كتاب 11

02:54 مساءً EET

«كورونا»… ما ورائيات الموجة الثالثة

فيما كان من المقرر سابقاً البدء في تخفيف القيود التي فرضت حول العالم بسبب تفشي جائحة «كوفيد – 19 المستجد»، وبعدما تفاءل العالم في نهاية الموجة الثانية، تغيرت الأوضاع وتبدلت الطباع، وعاد شعار الغلق من جزئي إلى كلي، يخيم على العالم من جديد، وبخاصة بعد القطع بأن البشرية على عتبات الموجة الثالثة من الوباء الفتاك.
السؤال الجوهري في هذا المقام المؤلم: «إلى أين تمضي البشرية ؟»، الجواب باختصار غير مخل، الصورة ضبابية، لا سيما في ظل غياب أصيل لسبب نشوء الفيروس، وفشل البعثة العلمية الدولية التي ذهبت لووهان الصينية في يناير (كانون الثاني) الماضي في تحديد المنشأ وطريقة التسرب، وهل هي طبيعية أم مخبرية صناعية، ناهيك عن شكوك حول نجاعة اللقاحات، وتحويل الأمر إلى مبارزة تنافسية سياسية، كما جرى من قبل العديد من دول أوروبا، تجاه لقاح أسترازينيكا البريطاني، وهل هو آمن أم ضار، وصولاً إلى تصورات تفتح الأبواب واسعة أمام فكرة المؤامرة العالمية التي تحكم قصة «كورونا» من بداياتها وحتى الساعة.
يبدو الملايين من البشر وعلى عتبات الموجة الثالثة منهكين على كافة الأصعدة؛ النفسية، والاقتصادية، والاجتماعية، ولم توفر الجائحة أي قطاع جغرافي، أو ديموغرافي حول الكرة الأرضية، الأمر الذي أكد أن التصنيفات التي وضعها البشر للتمايز بينهم واهية، وأن الضمانات التي رسموها لحياة رغدة هلامية، لا سيما بعد أن بدت البشرية كفريق رياضي في قارب واحد، البعض يجدف جهة الشمال، فيما الآخرون يحركون أذرعهم ناحية الجنوب، الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى تعطيل الحركة، وليس مستبعداً تالياً أن ينقلب القارب بمن فيه في المياه العميقة.
يصعب على المرء القطع بأن العقول البشرية التي وصلت إلى المريخ قبل أيام قليلة، عاجزة عن التوصل إلى لقاحات فاعلة بالمطلق في مواجهة مثل هذا الفيروس الشائه، بل إن عودته من جديد وفي موجة ثالثة، قد تكون أشد هولاً من الموجتين السابقتين، تفتح الباب واسعاً أمام أنصار قراءة التاريخ من باب المؤامرة، وهو ما صرّح به بالفعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، قبل أن يغادر البيت الأبيض بأيام معدودات، حين قال إن المقصود من تفشي هذا الوباء هو تقليل عدد سكان الكرة الأرضية.
غالب الظن أن ترمب غير المؤدلج لم يطالع تقرير لوغانو، الذي وضعته نخبة عالمية، في أواخر تسعينات القرن العشرين، وتفيد خلاصاته بأن المطلوب بالفعل تخفيض سكان الكرة الأرضية إلى نحو ملياري نسمة وهو نفس عدد الخليقة في أوائل القرن العشرين.
لا تبدو اللقاحات ناجعة مائة في المائة حتى الساعة، فالكثير ممن أصيبوا بالفيروس، عاودتهم الإصابة مرة جديدة، ناهيك عن أن معدل عمليات التطعيم باللقاحات المضادة للفيروس حول العالم لا تزال منخفضة.
على أن السؤال المخيف بالفعل الذي يتطلب تعاوناً علمياً عالمياً هو: «كيف يتحور الفيروس، وينتج سلالات مقاومة ربما للقاحات التي تم إنتاجها، وإلى أي مدى سيتمكن الفيروس من تطوير نفسه بصورة أسرع من اللقاحات؟ ما يعني أنه من الجائز جداً عند نقطة زمنية معينة، أن تعجز البشرية عن مجاراة الفيروس.
ويتساءل البعض من المراقبين لمشهد «كورونا» بالقول: «هل تسرع العلماء في شرق الأرض وغربها في طريق التوصل إلى لقاحات ومن غير اتباع الإجراءات العلمية المعهودة في التوصل إليها، من أوراق علمية، ودراسات مختبرية، عطفاً على تجارب سريرية على مرضى مصابين بالفيروس، للتوصل إلى لقاح لا يصد ولا يرد؟
ربما يكون التساؤل في محله، لكن إشكالية الصراع مع الوقت، وفي ظل الخسائر البشرية التي تقترب اليوم من ثلاثة ملايين حالة وفاة، ومئات الملايين من المصابين، هي التي عجّلت بخروج تلك اللقاحات المشكوك في بعضها حتى الساعة، والتهافت عليها، من جانب آخر، وقد كادت الناس تنطق بالمقولة الشهيرة: «الغريق لا يخشى البلل».
هل لا يزال سر «كوفيد – 19» غير واضح المعالم والملامح؟ مؤكد ذلك كذلك، ولا يملك أحد حتى الساعة رؤية واضحة من وقت النشوء في الصين، إلى زمن الانتهاء، الأمر الذي يكاد يشبه غزوة لمخلوقات فضائية للأرض، لا يعرف أحد متى جاءت ولا إلى أين يمكن أن تمضي، فيما المعروف الوحيد هو أن البشرية برمتها في خطر.
هل تكون الموجة الثالثة هي نهاية موجات «كورونا»؟
الجواب غير ممكن التنبؤ به، وبنوع خاص في ظل التحورات الخطيرة للفيروس داخل الجسم البشري، ما يؤدي إلى ظهور سلالات جديدة، تحتاج الدراسة من المربع الأول.
الموجة الثالثة لـ«كورونا» تعني أن العالم بالفعل في حرب عالمية، والحل الوحيد تشكيل كونسلتو استشاريين من علماء العالم بأسرع وقت وأصدق نوايا، لاستنقاذ العنصر البشري، قبل القارعة التي لن تبقي ولن تذر.

التعليقات