مصر الكبرى

02:46 مساءً EET

ازدياد السخط من الإخوان لا يعني بالضرورة خسارتهم في الانتخابات القادمة

 
10 – 10 = 0
500 – 500 – 500 = 0
20000 – 20000 – 20000 = 0
 
وأي رقم أكبر من صفر حتى الواحد: 1>0

ده اللي اسمه “تفتيت” الأصوات. هي مسألة رياضية بسيطة: أي كتلة ثابته تتفوق على الكتل المتغيرة التي بالضرورة "ستُصفر" نفسها بنفسها.
 
أقول ذلك لكل من يظن أن الإخوان قد يخسروا الانتخابات القادمة لزيادة حالة الحنق ضدهم. مشكلة  الوسط السياسي المصري ليس الإخوان الملتزمون بتحقيق مشروعهم ولكن في عدم نضج التيارات القومية المعارضة للإخوان.
 
التيارات القومية تتنافس فيما بينها بمنطق مشجعي كرة القدم الذين تعلوا أصواتهم بحمية تشجيعاً لفريقهم ويتضايقون إن خسر حتى وإن كان لعبه سيئاً. حد شاف مشجع كرة بيقول: لقد لعب فريقي بصورة سيئة في الكأس فقررت أن أشجع فريقاً آخر في الدوري! بالقطع لا! لأن تشجيع الكرة مسألة عاطفية لا تخضع للعقل. نفس الشىء تقريباً يحدث الآن على الساحة السياسية في مصر.
 
كل حزب "يتحزب" في كهفه الأيدولوجي ويتقوقع على اعضاؤه ويلتف حول مؤسسه: الدستور بتاع البرادعي، التيار الشعبي بتاع حمدين، مصر القوية بتاع أبو الفتوح، حزب عمرو خالد،….
 
تتشابه أفكارهم وتتوافق كثير من أهدافهم، يعرضون نفس البضاعة ولكن بأسماء مختلفة ومن خلال أشخاص مختلفة.
 
لم يتحد أبو الفتوح وحمدين في انتخابات الرئاسة وقبلوا المغامرة بمصير صر رغبة في الوصول للحكم وإن كان الأمل منعدم دون إتحادهم، لم يحاول أياً منهم أن "يدوس" على نفسه كي تنهض مصر على أكتافه. لا ألومهم فالتناحر وعدم القدرة على الاستشراف هو أحد سمات المجتمع السياسي المصري.
 
ومع الأسف، عِوضاً عن إدراك أن هذا ليس وقت "التحزب" ولكن العمل سوياً وتقديم التنازلات حتى تنجح مصر من التخلص من الديكتاتورية العسكرية دون السقوط في فاشية دينية لن تحمل سوى الخراب لمصر، قرروا من جديد الخوض في منافسات بينية، كل واحد مغتر بالخمسة مليون اللي جمعهم.
 
أحب أبشرهم جميعاً إن محصلة خمسة مليون ناقص خمسة مليون تساوي صفر، وأي رقم آخر "ثابت" هيكون أكبر من الصفر.
 
ما نحن فيه حالياً هو نتاج أنانية التيارات القومية التي تُعلي قياداتها مصلحتها الشخصية على مصلحة مصر. وياريت هيطلعوا بحاجة غير الصفر مع إغراق البلد في مستنقع الفاشية.
 
وفي المقابل يلتف الإخوان حول "مشروع" التزموا بتحقيقه.
 
فمن يستحق النجاح؟
 
تحتاج التيارات القومية أن تعمل سوياً على صياغة مشروع "نهضة" حقيقي قابل للتحقيق، أن تكون رؤية واضحة قابلة للتحقيق حول سبل التخلص من الفساد الحكومي في مصر وتطهير الأجهزة الأمنية وسبل تفادي الصدام مع المؤسسة العسكرية التي سيؤدي إرساء الديمقراطية إلى انتزاع الامتيازات الاقتصادية التي استحلتها على مدار ستة عقود منذ انقلاب 1952. إن لم تكن هذه الاحزاب قد وصلت للحكم فيجب عليها مراقبة اداء الحكومة بصورة جادة، خاصة في غياب مجلس الشعب، كما يجب عليها مساندة مؤسسات المجتمع المدني التي تعتبر ركيزة أساسية في بناء النظم الديمقراطية. يجب عليها أن يكون لها موقف واحد من الدستور وأن يضعوا خطة موحدة للتواصل مع المجتمع لضمان أن يُصاغ لمصر الدستور اللائق بها. يجب عليها عوضاً عن انتقاد سياسات "الزيت والسكر وأنابيب الغاز" أن تتعاون في بناء قواعد جماهيرية اعتماداً على فكر التنمية المستدامة. يجب عليها أن تتعاون فيما بينها وتتفق على معايير محددة لاختيار مرشحيها في الانتخابات القادمة حتى لا تفشل التحالفات. يارب ندخل الانتخابات القادمة واحنا أكثر نضجاً: برنامج واضح وتحالفات تضع الإنسان المناسب في المكان المناسب. مصر لا تحتمل مزيد من الأنانية.
 
المشكلة الحقيقية هي أن من يدخل البرلمان يصبح نجم مجتمع ولهذا الأمر بريقه. كل واحد بيقول ليه ده وأنا لأ، أنا أفضل. اسمع اعتراضات البعض: لا، الأمر ليس كذلك أنا أرغب في الوصول للبرلمان لأنني الأجدر، نواياي مخلصة وسأبذل قصارى جهدي في خدمة بلدي. هذا المنطق غير مقبول في العمل الحزبي لأنه ببساطة يجب أن يكون هناك برنامج واحد يلتزم به ويعمل به أعضاء الحزب. لا مجال في المؤسسات الحزب للإرتجالات الفردية تحت قبة البرلمان غير أن مجتمع الذي اعتاد تأليه حاكمه تجذرت فيه الثقافة الفردية، لم نعتد بعد على آليات العمل من خلال مؤسسات. علشان كدة ينجح الإخوان لأنهم يعملون بفكر "جماعة" .
 
لنحيي ذكرى الشهداء بإنكارنا لأنفسنا، فمصر حالياً ليس لديها ترف الاختيار بين الجيد والأفضل ولكن أن تحصل على استقلاليتها وتتحرر من مطرقة الديكتاتورية العسكرية وسندان الفاشية الدينية وبأسرع وقت قبل أن تتغير حدودها الخغرافية. إلى رجالات المجتمع السياسي المصري، كفوا عن النظر تحت أقدامكم وتصرفوا بنضج وبسرعة. قوموا بمبادرات وشجعوا المبادرات الجيدة وإن لم تصدر منكم.
 
اللهم ولي أمورنا خيارنا.

التعليقات