الحراك السياسي
هكذا تحدث أوباما عن عبد الناصر ومبارك في مذكراته
في يونيو 2009، تحولت شوارع القاهرة، التي كان يسكنها حينها 16 مليون نسمة إلى دروب خاوية، فالطرقات جميعها خلت من الناس عدا رجال الأمن الذين انتشروا في كل مكان، لتأمين ما قد يكون كنزًا ثمينًا للجماعات الإرهابية، هكذا وصف الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما زيارته في مذكراته “أرض الميعاد” التي صدرت مؤخرًا، زيارته إلى مصر.
مثل معظم رؤساء الولايات المتحدة، قرر أوباما كتابة مذكراته لتوثيق الفترة التي تولى فيها رئاسة الولايات المتحدة (2008 – 2016)، وترجمت إلى أكثر من 20 لغة بينها العربية.
اهتم أوباما في مذكراته التي تجاوزت 900 صفحة، الحديث عن لقاءاته بمعظم زعماء العالم. ووثق الرئيس السابق للولايات المتحدة زيارته إلى مصر ولقائه الرئيس الراحل حسني مبارك.
وبرغم العلاقات الجيدة بين مصر والولايات المتحدة في تلك الفترة، إلا أن تعليقات أوباما في مذكراته عن الرئيس الراحل مبارك لم تكن في صالحه.
الزعيم الأكثر شعبية في العالم العربي
لم يلتقي أوباما، الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قط، فالأخير توفى وكان عمر الأول لم يتجاوز 9 سنوات، ولكن أوباما ذكر عن الزعيم العربي الراحل أنه كان الأكثر شعبية في المنطقة.
وقال في مذكراته إنه “في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، قام عقيد في الجيش يتمتع بشخصية جذابة ومهذب اسمه جمال عبد الناصر بتدبير الإطاحة العسكرية بالملكية المصرية وأسس دولة علمانية ذات حزب واحد.
“وبعد فترة وجيزة، قام بتأميم قناة السويس، متغلبًا على محاولات التدخل العسكري من قبل البريطانيين والفرنسيين، ما جعله شخصية عالمية في الكفاح ضد الاستعمار والزعيم الأكثر شعبية في العالم العربي”.
وأشار أوباما، إلى أن عبد الناصر اتخذ العديد من القرارات التي كان هدفها في النهاية هو القضاء على كل بقايات الحكم البريطاني والماضي الإقطاعي في مصر.
وقال إنه “في الخارج، روج بنشاط للقومية العربية العلمانية والاشتراكية الغامضة، وخاض حربًا خاسرة ضد الإسرائيليين، وساعد في تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية وجامعة الدول العربية، وأصبح عضوًا في ميثاق حركة عدم الانحياز، والتي رفض ظاهريًا التحيز إلى أي طرف في الحرب الباردة، لكنه أثار شكوك واشنطن وغضبها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن عبد الناصر كان يقبل مساعدات اقتصادية وعسكرية من السوفييت”.
وأضاف أن “جمال عبد الناصر اتخذ إجراءات صارمة ضد المعارضة واستهدف بشكل خاص جماعة الإخوان المسلمين، التي سعت إلى تشكيل حكومة إسلامية، من خلال التعبئة السياسية الشعبية والأعمال الخيرية، ولكن تضمنت أيضًا أعضاء حولوا نشاط الجماعة إلى العنف”.
في مكتب مبارك
انتقل أوباما في مذكراته من فترة عبد الناصر إلى مبارك، ولم يذكر عن الرئيس الراحل أنور السادات سوى اغتياله وتولي مبارك الرئاسة في 1981.
وصل موكب أوباما إلى قصر القبة، الذي وصفه بأنه مبنى “عتيق من منتصف القرن التاسع عشر”، وبعد مراسم الترحيب، دعاه مبارك إلى مكتبه لمناقشة استمرت ساعات.
وصف أوباما، الرئيس مبارك بأنه “كان يبلغ من العمر واحد وثمانين عامًا، لكنه كان لا يزال عريض الكتفين وقويًا، وله أنف روماني، وشعر داكن ممشط من جبهته، وعينان كثيفتان الجفون أعطته هواء رجل اعتاد على القيادة ومضجر منها قليلا”.
وقال أوباما في مذكراته إنه “بعد التحدث مع مبارك حول الاقتصاد المصري وطلب اقتراحات حول كيفية تنشيط عملية السلام العربية الإسرائيلية، أثرت موضوع حقوق الإنسان، واقترحت خطوات قد يتخذها للإفراج عن السجناء السياسيين وتخفيف القيود على الصحافة”.
وأضاف أن “مبارك كان يتحدث الإنجليزية بلهجة مقبولة، وتمكن من صرف مخاوفي بأدب حول الحريات في مصر، وأصر على أن أجهزته الأمنية تستهدف المتطرفين الإسلاميين فقط وأن الجمهور المصري يؤيد بقوة منهجه الحازم”.
وتابع “لقد ترك لدي انطباع سيصبح مألوفًا جدًا في تعاملي مع الحكام المستبدين المسنين: يعيشون في عزلة في قصورهم، وكل تفاعل لهم يتم بوساطة موظفين جامدي المشاعر وخنوعين يحيطون بهم؛ لم يكونوا قادرين على التمييز بين مصالحهم الشخصية ومصالح شعوبهم”.