مصر الكبرى

05:36 مساءً EET

هل سيضمن لنا الدستور المقبل زواج المدرس بالطالبة التي يعتدي عليها جنسياً؟

طالعنا الإعلام بآخر حلقات مسلسل الإعتداء على الفتيات في المدارس وهو قيام مدرس بالإعتداء جنسياً على طفلة في السادسة من عمرها. تذكرت حلقة لبرنامج مصر الجديدة مع معتز الدمرداش أذيعت منذ أيام، قالت خلالها المُرشحة السابقة لرئاسة حزب الحرية والعدالة، الدكتورة صباح السقاري، أن متوسط سن البلوغ عند البنات في مصر من 9 إلى 12 سنة، وأنه طالما أن الفتاة بلغت فلماذا نحرمها من الزواج حتى سن الـ18 ونتركها تقيم علاقات محرمة خارج الإطار الشرعي؟ وأدركت مدى بُعد نظر السيدة الفاضلة المُدركة لمسئولية الكلمة خاصةً حينما تكون من خلال منبر إعلامي يطالعه الملايين. كان جلياً أن السيدة الفاضلة تستشعر أهمية وحجم المسئولية المُلقاه على عاتق اللجنة المنوط بها كتابة دستور مصر. كما يبدو لي أننا قد بدأنا بالفعل في جني ثمار القيادة الحكيمة للحزب الحاكم ووجوهه الإعلامية المستنيرة.

