منوعات
بالصور .. حديقة للفراشات الأولى فى الشرق الأوسط
مشهد طيران الفراشات تداعب نسيم الهواء بألوانها الأنيقة ونعومتها المفرطة، وتحليقها حول الزوار بحركات دقيقة ليتأملوا حركة أجنحتها الرقيقة وينبهروا برشاقتها المذهلة، تستخدم كل الأساليب الجوية المعروفة للطيران،
وتوقفها على مجموعة من الزهور والنباتات لتتغذى عليها، أصبح ممكناً في حديقة الفراشات في دبي بقرب حديقة المعجزة (ميراكل جاردن)، والتي تعد أكبر حديقة فراشات مغطاة في العالم، والأولى من نوعها في الشرق الأوسط، والممتدة على مساحة أكثر من أربعة آلاف متر مربع، لتطوق الفراشات بأجنحتها الملونة فضاءات الحديقة الفريدة في تصميمها على شكل فراشة كبيرة بشكل دائري، لتشكل أول حديقة دائرية يتجول الزوار في أروقتها عن طريق أبواب مؤدية إلى بعضها، في مشهد ساحر بتفاصيل مبهرة تروي حكايات وأسرار الفراشات .
تتكون الحديقة من 9 قباب و3 مجمعات تحتضن أكثر من 15 ألف فراشة و120 نوعاً من النباتات، ليحلق الزوار بخيالهم مع المخلوقات اللطيفة القريبة من القلب، خاصة أن المكان اتسم ببيئة طبيعية كاملة، فزقزقة العصافير تشعرك بأنك وسط الطبيعة، وتنوع النباتات والزهور تغرقك في تفاصيلها، خاصة أنها مجهزة بأحدث التقنيات الزراعية الحديثة، وصوت الماء في الأحواض تنقلك إلى عالم آخر من الهدوء والاستمتاع، والملفت أن البيئة الداخلية للحديقة مشابهة للأجواء الطبيعية التي تتناسب مع الفراشات من حيث الرطوبة ودرجة الحرارة، ومريحة للإنسان في الوقت ذاته .
يجد زوار الحديقة متعة بصرية بتأملهم ألوان المخلوقات الطبيعية، في صورة مزينة بالفراشات الجميلة، مشكلة أيقونة جمالية فريدة من نوعها، ومعلماً علمياً مهماً في ظل وجود متحف الفراشات الذي يعرض آلاف الأنواع من جميع أنحاء العالم، أما في متجر الهدايا سيتمكن الزائر من اختيار قطعة تذكارية من هياكل الفراشات، ويرتاح بعد تجوله في مقهى الحديقة، ولكن مشهد الأطفال في الحديقة يعكس أنهم لا يريدون الراحة إطلاقاً، فجريهم خلف الفراشات مستمر، للإمساك بها ووضعها على أيديهم، ليتعرفوا إلى الأنواع الغريبة التي يرونها للمرة الأولى .
في بداية تجولنا في الحديقة، التقينا المهندس عبد الناصر رحال، مدير عام شركة “عقار لخدمات تنسيق الحدائق والزراعة” الذي أكد أن فكرة حديقة الفراشات متوافقة مع حديقة الزهور، حيث يعيش الزائر تجربة جديدة وثرية بين أرجاء الحديقة، يقول: “مشروع متميز، وغير مستنسخ، ليحلق الزوار مع الفراشات بمختلف ألوانها وأشكالها وأحجامها والتي تطير فوق مجموعة من الزهور والنباتات وحول الزوار، وتعد أكبر حديقة فراشات مغطاة في العالم، وتضم أكثر من 15 ألف فراشة استوردت من كل أنحاء العالم، وتنوعت الفراشات حيث تم اختيار 26 نوعاً منها، إلى جانب 120 نوعاً من الورود والنباتات الطبيعية المختلفة، وتلك الأصناف وفرت لها البيئة وفق معايير وشروط متوافقة مع البيئة المحلية لتبقى مفتوحة طوال العام، حيث جهزت بنظام تكييف خاص وملائم يضبط درجة الحرارة على 24 درجة على مدار العام، وأتوجه بالشكر إلى وزارة البيئة والمياه على جميع أشكال الدعم الفني والتقني الذي قدمته لهذا المشروع، والسرعة التي أبدتها في استخراج الموافقات المطلوبة”، ويشير إلى أن نجاح حديقة الزهور واجتذابها لعدد كبير من السياح أسهم في تعزيز فكرة السياحة البيئية الطبيعية، وفكرة حديقة الفراشات تدعم هذا التوجه .
د . أيمن أحمد “مدير المشروع” يقول: “توجد في الحديقة 15 ألف فراشة، والعدد بازدياد يومياً، لأننا نستورد الشرنقات، و26 نوعاً من الفراشات استوردت من أمريكا اللاتينية، ودول آسيا وإفريقيا، وتعتمد الحديقة على فريق متخصص لتدريب العاملين، على التعامل مع جميع أنواع الفراشات وكيفية تغذيتها وتوفير النباتات المطلوبة لتغذيتها، وكيفية التعامل مع الزوار، وتمت دراسة سلوكيات الفراشات، التي تختلف عن بيئتها الطبيعية لذا تدرس بشكل جيد لتتأقلم مع البيئة الجديدة، إضافة إلى ذلك نستورد الشرنقات ونضعها في أقفاص مخصصة، إلى أن تتحول إلى فراشة يافعة، في تجربة ثرية من المعرفة، إلى أن تصبح جاهزة لإطلاقها في الحديقة، ويجب الاستعانة بالمختصين داخل الحديقة لمن أراد ملامسة الفراشات” .
