تحقيقات
قائد مسيرة “عُمان الجديدة” هيثم بن طارق.. رجل الدبلوماسية والثقافة
تولى سلطان عُمان هيثم بن طارق، رأس هرم السلطة في ظروف حسّاسة مع ما تعيشه المنطقة والإقليم من توترات وتغيرات جيوسياسية واضطرابات، وصياغة بعض الدول اقتصاديات جديدة للنهوض بالجهاز الإداري لدعم مسيرة التنمية، وقيام دول أخرى بإصلاحات شاملة، ليتمكن خلال فترة قصيرة -مستلهماً ذلك من سلفه الراحل السلطان قابوس بن سعيد- من قيادة السفينة العُمانية باقتدار محملاً بالطموح، ومتسماً ببُعد النظر ومتسلحا بخبرات كبيرة في العمل الحكومي وشخصية سياسية جمعت بين مهارات الدبلوماسية وشخصية المثقّف مكتسباً ذلك من مسيرة حافلة، حيث عمل سابقاً في وزارة الخارجية العُمانية وتدرج ليصل إلى منصب أمين عام الوزارة كذلك انخرط بالمجال الثقافي فكان وزيراً للتراث والثقافة قرابة 18 عاماً، كما تولى رئاسة عديد من اللجان أهمها اللجنة الرئيسة للرؤية المستقبلية عُمان 2040.
هذه الجوانب من حياته العملية صقلت شخصية قائد المسيرة العُمانية الجديدة، فافتتح عهده بخطط طموحة جداً ليبدأ إصلاح القطاع الحكومي وهذا ما أقرّه فور وصوله لإدارة الحكم، فأحدث تغييرات واسعة وتعديلات تساير الاقتصاد العالمي.
وُلد السلطان هيثم بن طارق في مسقط في الحادي عشر من أكتوبر عام 1955 م، تلقى تعليمه الابتدائي في المدرسة السعيدية بمسقط، ثم التحق بإحدى المدارس اللبنانية، وهي مدرسة “برمانا العليا”.
غادر بيروت عام 1972 متوجّهاً إلى المملكة المتحدة لمواصلة دراسته الثانوية ومن ثم الجامعية حتى التحق بجامعة أكسفورد.
ارتسم خطه السياسي فور صعوده الحكم في عُمان المعروفة بهدوء منهجها الخارجي وصداقتها مع محيطها بمَن سبقه، وأكمل طريق النهوض وحدّث السلطنة بما لا يُخل بثوابتها واستقرارها.
عمل جملة إصلاحات وتعديلات وزارية واقتصادية تنسجم مع المتغيرات التي يعيشها العالم، واتخذ مجموعة تدابير لتحسين الأوضاع المالية والاقتصادية ومن بينها مبادرات خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020 – 2024 م) بهدف تحسين التصنيف الائتماني للسلطنة، وصولاً لمستويات آمنة وبيئة جاذبة للاستثمار، إلى جانب تنشيط مصادر الإيرادات ودعم النمو الاقتصادي وتوجيه الموارد المالية التوجيه الأمثل.
لم يخف رغبته في غربلة القطاع الحكومي ليواكب أكثر التقدم العالمي المتسارع، فوضع الاقتصاد والتعليم وملف البطالة أول اهتماماته، ورسم معها ملامح العصر الجديد في عُمان التي جاءت لتكمل مسيرة المرحلة الأولى، كما عزّز الرقابة والمحاسبة وأعاد بلورت الخطط لضمان نجاح عمليات الإصلاح.
وفور اجتياح فيروس “كوفيد-19” الدول وشّل حياتها، سارع إلى محاصرته والحد من تداعياته، وتجلّى اهتمامه بالإنسان العُماني بتوجيهه بمعالجة انتشار الفيروس من خلال تشكيل لجنة عليا، لبحث آلية التعامل مع الوباء وآثار انتشاره، للتصدي له ومتابعة الإجراءات المتخذة بشأن ذلك، ووضع الحلول والمقترحات والتوصيات المناسبة بناءً على نتائج التقييم الصحي العام.
ولما خلفته الأزمة الصحية التي عصفت بالأنظمة الاقتصادية والصحية، فقد أمر بتشكيل لجنة منبثقة عن اللجنة العليا، تتولى معالجة الظروف الاقتصادية الناتجة عنها على المستوى المحلي، وصدرت عنها جملة من القرارات تمثلت في حزم وتسهيلات تقدمها الحكومة لمؤسسات وشركات القطاع الخاص، إضافة إلى برنامج القروض الطارئة لمساعدة بعض الفئات الأكثر تضرراً من رواد ورائدات الأعمال.