ثقافة
د. سحر القطري تكشف تاريخ حضارة سلطنة عمان في كتاب
واستعرضت “القطري” في كتابها، التنوع الجغرافى المميز الذي تتمتع به سلطنة عمان، والأهمية الإستراتيجية لموقع عمان التي تحتل قلب منطقة تتوازن عندها مناطق العالم الاسلامى، وتستأثر البيئة الساحلية بقسط كبير من جغرافيا عمان، أما الداخل فمعظمه هضبة مرتفعة، وفي وسطها الجبل الأخضر جنوب غرب العاصمة مسقط.
وكشفت في كتابها أن سلطنة عمان تعرضت عبر تاريخها لمجموعة من المؤثرات الحضارية التى أثرت تأثرا بالغا على كل مناحى الحياة هناك، كما ناقشت فيه إسهامات الإنسان العمانى فى منظومة الحضارة الاسلامية، وعناصر عمارة المسجد بشكل عام ومنها “المحراب”، حيث يعتبر العنصر الوحيد الذى خرج عن منظومه البساطة التى تتميز بها المساجد العمانية، سواء فى التكوين المعمارى او الزخرفى، فأغلب المساجد التراثية العمانية لم تخرج فى تكوينها المعمارى عن التخطيط التقليدى الذى عرفته مساجد المشرق والمغرب الاسلامى بالاضافه إلى عدم احتواء هذا التخطيط على معظم الوحدات والعناصر المعمارية او الأثاث الدينى التى نرى مثيلا لها فى المساجد الأخرى.
وتابعت في كتابها: “أما الناحية الفنية فهى أكثر بساطة، فالجدران خالية من الزخارف باستثناء عنصر واحد فقط وضع فيه الفنان العمانى ابداعاته الفنية المنوعة وهو المحراب، فقد جاءت المحاريب العمانية مجالا تتضح بها ملامح المدرسة العمانية فى الفن والزخرفة وكيفية مشاركتها مع المدارس الفنية فى العالم الاسلامى خلال القرن العاشر الهجرى،ودلالة هذا أن القطر العربى لم يكن بعيدا عن مسيرة التطور الفنى التى شهدها العالم الاسلامى فى العصور الوسطى بل انه كان جزء لا يتجزأ من هذا التطور.
كما تناول الكتاب أيضا دراسة مجموعة من قطع الحلى النسائية المحفوظة بالمتحف الوطنى بالعاصمة مسقط، ودلالتها على العشق المتوارث لدى المرأة العمانية للزينة والتجمل، وكيف جاء وصف وتأريخ هذه القطع نتاجا لكثير من المؤثرات الداخلية والخارجيه،سواء فى توافر المادة الخام وطرق التصنيع او الزخرفة.
وكيف كانت عمان موطنا لصناعة وتجارة الحلى فى العالم الاسلامى،بدلاله وجود نماذج شبيهة مؤرخة فى بلدان اسلامية أخرى كاليمن وإيران والعراق،نظرا للنشاط التجارى والملاحة التى عرفت به عمان منذ القدم.
وقد تمت الاستعانة بصور للاميرة سالمة بنت السلطان السيد سعيد بن سلطان البوسعيدى حاكم عمان وزنجبار 1804/1856 م، ومذكراتها التى نشرتها وزارة التراث القومى والثقافة بسلطنة عمان،حيث تعرضت المذكرات للكثير من جوانب الحياة الاجتماعية العمانية،وقد تنوعت هذة القطع ما بين عقود وقلائد واساور وإحراز وخلاخل و غيرها .
ولم تغفل المؤلفة التطرق إلى ازياء النساء فى سلطنة عمان كجزء هام من تراث هذا البلد وكيفية ارتباطه بالعادات والتقاليد و المؤثرات البيئة والاقتصادية والاجتماعية، بل يمكن اعتبار الزى الإطار الأكثر جاذبية فى عملية التفاعل بين الشعوب، لهذا جاء تناول أزياء النساء فى سلطنة عمان وفق ثلاث محاور هى البعد الجغرافى والبعد الدينى او المذهبى والبعد الاجتماعى، وكيف كانت هذه الأبعاد سببا مباشرا فى تعدد وتنوع زى النساء فى سلطنة عمان بمكوناته الثلاث غطاء الرأس والثوب والسروال.
وحرص الكتاب على رصد ما سجلته كتابات الرحالة والمؤرخين العرب عن عمان، حيث تعد مقصدا مهما من مقاصد الرحلة العربية، لأهميتها البحرية والتجارية التى عرفت بها منذ أقدم العصور، وإرتباطها المذهبى الذى ربط بينها وبين بلاد المغرب العربى واليمن منذ القرن الأول الهجرى، لهذا كانت عمان مقصدا مهما للرحالة المغاربة وغيرهم.