عرب وعالم

04:18 مساءً EET

رؤية ولي العهد ٢٠٣٠ ركزت على تمكين المرأة والتغلب على ما يواجهها من تحديات

بات ملاحظا للجميع أن المملكة العربية السعودية تؤمن إيمانا راسخا بأن المرأة عنصر مهم من عناصر قوة المجتمع وعنصر فاعل فى التنمية، وباتت تحرص على تعزيز مكانة المرأة فى كافة المجالات واتخاذ كافة التدابير التى تكفل لها حماية حقوقها. وأصبحنا نلمس خطوات جادة وحثيثة باتخاذ إجراءات لتمكينها من المشاركة الكاملة فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حيث ركزت أهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠ على تمكين المرأة والتغلب على ما قد يواجهها من تحديات، لتكون عنصرا فعالاً فى المجتمع، وشريكًا حقيقيا فى التنمية من خلال تفعيل دورها القيادى والأساسى فى سوق العمل، وذلك للمشاركة فى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمملكة.

الدكتورة هلا التويجرى الأمين العام لمجلس شئون الأسرة بالمملكة العربية السعودية، تتحدث فى حوار صحفي وبمناسبة يوم المرأة عن أهم التحديات التى تواجه المرأة السعودية وكذلك إنجازاتها محليا ودوليا .. وإلى التفاصيل..


ما التحديات التى تواجه المرأة السعودية الآن؟

تعيش المرأة السعودية حاليًا تطورات إيجابية فى مختلف المجالات بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، حفظها الله، وتوحيد الجهود وتكاملها بين الجهات الحكومية والخاصة والطوعية، إضافة إلى نضج الكوادر النسائية، كما ركزت أهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠ على تمكين المرأة والتغلب على ما قد يواجهها من تحديات، لتكون عنصرا فعالاً فى المجتمع، وشريكًا حقيقيا فى التنمية. ويعمل مجلس شئون الأسرة والشركاء من الجهات المختصة وذات العلاقة على التعامل مع ما يظهر من تحديات، ومعالجتها بعلمية ومهنية عالية، ومن أبرز هذه التحديات توعية المرأة بحقوقها، والخدمات المقدمة لها ومعالجة الوضع الأسرى للمرأة الذى يضمن لها التوازن والتوفيق بين الحياة العامة والحياة الأسرية، ونشر ثقافة المساواة فى تطبيق الأنظمة والوصول إلى الفرص والخدمات، وحماية موروثنا الإسلامى الذى أعطى المرأة حقوقها وحمايتها. ولمواجهة هذه التحديات، حرص مجلس شئون الأسرة على تخصيص لجنة للمرأة تضم أعضاء مختصين ومهتمين بشئون المرأة، تعمل على دعم النساء وتمكينهن من خلال تبنى المبادرات والبرامج ورسم السياسات، وقد تم بالفعل تنفيذ ملتقيات سنوية والعديد من ورش العمل المتخصصة، والحملات التوعوية لتعريف المرأة بالخدمات المقدمة لها وبحقوقها، المجتمعية والتعليمية والصحية، إضافة إلى التوعية بتحديثات الأنظمة القانونية والقضائية ونشر ثقافة المساواة العادلة.

كيف تنظرين إلى خطوات تمكين المرأة فى السعودية؟ وهل أنتِ راضية تماما عن هذه الخطوات؟

منذ نشأة الدولة السعودية وحتى هذا العهد الميمون لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولى عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز كانت المرأة وما زالت تلقى الاهتمام والدعم والعناية، بدءا من الإقرار بحقها فى التعليم وصولا إلى تقلدها المناصب العليا، بصفتها مواطنة شريكة فى بناء الوطن ومنخرطة فى مؤسساته. لذلك حرصت القيادة الرشيدة على إشراك المرأة فى صناعة القرارات السياسية والاقتصادية والثقافية، وتذليل كافة الصعوبات التى قد تعرقل مسيرتها التنموية، لتتحقق لها عدالة اجتماعية، منهجها المبدأ الإسلامى فى أن النساء شقائق الرجال، وأن لهن مثل الذى عليهن بالمعروف.

ما الخطوات التى اتخذتها المملكة نحو تحسين قدرة النساء على الحصول على التعليم والرعاية الصحية والوظائف؟

بداية وجب علينا الإشارة إلى حقيقة أن النظام التعليمى فى المملكة يقوم بشكل أساسى على المساواة بين الرجل والمرأة فى كل جوانبه، سواء ما يتعلق بآليات القبول والالتحاق بالمراحل الدراسية، أو المناهج الدراسية، والاختبارات، أو مؤهلات المعلمين والمحاضرين، أو نوعية المرافق والمعدات الدراسية. وقد نفذت مؤسسات التعليم خططًا وطنية تهدف لتهيئة الكوادر البشرية النسائية للعمل فى الجامعات كأعضاء هيئة تدريس من خلال البرامج الأكاديمية داخل المملكة وخارجها، لتهيئة أعضاء هيئة التدريس و الكادر البشرى المساند للعملية التعليمية .


