آراء حرة
محمد هلال يكتب : حقيقة الاعلام بين المعالجة والتحليل
العديد من المشاكل التي طرأت على مجتمعنا حديثا والموجود بالفعل منذ سنوات، تكاد تكون فوهه تلتهم بداخلها مع مرور الوقت الكثير من الافراد الجدد ، دون أن نبالى عن أصل الكارثة او ماهى المقترحات الفعالة لهدم الأفكار والأوبئة التى تفتكك بالمجتمع من حين الى آخر.
وعند غياب الأستراتيجية الفعالة يأتى الدور الحقيقى للاعلام ، الذى من المفترض كما يعتقد البعض أن يحمل فى طيأتة الحلول الجذرية لحل هذة المشكلات كالادمان ، والتطرف ، والتحرش .
فكلها موضوعات ماسة ، وهى بالفعل حديث الساعة ، ولكن عندما يقف الأعلام ويتقمص دور الطبيب تختفى الحلول الحقيقية ، وتبدأ بعدها مرحلة من الأستنتجات اللاعقلية ، التى يهدف اصحابها بقصد او بغير قصد معالجتها ، ولكن فى الحقيقة لم يكن دور الاعلام الا وسيلة أضافية من وسائل تفاقم هذة المشكلات ، وازديادها وطأة وحدة دون الوصول الى حلول تقضى عليها .
فعندما يتناول الاعلام أياً من هذة المشكلات ، يبدأفى عرض الطرق التي سلكها أصحاب هذة المشكلات للوصول الى ماهم علية ،ويجعل من الجاني والمذنب بطلاً يحكى قصصة البطولية التى جعلتة يصل الى هذة المكانة العظيمة ، ليجلس امام محاور تليفزيون او صحفى ، فيبدأ فى سرد التفاصيل الدقيقة لجريمتة ، والمكاسب الخرافية التى حققها ، او حالة الرضا حال قيامة بهذة الفعلة على أختلاف انواعها ، فيخلق بالتبعية حالة من الأغراء والدافع لدى المستمع المشتت الى خوض التجربة والوصول الى هذة المكانة .
فمشكلة التطرف عندما تناولها الاعلام بعين التوضيح ، أكتنفها مزيد من الغموض ، وأثارت الجدل حولها ، لانة لم يستطع أن يفرق بين التطرف الأصيل و المغالاة احياناً فى الدين ، فاصبحت الصورة المنطبعة فى أذهان الغرب هو أن الاسلام هو الدين الذى يتبنى فكرة التطرف والارهاب مع أن الاعلام الغربى لونظر قليلاً حوله لوجد أن الأزدوجية التى تتبناها الدول الأخرى فى احادثيها وتصرفاتها هى من تجمل شعار ( ارهابنا يختلف عن إرهابكم ) .
فأمريكا من أكبر الدول المناهضة للتطرف ، ورغم ذلك تتزايد بها نسبة التطرف ، لتصبح من أكبر الدول المصدرة لة على الأطلاق .
فالقصة تتلخص فى أن الاعلام حتى الآن لم يستطع الوصول الي قمة الحقيقة الكامنة خلف هذة المشكلات ، بل ما أراد أن يصل إليه هو معالجة فردية خالية من المعايير الحقيقية ، التي لايعرف عنها الاعلام شئ ، فالاعلام لم يزد دوره عن مجرد سرد الحقائق دون أن يحمل إلية المعالجة والتدبير .
وليس هذا رأيي وحدي لكن رأي الكثيرون ، فلقد أوصت هيئة الصحة العالمية والأمم المتحدة فى عام 1976 – فى أحد اجتماعتها بشأن الاعلام والمخدرات ، بأن يبتعد الاعلام عن معالجة هذا الموضوع بطريقة مباشرة ، وأن تطرق موضوعات الأدمان بطريقة غير مباشرة .
لذلك لا نستطيع أن نلوم المجتمع او أن نستحقر أصحاب هذة المشاكل ونعدهم منبذوين ، بل علينا أن نحاسب أنفسنا فى سلسلة من الأتهامات وأن نراجع السياسة التى نتناول ونعالج بها الأفكار الهدامة والمشاكل المستعصية ، لنصل فى النهاية إلي تحقيق ما نسعى فى هذة الحياة لتحقيقة .