عرب وعالم
خطط إستراتيجية لمواجهة تحديات التصنيع في سلطنة عمان للحفاظ على الإنسان والبيئة
واحدة من المؤشرات التي بدأت تلفت الأنظار مؤخرا نزوح الملايين من عشاق السياحة البيئية نحو الشرق ، حتى أن سلطنة عمان وحدها كسرت حاجز المليونين سائح في عدة أشهر ، لتسجل بذلك رقما قياسيا جديدا يضاف إلى رصيدها في الإنجازات التي صنفتها عبر جهودها المستدامة لخدمة الإنسان والبيئة رغم التقدم الصناعي الهائل الذي تشهده في مجال النفط والصناعات التحويلية والتعدين لتتصدر بذلك قائمة الوجهات الأفضل عالميا للعديد من رواد العلوم والسياحة والبيئة من مختلف أنحاء العالم .
وبنظرة فاحصة للمنظومة التشريعية البيئية في السلطنة يتبين تركيزها المطلق على حماية الإنسان والبيئة من التلوث بكافة أنواعه ومصادره وأثاره، ووضع صون موارد البلاد الطبيعية وحمايتها من التدهور والاستنزاف أولوية ، جنبا إلى جنب مع حماية الحياة البرية والفطرية والحفاظ على مفردات الطبيعة العمانية، والالتزام بتنفيذ الاتفاقيات الدولية في هذا المضمار.
وذلك لضمان حق كافة الأجيال من الاستفادة من الموارد الطبيعية المتنوعة بطريقة متوازنة وعادلة.
وتعتبر “جائزة السلطان قابوس لحماية البيئة” أول جائزة عربية في مجال البيئة على مستوى العالم تمنح كل سنتين عن طريق منظمة اليونسكو ، حيث كانت سلطنة عمان أول دولة عربية تنشئ وزارة للبيئة في عام 1984م ، وقد بلغ عدد المحميات الطبيعية فيها 18 محمية طبيعية ،
ما أهل السلطنة في عام 2010م للحصول على المركز الأول عالمياً في السياحة البيئية ، وذلك على هامش مشاركة سلطنة عمان في فعاليات معرض بورصة السفر العالمية “أي تي بي برلين” بألمانيا، باعتبارها من الدول الرائدة والمميزة عالمياً في هذا المجال .
خطط الطوارئ المستدامة
وتواصل السلطنة جهودها في حماية البيئة العمانية وصون مواردها الطبيعية، من خلال عمليات الرصد والتفتيش والتقييم البيئي، والإدارة السليمة للمواد الكيميائية والمخلفات الخطرة وغير الخطرة في السلطنة، وإدارة المناطق الساحلية .
وفي هذا الإطار تم تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية المهمة منها مشروع إنشاء محطات للإنذار المبكر لرصد الإشعاع ، ومشروع إنشاء محطات الشبكة الوطنية لرصد تلوث الهواء.
وكذلك مشروع إعداد خطة إدارة التخلص التدريجي من المواد المستنفدة لطبقة الأوزون ، ناهيك عن حزمة الإجراءات التي وضعت للتحكم في التلوث بالضوضاء ورصد مستوياتها بمختلف مناطق السلطنة .
حماية البيئة البرية والبحرية
أما حماية الأنواع البرية والبحرية فقد أولتها سلطنة عمان أهمية خاصة ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مشروع ترقيم الغزلان والسلاحف في محميتي السلاحف والديمانيات وجزيرة مصيرة ، وتسوير أشجار الكاذي المهددة بالانقراض في محافظة ظفار، وإنشاء مشاتل لإكثار النباتات البرية المحلية وعدد من مراكز البحث البيئي، ووحدات حماية الحياة الفطرية .
كما تتواصل عمليات النقل والاستزراع لأشجار القرم في العديد من المواقع بمختلف مناطق السلطنة حيث بلغ عددها حتى الآن إلى أكثر من نصف مليون شتلة موزعة على مختلف سواحل السلطنة .
كما قامت سلطنة عمان بوضع خطة للطوارئ لمكافحة التلوث الزيتي، ومشاركة السلطنة مع المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية في وضع الخطة الإقليمية لمشروع مرافق استقبال السفن وذلك تنفيذا لاتفاقية ماربول والتي تمنع التلوث البحري.
وتعتبر حماية البيئة العمانية أحد المرتكزات الأساسية للتنمية المستدامة ، وينظر إليها الخبراء كآلية متلازمة مع خطط التنمية ، ونجحت هذه الآلية في تحقيق العديد من الإنجازات على مستوى العمل البيئي داخل السلطنة ومن ثم خضوع المنشآت والمصانع للقوانين المنظمة لحماية البيئة وصون الموارد الطبيعية والحياة الفطرية حيث أصبحت متطلبات الحفاظ على البيئة ركناً أساسياً من أركان التنمية.
تحديات الطفرة الصناعية
وفيما يتعلق بالطفرة الصناعية التي تشهدها السلطنة وتحديات ذلك بيئيا تجدر الإشارة إلى أن إدارة المخلفات الخطرة كماً ونوعاً يتم معالجتها بشكل منظم ورقابة محكمة من قبل السلطات العمانية .
وتم وضع تشريعات تنظم عملية التعامل مع هذا النوع من المخلفات في مختلف مناطق السلطنة وإنشاء قاعدة بيانات تحدد كمية ومصادر وأنواع المخلفات الخطرة كما تعد مسألة إدارتها بالطريقة العلمية المثلى حفاظا على سلامة البيئة وصحة الإنسان .
أضف إلى ذلك التحديات التي تواجهها السواحل العمانية كمشكلة التفريغ غير المشروع للزيوت ومياه التوازن من مخلفات السفن والناقلات العابرة للمياه الإقليمية العمانية، وأنشطة الصيد غير المنظم والتلوث بالنفايات وامتداد المشاريع الحضرية إليها .
ولحمايتها تتخذ سلطنة عمان إجراءات مختلفة كإنشاء المحميات الطبيعية الساحلية وتخصيص مناطق معينة لإدارة البيئة فيها وإعادة البيئة الساحلية التي تعرضت للتدهور إلي حالتها الطبيعية ، وكذلك مراقبة تآكل الشواطئ واستعادة حالتها الطبيعية .
وقد تم إنشاء مركز مراقبة عمليات التلوث في سلطنة عمان من منطلق الزيادة المطردة للمخاطر التي تهدد البيئة العمانية نتيجة التطور المتنامي في جميع المجالات وما تشهده المنطقة من حروب وأزمات كالزلازل والعواصف الرملية والأعاصير إلى جانب المخاطر الصناعية كحوادث السفن وتسرب المواد الخطرة في الهواء الجوي أو في مياه البحر.