مصر الكبرى

10:01 صباحًا EET

التفسير الجنسي لمعركة الدستور المصري

 
وما حديث التفسير الجنسي لمعركة الدستور في مصر بلغو او ترف فكري بقدر ماهو رغبة في مقاربة غير تقليدية قد تكون كاشفة لما يجري ما بين النهرين في بلد النهر الواحد . بداية ولتقريب الفكرة اقول انه وفي علم الجينات هناك فكرة جينوتايب، اي التركيبة الجينية للفرد التي تنعكس جليا في ملامحه الظاهرة ، فمثلا اذا كان من اصول إفريقية كان الشعر اجعدا او يظهر الشعر بشكل ناعم ومنسدل اذا كان صاحبه من اصول قوقازية،  وكذلك يكون حجم الشفاه ولون البشرة الي اخر هذه التجليات علامات أولية لمعرفة ما تحتها من محركات كامنة غير واضحة وهي خريطة الجينات التي يأتي منها الفرد ، وما تلك الصفات الظاهرية الا عرض لما هو تحتها من عوامل دفينة وغير ملموسة. هذه مجرد رمزية او مثال لما يحدث تحت السطح وفي الغرف المظلمة في معركة السياسة عموما، والدستور خصوصا، حيث يبتعد الاعلام المصري بكل اشكاله  عن الحديث في الموضوع الاصلي المتمثل في الجينات الحاكمة للون البشرة وحجم الشفاه وهو المقابل الموضوعي لتجنب الحديث عن إخفاقات المجلس العسكري والإخوان وعن علاقاتهما التي تشبه عقد زواج عرفي مقلق والاستعاضة عن ذلك باحاديث مختلفة توحي بزواج الاخوان والعسكر تلميحا وتتجنب الحديث عنه تصريحا. وبدلا عن الحديث في صلب موضوعات المرحلة الانتقالية وزواج الاخوان بالعسكر عموما استعاض الاعلام بالحديث عن ثنائيات جنسية بشكل تصاعدي ، وامتلأت الشاشات المصرية بالنميمة عن علاقات جنسية بدلا من الحديث عن الموضوعات الرئيسية في البلاد.  اخر تجليات الحديث الجنسي بالتلميح والتي انشغلت بها مصر خلال الشهور الماضية هي  عملية التجميل الخاصة بعضو البرلمان السلفي الاستاذ البلكيمي وعلاقته بالفنانة سما صبري التي بدت كانها استغلت هذا الحديث للترويج لفلمها الجديد، بدا حديث البلكيمي ايضا بنميمة عن الجمال والتجميل وكان في هذا تلميح و إيحاءات  اولى للحديث عن الجنس والسياسة من خلاله كمقدمات أولية  لعلاقة البلكيمي بالفنانة ، ولم يستغرق حديث تجميل انف البلكيمي طويلا حتى  صعد الاعلام الي السلمة الثانية من الدرج التي تاخذنا مباشرة للحديث في صلب الموضوع عندما أشيع ان النائب السلفي متزوج براقصة زواجا عرفيا في السر، لتصبح الممثلة المغمورة  مشهورة جداً فيما بعد. واستخدم السلفي والفنانة ما يعرف في السياسة بالغموض الخلاق لابقاء الحوار التلفزيوني مشتعلا فلا نفي ولا إثبات من قبل الطرفين حتى تحقق للسلفي ما أراد من شهرة وتحقق للفنانة مساحات واسعة للحديث عن فيلمها الجديد الذي يصفه بعض النقاد بانه فيلم هابط يحكي عن فساد الصحافة في مصر. ودخول الصحافة على ثنائية الدين والجنس في حالة السلفي والفنانة يخلق جوا غير مسبوق من الشهرة وسعة الانتشار. استعاض الاعلام المصري بقصة زواج البلكيمي بالفنانة عن الحديث عن زواج الاخوان بالعسكر او ما يعرف بصفقة الاخوان والعسكر. ولما