كتاب 11
كُن إنساناً
دعونا نعترف بأننا نعيش فى ظروف حياتية قاسية ,حولت البعض منا الى وحوش كاسرة.
كلنا إنسان , والإنسانية هى صفة تعريفية يتميز بها البشر عن سائر المخلوقات الكونية,إذا إفتقدناها يصبح لافرق بيننا وبين سائر الكائنات على سطح الأرض,هذه الصفة بعضنا يعيش بها بين الناس ,والبعض الآخر تخلى عنها وجعلته الحياة لايمت للإنسانية بصلة.
دعونا نعترف بأننا نعيش فى ظروف حياتية قاسية ,حولت البعض منا الى وحوش كاسرة ,قلوبها أشد قسوة من الحجارة,فنحن فى زمن اذا قيل فيه للحجر كن انسانا لقال: عذرا فلست قاسيا بما يكفى,ولكن لايوجد فى حياتنا امرا مستحيلا,خاصة إذا إستطعنا التمسك بالإيمان بالله أولاً ثم بالواقع والقدرة البشرية,فمعرفتنا بحقيقتنا وصفاتنا التى فطرنا الله سبحانه وتعالى عليها,تجعلنا نحسن التعامل مع ذواتنا ومع الآخرين.
فالحياة تمضى ,ويمضى معها سنوات عمرنا,وخلالها نقابل الكثيرين , نحب البعض منهم,ونكره البعض الآخر, نقترب من البعض,ونتجنب البعض الآخر,نختلف مع الكثيرين ,فكثيرة هى تلك الإختلافات التى بين بنى البشر ,فالأفكار والعقول مختلفة,والبيئات مختلفة,ومستويات التعليم متفاوتة,والتربية والسلوكيات والأخلاقيات مختلفة,النفوس مختلفة,والمشاعر والأحاسيس مختلفة,حتى الصفات منها الحميد ومنها الزميم القبيح,وهذا هو الإنسان,تركيبة فريدة ,خليط من المتناقضات ,ومابين الخير والشر يتأرجح,فإما يغلبه شيطانه ويصبح شيطاناً رجيماً,أو يقهره ويتمسك بإنسانيته بعقله وفكره الراقى,بمشاعره الرقيقة,وبأخلاقه الطيبه ,وصفاته الحميدة من طيبة وحب وعطاء وتضحية وعدل وتسامح وغفران.
فيا أيها الإنسان,كيف تكون إنسان؟؟ كيف تستعيد إنسانيتك التى أفقدتك إياها قسوة الحياة ومشاكلها وأزماتها المتكررة؟؟؟
حتى تصبح إنساناً بمعنى الكلمة عليك أن تحتفظ بإبتسامتك على وجهك حتى فى أحلك الظروف وأقساها, عليك أن ترضى بما قسمه الله لك ولاتنظر الى مابيد غيرك من نعم,حب الناس وتمنى لهم الخير ,ولاتجعل للشر مكاناً فى قلبك,لاتقامر بقلوب البشر ولاتتلاعب بها ولاتحسب أن ذلك مهارة وبراعة فإنه الإنحطاط بعينه,كن نفسك ولاتكابر دموعك فالدموع دليل على طُهر القلوب وشفافيتها وليس على ضعفها, فلا تكتمها لانها فطرة إنسانية خلقت بها,إستمع لآراء الجميع حتى لو كان من متوسطى العلم والفكر فقد يكون صاحب بصيرة مشرقة وأكثر فهماً للأمور,شارك من حولك فى الفرح والحزن,وحاول أن تكون جزءاً منهم وأعلم أنك لن تكتمل سوى بهم فكلنا مع بعضنا البعض نتكامل لأنه ليس هناك إنساناً كامل,إفتح عينيك لترى النور,ولاتهرب من نفسك فى الظلام,ولاتختبىء وراء الجدران من أخطائك بل واجهها,احتضن عروقك المتجمدة وأعد اليها الدفىء والحياة,ضمد جراحك وحاول أن تستمتع بوجودك فى الحياة,لاتجعل للكره والحسد والحقد والغل مكان فى قلبك,إبتسم رغم أوجاعك,وتعلم أن تحتوى كل من يمر بك,فلاتتصارع مع صديق من أجل حاجة ما,ولاتجزع حين تفقد شيئاً يخصك,ضع دائما أما عينيك حقيقة الحياة, فماهى هى سوى لحظات قليلة وتنتهى,وكلنا راحلون,فكن قلباً وروحاً تمر بسلام, على الدنيا حتى يأتى يوم رحيلك,فتجد من يبكى عليك ومن يدعو لك ويترحم عليك ,ويتذكر لك افعالك الطيبة الخيرة,فلايتبقى من الإنسان حينما يحين أجله سوى أفعاله وسيرته الطيبة .