كتاب 11
بالتحديث والتطوير .. وليس بالصيانة
تكررت على مر السنوات الماضية حوادث القطارات وفى كل مرة تتركز ردود الافعال تجاهها حول حصر لاعداد القتلى والجرحى مع تقدير حجم الخسائر المادية الناتجة عنها وكل ذلك ممزوج بحالة من الحزن والاسى والبكاء والعويل من أهالى الضحايا والمصابين ثم تخرج المطالبات بإقالة وزير النقل ورئيس هيئة السكك الحديدية وجميع المسئؤلين عن الحادث.
ودائما ماتتوجه اصابع الاتهام نحو عامل التحويلة او السيمافور والسائق والمدير ورئيس الهيئة التى يسارع البعض باتهامها بانها لاتقوم بدورها على اكمل وجه من حيث الصيانة والتى تتعلق بتغيير قطع الغيار أو احلال قضبان متهالك باخر .. او اصلاح نظام الاشارات الذى مازال فى مصر يدويا .. ويبدأ التساؤل حول أسباب تكرار حوادث القطارات ؟؟ ويتجنبون الحديث عن تهالك مرفق السكك الحديدة وتأخره فى التطوير عن باقى دول العالم رغم ان مصر كانت من أولى الدول التى استخدمت خطوط السكك الحديدية .. فمصر تخلفت كثيرا ووقفت محلك سر ولم تسارع فى تطوير الانظمة التقنية لتشغيل السكك الحديدية ففى حين بدأ العالم فى استخدام القوة المغناطيسية فى تشغيل خطوط السكك الحديدية مازالت مصر تسير فى عصر الجر بالديزل حتى جاء حادثة قطار خورشيد لتذكرنا بما ورد فى احصائية أعدتها هيئة السكك الحديدية بالتعاون من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء والتى يشير فيها الى أن إجمالى عدد حوادث قطارات السكك الحديدية منذ 2006 حتى العام الماضى، بلغ 12 ألفا و236 حادثا تنوعت حوادث قطارات السكة الحديد ما بين اقتحام سيارة لمزلقانات وتمثل 80% من الحوادث فى الوقت الذى جاء خروج القطارات من على القضبان بنسبة 15%.
وعلى الرغم من امتثال الحكومات المتتالية لمطالب الراى العام بمحاسبة المسؤلين واقالتهم من مناصبهم الا ان هذا الحل لم يؤدى الى وقف او تقليل حوادث القطارات بل ظلت فى تزايد مستمر مما يؤكد ان أقالة هؤلاء ليس هو الحل وانه كان لابد من البحث عن حل جذرى لوقف نزيف الدم. أن حوادث القطارات باتت مأساة متكررة في حياة المصريين فلابد من التحديث للمنظومة باكملها وليس الصيانة فقط ..لابد من وقف نزيف الدم ..لابد من التطوير والتحديث لهذا المرفق الحيوى .. لابد من وضع خطة شاملة لتطوير هيئة السكك الحديدية بدء من أحلال وتجديد العربات والجرارات وتطوير أنظمة الإشارات إلى النظام الإلكتروني ثم تجديد القضبان وصولا بالاهتمام باعداد العنصر البشرى المؤهل لاستيعاب التكنولوجيا الحديثة من خلال وضع برنامج عملي للتدريب العمالي، وإعادة النظر في أسلوب إدارة هيئة السكة الحديد لتسيير القطارات الذى يعتمد على التواصل البشري بين السائقين بالهاتف المحمول.
أعلم أن هذا التطوير سيكلف الدولة الكثير .. ولكن.. لابد من البدء فى اول طريق التطوير ولو بوضع خطة يتم تنفيذها على مراحل .. واعلم كذلك مدى حرص السيد الرئيس على أرواح ابناءه من الشعب وأنه سيتخذ اللازم حيال هذا الامر …