راى الاعلام ان ثنائية البلكيمي وسما صبري لم تحقق كل المطلوب، اذ لم يك في القصة ما يحفظ لها الاستمراية، اخترع الاعلام قصة جديدة بذات التركيبة ( الدين ممثل بالرجل السلفي والجنس ممثلا بفنانة اكثر شهرة وذات انتشار أوسع ) ومن هنا قدم لنا الاعلام قصة المتحدث الرسمي باسم حزب النور السيد بكار وعلاقته  بالفنانة سمية الخشاب والتي تتمتع بشهرة أوسع من سما صبري، وبدأت مرة اخرى قصة الغموض الخلاق فلا نفي قاطع للشائعة ولا إقرار واضح بها. الفكرة في الحالتين هي حديث النميمة عن زواج او امكانية زواج او عن علاقة او صفقة لم يتمكن الاعلام او الناس من تأكيدها بالدليل القاطع، فيتحدث عنها تلميحا لدغدغة المشاعر والغرائز البدائية عند المصريين، كما يتحدث عن الصفقة السياسية بين الاخوان والمجلس العسكري او الزواج العرفي بينهما. وعكست حالة التوتر المدعاة بين الاخوان والعسكر شيئا اقرب الى خناقات المتزوجين. اصوات عالية وتهديد بالانفصال او الطلاق، ولكن الزيجة مازالت مستمرة. قيل ان اختلاف الزوجين كان عل استحواذ طرف دون الاخر على الجمعية التأسيسية للدستور،  فالاخوان استحوذوا على معظمها رغم ان معظم من في اللجنة أيضاً هم أزلام او اتباع  المجلس العسكري ومريدوه. المعركة الجنسية التي يكون طرفها إسلامي مع فنان أيضاً لم تترك الليبرالي في حال سبيله، اذ قبلها انشغل الاعلام أيضاً بقضية الليبرالي والفنانة، في حالة عمرو حمزاوي والفنانة بسمة، ولكن تلك الإشاعة انتهت بالزواج الفعلي رغم انها شغلت الاعلام لفترة وبنفس الطريقة ومثلت القالب الذي تعاطي من خلاله الاعلام مع البلكيمي وبكار وسما صبري وسمية الخشاب تباعا. واخذت المعارك الجنسية شكلها الفج والتجريبي الأزلي حيث وصلت الى مداها في قضية كشف العذرية على الفتيات اللاتي كن يرتدن المظاهرات. ولكن التلميح كان واضحا على نوعية الفتيات اللواتي كن يذهبن الي الميدان منذ ايام مبارك الاخيرة، اذ قيل يومها ان من في الميدان من الرجال هم من المدمنين للمخدرات وأما النساء فكن يمارسن البغاء في الميدان، وكان هذا نوعا من البغاء الصحافي أيامها . وتطورت الاحداث بعد ذلك ليدور الحديث عن حمالة صدر الفتاة التي عراها جنود الجيش في التحرير وعن عباءتها ذات الكباسين بتعبير توفيق عكاشة والذي لم يعد يحتاج الي تعريف الان.الاستعاضة بالحديث عن  الجنسي  كبديل للحديث عن السياسي في المشهد المصري يوحي بان السياسة اصبحت تابو وببرة مقدسة لا يقترب منها  الاعلام رغم  جرأته في الحديث عما كان بالفعل ممنوعا في السابق وهو الجنس. تحدث الاعلام عن علياء المهدي التي كشفت جسدها عاريا على صفحتها على الانترنت.. تحدث الاعلام عن الجسد العاري تماماً ولم يجرؤ ولو للحظة للحديث عن فضائح السياسة العارية بما في ذلك عصب معركة الدستور الاخيرة، وهذا يفتح مجالا جديدا للحديث عن الجنس والسياسة في مصر ما بعد الثورة، مجال جديد قد يجعل منه علم او فرع  من فروع العلوم مستقل بذاته.

التعليقات