من الدارج تصميم الحدائق على شكل مربع أو مستطيل، ولكن وجود حديقة دائرية التصميم بحد ذاته تعد فكرة مبتكرة، حيث صممت الحديقة على شكل دائري، تضم تسع قباب كل منها بلون مختلف وفكرة أجمل، لتضم بين أطرافها الفراشات الجميلة التي جلبت من أكثر من 20 بلداً، ويجد الزائر في الحديقة الفضاء الواسع الساحر ليقضي وقتاً ممتعاً في القباب، وينتقل إليها عبر الممرات التي صممت بطريقة فنية، ويستمتع بصوت المياه وزقزقة العصافير، حيث وزعت أقفاص الطيور في الحديقة، إضافة إلى الجداول المائية الصغيرة، وفي كل قبة توجد مساحات مغطاة تضم عدداً من الفراشات ليتمكن الزائر من الإمساك بها ووضعها على يديه ويعيش تجربة قريبة منها، وتضم الشرفة طاولات صغيرة ومقاعد وتشكيلة من الغذاء المخصص للفراشات، والتصميم العام للحديقة راعى الفضاءات المناسبة لطيران الفراشات، مع مراعاة الأمن والسلامة للموجودين، وروعي في التصميم ضبط درجة حرارة مناسبة للشخص وللفراشات، وروعي في التصميم زاوية النظر وزاوية الشمس، وهي أول حديقة مستديرة في العالم، وبها 3 مجمعات و9 قباب، وكل مجمع مختلف عن الآخر بطريقة العرض ونوعية الفراشات .
بمجرد أن تطأ قدماك الحديقة، تشعر بأنك وسط غابات إفريقيا، لتحيط بك من كل الزوايا النباتات المتنوعة والزهور المختلفة برائحتها الزكية، لتحلق مع الفراشات وتستنشق عبيرها، واختيرت أنواع النباتات بدقة، وتحديداً النباتات التي تتغذى عليها الفراشات، التي زرعت داخل كل قبة لضمان نموها وتكاثرها، وزرعت حديقة أزهار على شكل فراشة وسط القباب التسع، والمعلومة العلمية تشير إلى أن الفراشات تعتمد على بعض الأنواع من النباتات للعيش عليها والتكاثر، وأنواع أخرى لتتغذى عليها، وتحتضن الحديقة عدداً من الخبراء المتخصصين في علم الفراشات، خاصة أن لها خصوصية وبحاجة إلى درجة حرارة معينة لتبقى محلقة بألوانها الزاهية، وتضم الحديقة 120 نوعاً من النباتات، ويحرص القائمون على الحديقة بتوفير بعض الغذاء من الفواكه كالأناناس والبطيخ والبرتقال، إضافة إلى إعداد محلول سكري مخصص لتغذيتها، ويستطيع الزائر رؤية الفراشات وهي تتناول طعامها، ليصبح أكثر معرفة بدورة حياة الفراشات .
وفي إحدى الزوايا وقفت الإفريقية ساكي تتأمل جمال النباتات، وتلتقط الصور للفراشات التي تتغذى على النباتات، لتضع كل تركيزها في تقريب الصورة، خاصة أنها متخصصة في مجال علم النباتات، تقول: “حديقة الفراشات تشكل إنجازاً جديداً يضاف للإمارات، وفكرة التصميم مبتكرة تجعل من الرحلة في الحديقة متعة لا تضاهيها متعة .
اللوحات الفنية تبهر زوار الحديقة، خاصة أنها لوحات استثنائية صممت بطريقة يدوية دقيقة متقنة، وتعرض آلاف الأنواع من الفراشات والحشرات من جميع أنحاء العالم نفذت بطريقة جمالية، وصنعت من الفراشات الجافة المحنطة التي تعكس عن لوحات نادرة أتقنها القائمون على الحديقة، لتحكي كل لوحة قصة الفراشات، وتكشف عن أسرار هذا العالم لعشاق الفراشات، وتبقى صورة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصورة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، اللتان نفذتا بالفراشات بطريقة دقيقة هي الأكثر إبهارا للزوار، وكل لوحة تعبر عن إنتاج يدوي من كادر الحديقة .
و في متحف الحديقة، وقفت كاتي من الفلبين لتتأمل اللوحات الزجاجية التي زينت بأصناف عدة من الفراشات، لتروي تلك اللوحات حكايات الفراشات وتاريخها، لتزيد الجمهور شغفاً في معرفة كل ما يخص عالم الفراشات . وتقول: زيارتي الأولى للحديقة، ولا أعتقد أنها ستكون الأخيرة، فرحلتي في الحديقة تميزت بالشغف الكبير لاستكشاف أسرار عالم الفراشات، والتعرف بمراحل نموها وطريقة تغذيتها.