آراء حرة
كواعب أحمد البراهمي تكتب: تختلف الأزمان –ولايختلف البشر
عندما قرأت قصة عزازيل والتي أعجبتني حقا – والي تدور أحداثها في فترة القرن الخامس الميلادي – والتي ذكر كاتبها أنه قد وجدت القصة كمخطوط عبارة عن لفائف من جلود البقر كتبت عليها الكلمات بخط فاحم – وهي عبارة عن قصة حقيقية كتبها راهب مصري الأصل – وأن أحداثها كانت في الإسكندرية وسيناء وحلب ومدن أخري – حتي أن الراهب هيبا كان قد تعلم واقام عند عمه في مدينة نجع حمادي بلدتي .
لا أريد الحديث عن القصة في حد ذاتها . ولكن الذي أريد الحديث عنه أنه في كل زمان وفي كل مكان يخرج علينا بعض الناس الذين يتمسكون بالدين , أو هكذا يظهرون , ويشعرون هم مع أنفسهم , ويعبرون أمام الآخرين كذلك بأنهم هم حماة الدين – وأنهم هم المحافظين عليه .
وأنهم هم الوحيدون الغيورين علي دين الله , وتحت هذا المسمي وتلك المعاني يرتكبون أسوأ الآثام وأبشعها وهو القتل – يقتلون بأسم الدين . لا أعرف لماذا أغلب الذين يقتلون البشر يتحدثون بأسم الدين 0رغم أن أبشع ذنب وأقسي ذنب وأكثر ذنب لا يغفره الله هو قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق .
وجعل قتل النفس من أكبر الكبائر – وهي من الذنوب التي يظل فاعلها في جهنم أبدا – حيث لا غفران . وفي هذه القصة الواقعية تم قتل أوكتافيا وهيباتيا في القصة بزعم انهما وثنيتين – وان هيباتيا تنشر تعاليم تخالف الدين ( ووقتها كانت تنشر علوم الرياضيات والفلسفة – ) ودائما عندما تتعارض الأفكار يتم إتهام الآخرين بالكفر .
وتنصب المشانق وتصدر أحكام الإعدام . عندما رآها الراهب وسمعها قال أن ما قالته ليس له علاقة لا بالوثنية ولا بالإيمان ولم تتحدث عن الدين إطلاقا – ولكنها سحلت وقتلت لأنها تتحدث في علوم الأرض . ويظهر علينا الآن من يكفر البعض ويقتلهم – ولا أدري لماذا أصحاب هذه الأفكار الدموية يجدون لهم مشجعين ومنضمين ومحاربين – ولا أعرف أيضا لماذا عندما يريدون قتل شخص يحاولون تمرير الأمر إلي أنه سوف يقتل لعدم إيمانه أو لكفره بالله . وتذكرت قول الله تعالي ( وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة .
قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) . قال ذلك الملائكة قبل خلق سيدنا أدم , وعلم الملائكة بطبيعة البشر قبل أن يهبط آدم علي الأرض . ويدل قول الله تعالي أن الله سبحانه قدر خلق آدم لعمار الأرض قبل أن يخلقه , وأنه سبحانه كان يعلم أنه لن يستمر في الجنه التي خلق فيها , وأنه سوف يهبط إلي حيث الحياة والعبادة والفساد . ولكن لماذا فعلا من يريد أن يؤذي أ حد ويقتل تحديدا يبرر ذلك بأسم الدين , ما زالت نفس القصص وستستمر – سيستمر القتل إلي يوم القيامة , وسيستمر الظلم ومحاربة العلم إلي يوم الدين .
غريب فعلا طبع البشر يحاربون أي فكر مخالف ويحاربون النور , ويتعايشون برضا في الجهل – وبالرغم أن أمة محمد أول ما أنزل الله عليها قوله سبحانه وتعالي ( إقرأ ) – لكن للأسف لا تجد أغلبهم يحبون القراءة . ربما القراءة تصحح مسار فكر وتخرج عقلا من الظلام إلي النور. قبل الإسلام قتلت اوكتافيا وهيباتيا للإعتقاد بأنهما ضد المسيحية . واليوم تقوم جماعات كثيرة تحمل مسميات كثيرة تقتل بأسم الإسلام . أي إسلام نادي بالقتل أو حتي الإيذاء .