أما فيما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة فى إطار العمل، فنظام العمل لا يفرق بين المرأة والرجل فى الحقوق والواجبات، ولا يوجد تمييز فى الأجر عند تساوى قيمة ونوعية العمل. وقد شمل تعديل نظام العمل التأكيد على حظر فصل العاملة أو إنذارها بالفصل أثناء حملها أو تمتعها بإجازة الوضع، ويشمل ذلك مدة مرضها الناشئ عن أى منهما، كما تم تعديل نظام التأمينات الاجتماعية، بما يحقق المساواة بين الرجل والمرأة فى سن التقاعد، بحيث يكون 60 سنة لكلا الجنسين .

بعدما تخطت المرأة السعودية مرحلة التمكين ماذا عن دورها ودوركم فى المنافسة والشراكة الفاعلة فى جميع المستويات؟

تمضى المرأة السعودية فى المساهمة الفاعلة فى بناء الوطن والدفع بعجلة التنمية الوطنية، استنادا إلى ثقة القيادة الرشيدة بدور المرأة المحورى والحيوى فى مسيرة الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والمدنية. واستطاعت المرأة السعودية التفوق فى مختلف المجالات، من أبرزها حصول العديد من النساء السعوديات على أوسمة وتكريمات ودرجات علمية مرموقة من مختلف المؤسسات الرسمية والعلمية والمحافل المحلية والعالمية، كما تقلدت العديد من المناصب القيادية والإدارية، فأصبحت سفيرة فى الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج، وملحقة ثقافية فى المملكة المتحدة، ونائبة للوزير فى التعليم والعمل، ومساعدة لوزير التجارة والاستثمار، ووكيلة فى وزارة الصحة، ورئيسة للجنة الإحصاء بمجلس الغرف السعودية، ومختصة بالمجال المالى والاستثمارى لرئاسة مجلس أقوى هيئة تنظيمية للسوق المالية فى السعودية وخارجها، ورئيسة تنفيذية لمجموعة مالية، وطبيبة، ومعلمة، وإعلامية، وعضوة فى مجلس الشورى وفى المجالس البلدية. وعضوة فى مجلس هيئة حقوق الإنسان، والتى تضم ست عضوات متخصصات فى مختلف التخصصات العلمية، يشاركن بفاعلية فى مجال حقوق الإنسان؛ كما تحتضن ما يقارب 40 % من كادرها الوظيفى من النساء.

كما استفادت المرأة السعودية إلى درجة كبيرة من هذه التمكينات، مما أسهم فى تعزيز وجودها كرائدة وسيدة أعمال فى كل مناطق المملكة، وأثبتت أيضًا من خلال مهنة المحاماة أنها الأجدر على تمثيل المرأة أمام المحاكم، منذ دخولها مجال المحاماة فى عام 2013م حينما بدأت وزارة العدل منح المرأة رخص مزاولة المحاماة، فأصبحت منافسًا قويًّا فى هذا المجال. كل ذلك يشير إلى أن المرأة السعودية لديها من الممكنات والقدرات ما يؤهلها للمنافسة والقيادة على المستويين المحلى والدولي.

ماذا عن دور المرأة السعودية فى المحافل الدولية هل هى خطوة تالية أم هناك نجاحات تحققت لها؟

فى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، وصلت المرأة السعودية إلى مناصب سياسية عالية، وأصبح لها تمثيل فى المناصب القيادية السياسية من خلال إسهاماتها فى مجالات التمثيل الدبلوماسي، حيث تمكنت من تمثيل الحكومة على المستوى الدولي، والمشاركة فى المنظمات والمحافل الدولية، فلدينا تمثيل رفيع للنساء السعوديات فى المنظمات الدولية على سبيل المثال : مساعدة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية وبسمة بنت عبد العزيز الميمان المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط فى منظمة السياحة العالمية وأفنان الشعيبى المديرة التنفيذية لمنظمة تنمية المرأة بمنظمة التعاون الإسلامي.