فبالطبع لا يُمكن أن يُنكر حق الطفلة، عفواً أقصد الفتاة، البالغة ذات التسع أعوام إلا سفيه يرغب في انتشار الإنحلال الإخلاقي بين الفتيات في مثل هذه السنة الحرجة مما قد يدفع الفتاة إلى إقامة علاقات مُحرمة، حتى اسئلوا الأطباء وعلماء النفس ولا أنتم فاكرين إن الدكتورة المحترمة بس طالعة تتقيأ علينا من خلال التليفزويون أكيد قرأت وفكرت قبل ما تتكلم!! أما العوانس اللائي تخطين الثلاثين واللائي يُقدر عددهن بالملايين فدول يولعوا بجاز. وبلاش حقد وغيرة على البنات الصغيرة اللي هتلاقي عدلها قبلكن. مُتن بغيظكن! المُهم هو الآ نحرم الفتاة في سن التاسعة من الزواج وبالمرة الفتاة في سن السادسة أن يتم خُطبتها طالما أن ذلك لا يخالف شرع الله، وكدة المدرس اللي اترمى في السجن بتهمة الاعتداء على طالبة يقوم بُخطبة الطفلة، عفواً الفتاة، ثم يتزوجها عندما تبلغ، يعني يصبر عليها كدة 3 أو 4 سنين، وبكدة تكون المشكلة اتحلت وسترنا البنت اللي مش هتلاقي حد يتجوزها بعد فضيحتها.
عتابي الوحيد على حكماء الحزب الحاكم والتيار الاسلامي المنادي بشريعة الله هو عدم دفاعهم عن حق الرجل في المساواة بالمرأة، فلماذا لا يقومون بالمطالبة أن يُسمح للطفل، عفواً قصدي الفتى، البالغ من العمر 9 أو 12 عاماً أن يتزوج؟ يعني لو أب مليونير وقرر أن يزوج ابنه ذو الإثنى عشر ربيعاً لفتاة مناسبة في التاسعة من عمرها، ما المشكلة؟ هل هذا أمر يتعارض مع شرع الله كي نرفضه ونشمئز منه؟ ألا يجب على الدولة أن أن تُشجع تكوين الأسر "الوليدة" تحت رعاية الأهل؟ لو رجل فقير تقدم لخطبة ابنته ذات التسع أعوام رجل غني في الستين من عمره وقدم له مهر مليون جنية، ألا يحق لهذا الرجل أن يستر ابنته مع رجل يوفر لها وله عيشة رغدة وإن طلقها بعد عدة أعوام أو أشهر لما تكبر وتعجز ويكون عمرها 18 سنة؟ هل هناك نص قرآني أو حديث يمنع زواج فتاة برجل يكبرها بخمسين عاماً؟ لماذا نريد أن نُحرم ما لم يحرمه الله بنص صريح؟ لماذا نعتبر أن زواج الفتيات الصغيرة من الشيوخ مقابل مهر كبير هو نوع من المتاجرة بالبشر؟ كذلك لا يجب أن نمنع النساء الثريات من شراء، عذراً قصدي الزواج، من فتيان دون الـ18، كي نحمي الفتيان أيضاً من المتعة الحرام وكمان يتعلم الممارسات الصحيحة على يد نساء أكبر منه وبعد كده عند زواجه الثاني والثالث والرابع، إعمالاً لشريعة الله، يُمكنه أن يتزوج بكراً بعد أن كون نفسه مع الزوجة الأولى. هذا أيضا ليس متاجرة بالبشر ولا إهدار للإنسانية. لازم الإنسان يكون عملي طالما أن ذلك لا يتعارض مع شرع الله.
ألا يُدرك المشمئزون من حكمة رجال الدين الداعين لتطبيق شريعة الله الرغد والخير الذي ستعيشه مصر على أيديهم؟ ألا يدرك العلمانيون أن الحزب الحاكم والتيار الاسلامي يحملون الخير لمصر وهم معنا على طريق النور، وإنه بفضل حكمتهم ستُصبح مصر مع دستورها الجديد جنة الـpedophiles ومشتهي الجنس "الحلال والذي لا يخالف شرع الله" مع من هم دون الـ16، وبكدة تكون مصر دخلت مجال جديد للسياحة بدل سياحة المايوهات البكيني "الحرام" اللي الرجالة بيكتفوا فيها بالنظر والفُرجة.
تحية لدكتورة صباح الإنسانة التي حسبما يمكن أن أستنتج من كلامها لن تُمانع، في حالة ما سمحت لها القوانين المصرية، أن تزوج ابنتها الصغيرة، لو عندها بنت صغيرة فأنا لا أعرفها شخصياً، من شاب في العشرينات من عمره بل وقد تُساعده إذا كان من أسرة غير ميسورة الحال. فأنا لا يُمكن أن أتهم السيدة المحترمة بالنفاق. فهي بالتأكيد عندما تتحدث، مثلها مثل حكماء الحزب الحاكم، تدافع عن مبدأ ولا تقصد أن يتم تقنين بيع الأسر الفقيرة لفلذات أكبادها لتحسين مستوى معيشتها طالما أن هذا الأمر لا يُمكن أن يمس أسرتها.
هل سمع حكماء الحزب الحاكم وتيار الإسلام السياسي عن علم اسمه علم الاجتماع مؤسسه ابن خلدون (عالم مسلم)؟ وهل يُدركون أنهم بقومون حالياً بتغيير نظرة المجتمع الذكوري للأنثى؟
