالمنيا .  وعن المنتجات قال بشير أن المركز ينتج المشغولات الخشبية والموبيليا وأعمال النجارة وتتجه جميعها نحو إلى فئة خاصة وهى السائحون ، مما يعرضها إلى الركود إذا تراجعت حركة السياحة . وعن المشاكل والمعوقات قال بشير انه رغم تلقى المركز دعما أدبيا من المحافظة إلا انه يحتاج إلى دعما أكثر ، كما انه يتخوف من نقص الخامات المتمثلة في الخشب مستقبلا ، مع قله حركة التسويق كانعكاس لتراجع حركة السياحة . وعن الحلول المقترحة اقترح مدير المركز مساعدة الشباب المتدرب الذي ينهى فترة تدريبه في المركز عن طريق الصندوق الاجتماعي لفتح ورش أخشاب في المستقبل وللتغلب على مشكلة نقص الأخشاب مستقبلا فيطالب بإقامة غابات شجرية للتخلص من هذه المشكلة وللتغلب على مشكلة قلة المتدربين حيث انه لا يوجد في المركز الآن سوى 15 متدربا يأمل في إقامة بروتوكول للتعاون معم المركز من خلال الجمعيات الأهلية والتعليم الفني . لا سيما أن المركز لا يبعد سوى أمترا قليلة عن مدرسة حجازة الثانوية الصناعية .
إذن بفكر فرنسي وأيدي مصرية خالصة وخامات جنوبية تكتظ بها بيئة الجنوب ، استطاع الفنان الجنوبي أن يشحذ زناد فكره ليخرج لنا أروع اللوحات الفنية الخشبية مستخدما موهبته الفطرية وطاقاته الإبداعية .
ومن الحرف التقليدية التي لها طابع متميز في مجتمع قنا المتماسك لتقاليده وأعرافه المتوارثة العربية الأصيلة  صناعة الفخار  ويقصد بها صناعة الاوانى الفخارية المفرغة ويصنع من طمي الأنهار أو من تراب الطفله بعد أن يضاف إليهما الماء فيصبح عجينة أو طينة (وتتعدد أنواعها ) ويتم تشكيل العجينة يدويا أو على الدولاب الدوار ، ثم تجفف على الشمس وتحرق في الفرن الحرقه الأولى ، وفى هذه الحالة يسمى المنتج بالفخار .
والطين الذي يصنع الفخار منه الأحمر الذي أصبح فخارا بعد حرقه بالنار ( القمائن ) أو الأسود ، وكان يزين يصقل قبل الحرق أو بعده ويلون باكاسيد المعادن ، يحرص العاملون على حفظه بعيدا عن الماء .
يقول الحاج أحمد عبد العزيز عن المنتجات أن قرية الترامسة والمحروسة بمركز قنا وقرية الشيخ على بمركز نقادة من أشهر قرى محافظة قنا في إنتاج الفخار أو البلاص فهناك العديد من أشكال الإناء المصري الشعبي وصوره وأحجامه فيوجد الإبريق والزير والبلاص وإبريق المواليد وقله السبوع المعروفة وغيرها ، فزين الإناء بوحدات زخرفيه بسيطة وتمتاز ألوانها بقوتها وجرأتها ، ويلتقط طرف الحديث الأستاذ احمد عبد الكريم متحدثا عن تعدد أنواع الاوانى الفخارية لتشمل أغراضا متعددة منها لحفظ السوائل وتخزين الغلال وحفظ الطعام وحفظ الزهور والطبول . وقد يطلق على العاملين فيها اسم ( الفخـرانية ) . فيــوجــــد ( القدره أو البرنيه أو الطبشيه أو الزروية ) و ( الزير أو الدن أو المزيره ) و (البلاص أو السجا أو البكله أو المنشل ) و (الطاجن ) و (البرام )و (الملز)  و(النطال) و (قدره الفول الخاصة بالتجار ) و ( القادوس ) و( القلة ) و(الابريق ) و(قله السبوع ) و(الأطباق ) و(السلاطين )و(الزبديات)و(الماجور اللقانه ) وغيرها … إذ تدل التقنيات الأثرية التي أجريت على أن هذه الصناعة كانت منتشرة منذ آلاف السنين ، لوجود المواد الصالحة لهذه الصناعة ، واحتياج السكان إلى الأدوات الفخارية في طهي الطعام وحفظ المياه ، ومازالت هذه الصناعة موجودة في مناطق كثيرة داخل عدد من مراكز المحافظة حيث استطاع أبنائها أن يطوروا من الصناعة والاتجاه إلى إنتاج أواني غير تقليدية تجذب الجميع إليها .
وعن احدث الحرف التي أدخلت في قنا صناعة السجاد اليدوي وتفوقت فيها مركز نقادة حيث اكتسبت المرأة ميزه الحرفية الفنانة لتثبت تميزها وتضاهى باقي الحرف لتنتج لوحه فنيه للمناظر الطبيعية والتراثية والأشخاص واللوح الدينية المختلفة .
ومن الحرف اليدوية الجنوبية التي كانت رافدا تنمويا في قنا صناعه الخوص و سعف النخيل التي امتـاز بها مركز نقادة في توافر الجريد والفنان الذي يبدع في تصميماته أشكالا يحتاجها في حياته اليومية من أثاث منزلي كمشغولات الاسره والمناضد والكراسي  وكذلك الأقفاص  لحمل الخضار والفاكهة والدواجن لتعكس مدى توافق الإنسان الجنوبي مع البيئة المحيطة به  من حيث استخدامه لأشجار النخيل . ولكن في الوقت الراهن أصبح صانعوا مشغولات الجريد قلة وورشهم غير منتشرة نظرا لطغيان صناعة البلاستيك رخيصة الثمن ومتينة الصنع وذات الأشكال الملونة على حرفة صناعة الجريد لذلك تصدر المنتجات القليلة منها إلى أسواق محافظات مصر مما أدى إلى انحسار تلك المنتجات بل واندثارها حيث لم يتبق منها إلا بعض ما حمله المهاجرون منذ أكثر من عشرين عاما  .