ما ملامح خريطة طريق المرأة السعودية التى وضعها مجلس شئون الأسرة؟

يعمل مجلس شئون الأسرة منذ إنشائه على الارتقاء بالأسرة السعودية بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة، وتعزيز مكانتها وحمايتها من كل المهددات والمخاطر المحتملة التى يمكن أن تعوق مسيرتها فى البناء والتنمية. ويسعى المجلس للوصول إلى الأسرة فى كل مناطق المملكة، ونشر الوعى بالحقوق والتعريف بالخدمات، وكذلك تعزيز القدرات، وهناك لجان لشئون الأسرة فى مجالس المناطق تعمل على تعظيم أثر المجلس، ومنها لجنة المرأة التى تتكون من أعضاء مختصين ومهتمين بشئون المرأة يعملون على مراجعة السياسات، وبناء الشراكات، وتبنى المبادرات والبرامج التى تهدف إلى تعزيز مكانة المرأة، وتمكينها اجتماعيًّا واقتصاديًّا ومعرفيًّا لضمان استدامة استقرارها الأسري.

ويُعد بناء وصياغة استراتيجية وطنية للمرأة السعودية من أولويات لجنة المرأة فى مجلس شئون الأسرة، وستكون هذه الاستراتيجية متسقة مع رؤية المملكة وأهداف التنمية المستدامة، وكذلك مع الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالمرأة التى صادقت عليها المملكة، وكل ذلك فى إطار الشريعة الإسلامية. وستمكن هذه الاستراتيجية الحكومة من متابعة ومراقبة تنفيذ المشروعات والبرامج والخدمات، وضمان تحسين وتطوير حصول المرأة على حقوقها، وضمان مشاركتها الكاملة والفاعلة فى المجالات التنموية.

من الملاحظ أن نسبة تعليم الفتيات أعلى من الذكور؟ فهل هذه النسبة متحققة أيضًا فى العمل؟

تبذل الدولة عبر جميع مؤسساتها وأجهزتها وقطاعاتها جهودا حثيثة من أجل تمكين المرأة فى سوق العمل، فى إطار سعيها المتواصل لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التى من بين أهدافها رفع نسبة مشاركة المرأة فى سوق العمل إلى 30%. وقد أشادت تقارير دولية بنجاحات المرأة السعودية وتوليها مناصب رفيعة المستوى فى المملكة، ومن أبرزها تقرير “المرأة، أنشطة الأعمال، والقانون 2021” الصادر عن مجموعة البنك الدولي، حيث سجّلت المملكة 80 درجة من أصل 100 فى مقياس التقرير مُتقدّمة عن الدرجة التى حقّقتها فى نتائج تقرير عام 2020 البالغة 70.6 درجة، لترتقى بترتيبها ضمن الدول المتصدرة على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ يؤكد هذا الإنجاز قوة واستمرار زخم الإصلاحات التشريعية فى الأنظمة واللوائح المرتبطة بالمرأة، وهو ما يجعلنا نفخر بكل ما تحقق، كيف لا وقد وصلت مشاركة الإناث السعوديات فى القوى العاملة إلى 34.1% فى الربع الثالث من العام 2021 مقارنة بالربع السابق من العام ذاته، وذلك بزيادة مقدارها 1.7 نقطة مئوية. كما انخفض معدل البطالة بين السعوديات بمقدار 0.4 نقطة مئوية ليصل إلى 21.9% متجاوزا بذلك مستهدفات المرحلة وهو ما يؤكد أن تحقيق النسب المتكافئة بين النساء والرجال فى الفرص العملية من أولويات رؤية المملكة 2030.

برغم الإصلاحات الأخيرة التى تتيح للمرأة قدرا أكبر من التحكم فى حياتها لكن بعض أصحاب الأعمال مازالوا يطلبون من النساء موافقة ولى الأمر على عملهن؟ هل هذا صحيح؟

تخضع مسألة انخراط النساء فى سوق العمل بالمملكة العربية السعودية إلى ضوابط منصوص عليها فى نظام العمل الذى يتيح للمرأة العمل فى كل المجالات، ويحظر تشغيلها فى الأعمال الخطرة أو الصناعات الضارة، ويشتمل النظام على تفصيل شامل لكافة الحقوق المكفولة للمرأة العاملة، ولا يوجد أى نص عن اشتراط موافقة ولى الأمر على العمل، أيا كان لذلك فإن كان هناك أى حالات تعرضت لمثل ذلك الموقف، فعليهن المبادرة بالإبلاغ لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحق أصحاب هذه المنشآت المخالفة. وبالنظر إلى الواقع وما تحمله الإحصاءات والأرقام من دلالات، كما تم الإشارة مسبقاً نجد أن المملكة حققت قفزات نوعية فيما يخص تمكين المرأة وزيادة مشاركتها الاقتصادية فى سوق العمل، فقد انعكست الجهود والتشريعات الإصلاحية التى تمت خلال السنوات الأخيرة وفق رؤية المملكة 2030 على مستهدفات تمكين المرأة، والتى صاحبها العديد من التشريعات التى مكنت المرأة من تحقيق التوازن بين الأسرة والعمل.

التعليقات