 النساءُ أكثر عُرضة لجرائم الاغتصاب من الرجال والأطفال وبإرساء فكرة أن الفتاة البالغة من العمر تسع سنوات هي أنثى يُمكن الزواج بها وممارسة الجنس معها ستتغير نظرة المجتمع الذكوري لهذه الفئة العمرية وبالتالي سيزداد معدل تعرض هذه الشريحة العمرية للإعتداءات الجنسية. اللهم إلا إذه قلنا أنه لا توجد مشكلة طالما أنه لو تم القبض على المعتدي قام بالزوج من الفتاة المُعتدى عليها. وبكدة نكون سترنا البنت وحلينا مشكلة تأخر سن زواج الشباب. يعني الولاد يقفوا مع بعض على ناصية شارع، وكل واحد يختار واحدة يعتدي عليها ثم يتوب ويتزوجها بما لا يُخالف شرع الله، وغفر الله لنا جميعاً ذنوبنا.
ويجب على الأسر التي لا يعجبها هذا الوضع أن تكف عن إرسال فتياتها خارج المنزل. لما البنت تنزل بحجة إنها رايحة المدرسة ولا الجامعة ولا الشغل ولا علشان عايزة تشتري حاجة يبقى لا تلوم إلا نفسها إذا ما اشتهاها الرجال في الطرقات وقاموا بالاعتداء عليها، فالرجل لا يُلام. ناقص إننا نسمع واحدة تقول إن الراجل لازم يكون عنده أخلاق ويغض البصر ويحفظ لسانه ويراعي الله في سره قبل علانيته وأن مصر تعاني من أزمة أخلاقية حادة على الرغم من تمسك المجتمع بتقاليد التدين الظاهري! أية فتاة تخرج من منزلها لا تلوم إلا نفسها. أيتها النساء قرن في بيوتكن. قريباً الدستور سيُنسق الأوضاع بما لا يخالف شرع الله.
شكراً لحكماء الحزب الحاكم ورجالات التيار الديني الحريصين على شريعة الله فلقد أحسنوا ترتيب أولويات المرحلة، فبدل ما يوجعوا دماغنا بمشكلة البطالة وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وبدل ما يفكروا في برامج واقعية وقابلة للتحقيق لتحسين دخل الفرد كي يستطيع الشاب والشابة "الراشدة" أن يحيا حياة كريمة ويحققا حلمهما في تكوين أسرة، رتبوا بحكمة أولويات الوطن الذي تولوا مقاليد السلطة به وسيطروا على مستقبله من خلال اللجنة التأسيسية للدستور، وبحماقة، عذراً قصدي وبشجاعة، منقطعة النظير يتسابقون في إلقاء التصريحات المستفزة، عذراً الثاقبة (أنا عمالة أغلط ودمي محروق مش عارفة ليه؟)، للاستمرار في الظهور على الساحة الإعلامية التي بُليت بها مصر، عذراً قصدي مُنيت بها مصر (تاني باغلط!). ما أروعه من فكر! وما أعظمه من ضمير!
بمناسبة مقولة “بما لا يخالف شرع الله”، فهناك أمور كثيرة أعجب من مجتمعنا المعاصر لرفضه إياها رغم أن الله لم يحرمها. على سبيل المثال: لماذا يجب أن أذهب للكلية مرتديةً حذاء بدلاً من الشبشب، رغم إن الشبشب أريح وهذا أمر لا يخالف شرع الله؟ لماذا يجب علي إرتداء بدلة بدل الجلابية المُريحة اللي باقعد بها في البيت رغم إنها لا تشف ولا تصف الجسد؟ لماذا لا أستطيع أن أتجشأ وأنا في مكان عام وإذا فعلت ذلك التفت الناس ونظروا لي باستياء؟ ألا يُدركون أن الله لم يُحرم التجشوء في الأماكن العامة؟ لماذا يجب أن أذهب إلى العزاء مرتدية الأسود؟ لماذا لا يحق لي أن أذهب عزاء مرتدية أحمر رغم إن هذا لا يُخالف شرع الله؟ لا أفهم لماذا يُصر طبيبي أن أبتعد عن أكل الأملاح بحجة أنني مريضة رغم أن الله لم يُحرم ذلك ومش شوية الملح دول هم اللي هيلقوا بي في التهلكة؟ لماذا يُصر أن هناك معايير أخرى يجب أخذها في الاعتبار وأن كل ما لم يحرمه الله بنص صريح لا يعني أننا يمكننا فعله أو قبوله وأنني يجب أن أتابع حالتي الصحية مع "متخصص" ولا اكتفي بأدعية الشفاء؟
 لهؤلاء المنادون بإعمال العقل والمنطق، لهؤلاء المستاؤن من حكمة الحزب الحاكم ورجالات التيار الإسلامي والحالمون بوطن يفخرون به، لهؤلاء الراغبون في حكومة تقوم بخطوات فعالة لتحقيق العيش والحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية، لهؤلاء المتشوقون لدستور يحمي حقوق "الإنسان" على أرض مصر، أقول لهم موتوا بغيظكم، فمصر يُرفرف في سمائها طائر النهضة، وسيستمر في التحليق فوق رؤوسنا طالما أن التعليم في مصر على ما هو عليه، وكله بالإنتخابات!

التعليقات