مصر الكبرى

09:35 صباحًا EET

لعبة القفص والصندوق

 
في الماضي كان الاطفال يلعبون لعبة السلم والثعبان ( شفيق رمز السلم وممكن نخلي مرسي رمز الثعبان) واليوم يلاعبنا المجلس العسكري لعبة القفص والصندوق، لعبة مثل لعب الاطفال صدق البعض انها ستنتج شرعية جديدة لنظام مصر مابعد ٢٥ يناير. 

الصندوق والقفص وهم تملك من رؤوس المصريين بحثا عن شرعية لنظام  انهارت شرعيته وكانت زروة الانهيار في الخامس والعشرين من يناير 2011، نظام فقدت مؤسساته ما تبقى لها من رصيد للشرعية، وفي البحث عن اجماع وطني جديد  اهتدى المجلس العسكري ومعه رجاله من النخبة المدفوعة الاجر للعبة القفص والصندوق، صندوق الانتخاب  وقفص محاكمة مبارك هما آداتا انتاج اجماع وطني جديد وشرعية جديدة، فلا نفع القفص ولا الصندوق،  فلا الانتخابات الرئاسية ضيقت الهوة ولا محاكمة مبارك وقيادات نظامه أسهمت في رأب الصدع.  

بل العكس هماحدث الصندوق عمق انعدام الثقة والقفص زاد من تمزق الوطن بعد ان برأت المحكمة كل قيادات أمن الدولة وأدوات البطش وحمل ليخرج الناس في الشوارع مطالبين بالقصاص وبإعادة المحاكمة. مصر اليوم في ورطة ومعها الإقليم برمته. إذ فشلت مصر  وفشل القفص في تحقيق العدالة كما يراها الناس  كما فشل المجلس العسكري  في ارضائهم من خلال الصندوق.  الصندوق أوصل وضع مصر بين شقي رحي الاخوان ودولة العصور الوسطي وبين النظام القديم . والقفص اثبت للمصريين انهم غير قادرين على انتاج مؤسسات حديثة كالقضاء إذ يبدو ان حكم مجلس عرفي في قبائل افريقيا يستطيع استخدام العدالة بشكل افضل. الهدف من القضاء هو الوصول الي استقرار المجتمع من خلال إرضاء الحس المجتمعي العام بان الجاني أخذ جزاء عمله. فإن اسهم القضاء في عدم الاستقرار والنزول الي الشوارع هنا تفقد مؤسسات القضاء مبررات وجودها.  

حتى تضح الرؤية والحديث هنا ليس عن مصر وحدها،  لابد ان نعي لماذا نحن  في الورطة التي  وجدنا انفسنا فيها. البداية هي فشل الدولة الوطنية او دولة ما بعد الاستعمار ( وليست دولة م بعد الاستقلال كما ندعي لأن الاستقلال لم يتحقق)  فشلت تلك الدولة في اول صفقة عقدتها مع مجتمعاتها. طلبت منا دولة مابعد الاستعمار التخلي عن حقوقنا السياسية مقابل تحسين أوضاعنا الاقتصادية وانتظرنا ستين عاما ولم نحصل على النمو الاقتصادي، حتى عندما  حدث انفتاح في عهد السادات كانت فوائده محصورة في قلة وتم عزل الأغلبية عن النفع الذي جاء مع الاستثمارات الاجنبية التي شملت تلك الشلة الصغيرة. بنينا دولة مابعد الاستقلال او م بعد الاستعمار لمنفعة الأقلية على حساب الأغلبية لذلك كان التذمر السياسي والاقتصادي وصبرنا قليلا من اجل الشرف الوطني في عام ١٩٦٧ وأخذنا علقةساخنة  من الإسرائيليين لم يأخذها " حمار في مطلع"  كما يقولون. وطالبوا  الرئيس المهزوم بالعودة من اجل الشرف الوطني وشربنا المر وتجرعنا المهانة  بقية أيامنا من اجل تحقيق النصر في اكتوبر واستعدنا  الشرف الوطني ، لكننا أيضاً تكاثرنا وازدادت أعدادنا  فاصبحنا ٨٥ مليون مواطن نصفهم من العاطلين. النتيجة بعد الصبر والحروب كانت فقر مدقع وصحة بائسة وتعليم مخجل. ولم يكن لنا من سبل الحداثة الا ان نشاهدها في البلدان الاخرى عبر الشاشات او ادوات التواصل الجديدة مما زاد من الحنق  والحقد معا. 

