كتاب 11
قمة الحد الأدنى فى الدوحة
لا يجب أن يتوقع المواطن العربى عامة والخليجى خاصة الكثير من قمة مجلس التعاون الخليجى فى الدوحة، تلك القمة التى تم إنقاذ انعقادها فى قمة سابقة لها فى الرياض منذ أسابيع.
آخذين فى الاعتبار الجو المحيط بقمة الدوحة والقضايا المطروحة لا يمكن تسميتها الا بقمة الحد الأدنى من التنسيق بين دول المجلس. اما فيما يخص القضايا الإقليمية بما فيها مصر وسوريا واليمن وليبيا فالخلافات تبقى قائمة بين السعودية والامارات والبحرين من ناحية وقطر من ناحية اخرى.
الاختلاف بين دول مجلس التعاون الست به جزء يخص الخليج أما الجزء الاكبر منه فهو يخص موقف دول مجلس التعاون من دول الربيع العربى من تونس مرورا بمصر واليمن الى سوريا. ورغم ان قمة المصالحة فى الرياض ركزت كثيرا على موقف قطر تجاه مصر الا ان الخلاف الخليجى بدا واضحا فى اسطنبول تجاه ما يحدث فى سوريا، اذ تبنت قطر وتركيا تسليم سوريا للاخوان بعد بشار الاسد بينما رفضت السعودية والامارات هذا التوجه ولهذا ربما نرى ما نراه فى سوريا حتى اليوم.
ربما لا تكون قمة الحد الأدنى فى الدوحة هى نتيجة لموقف تكتيكى قطرى لا يعكس اى توجه أو التزام حقيقى ببنود اتفاق الرياض بقدر ما أراد ان تعقد القمة فى الدوحة بأى ثمن وبعدها تعود ريما الى عادتها القديمة.
الجو الذى احاط قمة المصالحة وما نتج عنه من اتفاق يحدد المتوقع فى قمة الدوحة، فماذا حدث فى قمة المصالحة في الرياض بين قطر ودول الخليج الثلاثة (السعودية – الامارات – والبحرين)؟ سادت حالة من التوتر بين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإصراره على ان تغير قطر موقفها تجاه مصر وتعنت شيخ قطر تميم بن حمد ال ثاني. ومن المعلومات المؤكدة التى تسربت كانت قمة المصالحة ستفشل لولا تدخل ولى عهد ابوظبى الفريق أول محمد بن زايد عندما انتحى جانبا بالشيخ تميم وأخذه بعيدا عن الاجتماع لمدة 10 دقائق وأقنعه بقبول ما طلبه خادم الحرمين الشريفين . ووافق شيخ قطر وتم إنقاذ الاجتماع والمصالحة وربما لهذا السبب ذهب الشيخ محمد بن زايد الى قطر بدعوة من الشيخ تميم لتأكيد على الالتزام باتفاق الرياض.
هنا نقطتان يجب ان يتلفت إليهما المتابع، الاولى هى ان حضور الشيخ محمد بن زايد لقمة المصالحة كان خارج البروتوكول فوفد الامارات يترأسه الشيخ محمد بن راشد آلِ مكتوم نائب رئيس الدولة فى غياب الشيخ خليفة، ولكن حضور ولى عهد ابوظبى جاء بطلب من الدولة المضيفة ومن الملك عبدالله شخصيا. النقطة الثانية هى ان الملك عبدالله كان غاضبا جداً على موقف قطر تجاه مصر. وأسمع الوفد القطرى كلاما قاسيا لدرجة المقارنة بين تربية الشيخ زايد وتربية حمد بن خليفة، وسأل الشيخ تميم مباشرة إن كان هو الذى يحكم فى الدوحة؟ فى إشارة الى ان الحكم فى الدوحة مازال للأب ولجماعته الملتزمة بجماعة الاخوان.
ما تتناقله الاخبار هو انه وبعد هذا الجو المشحون تم التوصل الى صيغة الحد الأدنى وهى أن تعطى قطر مهلة شهر واحد لتنفيذ رغبات الملك عبدالله. تحدث البعض عن أن كل شى بين دول الخليج انتهى بقمة الرياض ولكن نسى الجميع شرط شهر المهلة وهذا ما أضيفه هنا لتأكيد على أمرين : الاول هو ان النفوس ليست صافية كما يتصور البعض وأن مهلة الشهر كانت رسالة واضحة للقطريين بأن الرياض وأبوظبى ومعهما المنامة تعلم ان قطر ربما لا تنفذ الاتفاق وأنهم فى الرياض فقط لإنقاذ عقد القمة فى الدوحة لذلك كانت المهلة حيث لم يكن فى مصلحة احد الا تعقد القمة.
هذه الأجواء لا تبشر بنجاح قمة الدوحة بقدر ما تقول لنا ان قمة الدوحة ستكون بروتوكولية حتى لا يقال ان الزعماء فشلوا فى عقدها .
الجماعة فى الدوحة فى ورطة حقيقية بين إصرار قطر على بقاء تحالفها مع تركيا ومع جماعة الاخوان المسلمين بقيادة اردوغان وبين رغبتها فى أن تبقى مع الأشقاء فى مجلس التعاون، ورغم أن ديننا يبيح تعدد الزوجات، العلاقات الدولية لا تسمح وخصوصا فى الأحلاف للدولة بأن تتزوج اثنين.
تهديد الملك عبدالله بأنه سيطلع العالم على كل ما تقوم به قطر لو لم يلتزموا باتفاق الرياض مازال سيفا على رقبة قطر والمفصل والمحك فى كل هذا بالنسبة للملك عبدالله هو مصر .
سلوك قطر لن يتغير كثيرا حتى يثبت الشيخ تميم حكمه وإلا فالبديل موجود فى وجود الشيخ عبدالعزيز ابن عم الامير فقط الموضوع يحتاج الى تنسيق مع اصحاب قاعدة العديد وبعد يمكن ان يحدث تغير آخر فى قطر.
كل ما ذكرته هنا ان يكون معلنا ولكن جميع اللاعبين الحاضرين فى القمة يعرفونه تماماً لذلك سيكون كالغيمة التى تحوم حول الاجتماع وحتى تمطر الغيمة ويجيء المطر فى قطر تبقى قمة الدوحة هى قمة الحد الأدنى وقمة بروتوكولية فى احسن الأحوال .