وكان السؤال ماهو الحل في هذه الورطة. وكانت الاجابة إسقاط النظام والنخبة التي فشلت في ان تؤدي ما وعدت به منذ الاستقلال او منذ خروج الاستعمار . وجاءت ٢٥ يناير ٢٠١١ لهدم دولة النخبة الفاشلة التي استعبدتنا  باسم الوطنية.

المصريون اليوم فريقين، فريق يقول اذا كان الهدف هو تكسير كل البني الفاشلة لدولة مابعد الاستعمار فلابد من التحالف مع قوى قادرة على الحشد والتكسير وهي القوى الاسلامية وعلى راسها جماعة الاخوان المسلمين. واذا كان هذا هو طريقنا ومسلكنا فلابد ان نصوت لمرشح الاخوان السيد محمد مرسي  وجماعته. جماعة تعقد معنا صفقة جديدة ليست مثل صفقة عبدالناصر ورفاقة التي قايضت الحرية بالتنمية ولم نحصل لا على حرية ولا تنمية بل صفقة من نوع جديد. لكن الخازوق الحقيقي هو ان  صفقة  مرسي وجماعته هي ليست التخلي عن الحقوق السياسية مقابل التنمية في الدنيا، لا ، بل هم يطلبون مقايضة حقوقنا السياسية بما سنربحه  في الآخرة. اي سنساعدكم  وتساعدونا في الهدم مقابل ان تكون الجنه لكم  في الاخرة والدولة لنا في الدنيا. وطبعا هذا فيل ابيض من النوع الاسلامي . خدعة اخرى ضمن سلسلة خدع التطور السياسي المصري . ولكن فريق من المصريين قبل وفريق عارض او تشكك. 
الفريق الثاني هو القائل بأنه  اذا كانت تلك هي النتيجة فلا داع  للتحالف مع التيار التيار الديني من اجل هدم القديم ولابد من البحث عن خيار اقل تكلفة وبأقل كمية من ألاعيب النصب  والاحتيال. تلك هي المجموعة التي قررت ان تلجأ للصندوق وتؤيد الفريق احمد شفيق ومن وجهة نظر هؤلاء، احمد شفيق قد لل يقايضهم  بالجنة مقابل التنمية بل وسيكون رئيسا صعيفا يعمل تحت ضغط الشارع لانه يريد أن يقول عنه الناس انه من النظام القديم ومن الممكن ان يقدم لنا بعض التنازلات . ثم جاء الحكم على ميارك ودور القفص ليبطل ما سيقوم به الصندوق . فنتيجة المحاكمة كما تبدو اليوم في الشارع المصري هي تسليم رقبة مصر لجماعة الإخوان المسلمين. فبعد براءة اركان نظام مبارك وخصوصا رجال أمن الدولة ليس هناك من لا يتوقع بطش انتقمي اذا جاء احمد شفيق بل هناك من يقول بأن شفيق لوجاء سيعفوا عن مبارك وعائلته .

اذن في جدلية الصندوق والقفص يلدو ان المجتمع المصري فشل في الوصول الي اي نوع من الاجماع الوطني وان كل مؤسسات الدولة فيه متنازع على شرعيتها . اذن الرئيس القادم سيكون منقوص الشرعية كما ان مجلس السعب الحالي تقريبا خال من الشرعية كالطعام منزوع الدسم. 

رئيس مصر القادم يحتاج الي بناء تحالفات معقدة من أجل الوصول إلى شرعية معقولة تحالفات يصعب ان تحدث في مجتمعات لم تصل الي الحداثة بعد. في هذا الجو من عدم القدرة على انتاج شرعية تتخبط مصر ولسنوات ليست بالقليلة . عندما بدأنا الاستفتاء في مصر كتبت مقالا بعنوان بالرجل الشمال نبدأ في مصر أما اليوم وبعد فشل الصندوق والقفص في انتاج الشرعية وبين رغبة شفيق في اعادة انتاج مبارك ورغبة الاخوان في اعادة الخلافة يبدو ان الجميع يعود الي الخلف. ومن هنا نقول بلغة الجيش،  مصر  اليوم : للخلف در.

التعليقات