مصر الكبرى
انتخابات رئاسية … مضروبة
هى اول انتخابات رئاسية تشهدها مصر منذ حركة الضباط الاحرار فى ٢٣ يوليو٥٢ والتى أنهت حكم اسرة محمد على الملكية وأعلنت الجمهورية فى عام٥٣ ، وأيضاً بعد اندلاع ثورة الشعب المصرى فى ٢٥ يناير ٢٠١١ والتى خلعت أخر رؤساء نظام يوليو فى ١١ فبراير ثم دخلت فى مرحلة استثنائية ملتبسة منذ ذلك الوقت تولى فيها السلطة المجلس الاعلى للقوات المسلحة بحكم الامر الواقع وبإعلان دستورى اصدره بشكل منفرد ثم اعلن بعد أحداث دامية عديدة انه قرر انهاء هذه المرحلة وتسليم السلطة فى نهاية يونيو ٢٠١٢ بعد وجود برلمان منتخب بمجلسيه الشعب والشورى وهو ما تم بالفعل ثم رئيس منتخب وهو ما نحن بصدده وذلك كله فى ظل الاعلان الدستورى المبتسر ! وهو ما يعنى بالتعبير الشعبى ..
برلمان على ما قسم ، ورئيس أيضاً على ما قسم ! وعلينا بعد ذلك ان ندبرأمورنا ، وهذا يعنى أن الأهمية الأساسية للانتخابات الرئاسية هى بوضوح انتخاب رئيس يتسلم السلطة من المجلس العسكرى ثم يذهب بها الى البرلمان ليتفقا على كيفية إدارة الدولة لحين وضع مشروع الدستور واقراره بالاستفتاء الشعبى ، ويصبح عليناان نلقى نظرة تحليلية على المرشحين للرئاسة ومن هو المرشح القادر على القيام بهذا الدور فى ظل الحقائق الموضوعية على أرض الواقع ، يمكن تقسيم المرشحين الى ثلاثة مجموعات متباينة تماماً سواء فى انتماءآتها او توجهاتها او قاعدتها التصويتية والأهم مكانتها لدى المجلس العسكرى الذى سيسلم السلطة او البرلمان الذى ينتظر تلك السلطة ، فماذا سنجد ؟ المجموعة الأولى تنتمى الى النظام الذى تهدف الثورة الى اسقاطه تماماً وتضم تحديدا خمسة مرشحين اثنان منهم من رجال مبارك البارزين عمرو موسى وزير خارجيته على مدى عشر سنوات ومرشحه ورجله المخلص أمينا للجامعة العربية عشرة سنوات أخرى وحتى اندلاع الثورة وعدة أشهر بعدها ، واحمد شفيق رجل مبارك وضابط أمنه المخلص فى القوات الجوية ثم قائد القوات الجوية الأثير لديه على مدى عشر سنوات ثم كلفه بإعادة انشاء وزارة للطيران المدنى وعينه وزيرا لها عشر سنوات أخرى أيضاً ثم اختاره عقب اندلاع الثورة ليرأس الوزارة فى محاولة يائسة لانقاذ نظامه واستمر رئيسا للوزراء بعد انخلاع مبارك لبعض الوقت حتى اضطر المجلس العسكرى لإقالته تحت ضغط الثوار ، والثلاثة الآخرين احدهم ضابط مخابرات عامة سابق وضابطى شرطة سابقين ولا يمكن اعتبارهم من رموز النظام الساقط  الرئيسيين  ولا وزن انتخابى حقيقى لهم ، وأى من هذه المجموعة خاصة موسى او شفيق لن يجد مشكلة فى تسلم السلطة ولكن مشكلته الحقيقية بفرض الفوز بالطبع ستكون مع البرلمان المنتظر للسلطة والذى لن يسمح له بممارستها دون وصاية كاملة بالاضافة الى الاحتمالات شبه المؤكدة بالرفض الشعبى من قوى الثورة ، وأى من افراد هذه المجموعة يعتمد فى قاعدته الانتخابية على تيارات فلول النظام الساقط والكارهين للثورة والمضارين منها بنسب متفاوتة من مرشح للآخر ، المجموعة الثانية وتضم بالتحديد خمسة مرشحين أحدهم عبدالله الأشعل اعلن تأييده لمرشح الاخوان والثانى قيادة عمالية يسارية مخضرمة ومحترف انتخابات برلمانية سابق ابو العز الحريري وقد تخطاه الزمن  والثالث قاض محترم لم يجند سوى حزب التجمع للترشح باسمه ويبقى الاثنين الابرز فى هذه المجموعة حمدين صباحى ناصرى التوجه والزعيم الطلابى والناشط السياسى المعارض والمشارك النشط فى فعاليات الثورة تأييده الرئيسى من بقايا التيار الناصرى وبعض التيارات الثورية اليسارية وهو ككل الناصريين يجيد حديث الشعارات البراقة والتى لم تعد سلعة رائجة ولكن يحيط به زخم كاريزمى نسبى والثانى اصغر المرشحين سنا وأكثرهم اقناعا وهو خالد على المحامى والحقوقى المدافع الصلب عن حقوق العمال والقطاع العام والفئات الفقيرة والمهمشة وهو يسارى التوجه وان كان غير ناصرى يلقى قبولا فى اوساط الشباب والمتطلعين لتغيير عميق وجرئ وغير محسوب على الماضى ولكنه متطلع للمستقبل ، وأيضاً هذه المجموعة لا تستند على قاعدة تصويتية محددة او منظمة ومحتمل فى حالة فوز أيهم ان تواجهه مشكلات فى تسلم السلطة ومشكلات أكبر فى ممارستها من قبل البرلمان ذو الأغلبية الاسلامية ، تبقى المجموعة الثالثة وهى من وجهة نظرى الأقوى وصاحبة الفرصة الأكبر فى الفوز رغم كل تقديرات الإعلاميين فى برامجهم الحوارية ومع ضيوفهم المصنوعين واستطلاعات الرأى الوهمية التليفونية والمصطنعة وهى مجموعة الإسلاميين أقلهم  فرصا محمد سليم العوا المفكر الاسلام والقانونى الفذ ولكنه يعتمد على جهد فردى لا يجدى كثيرا فى لعبة الانتخابات المعقدة وفى غياب دعم أى من التيارات الاسلامية صاحبة الجماهيرية ثم عبد المنعم ابو الفتوح الاخوانى البارز التارك للتنظيم والمتمسك بالمنهجية الإخوانية تسانده بعض التيارات السلفية القوية ويلقى قبولا ملحوظا من عدد من التيارات المدنية والقبطية حيث يقدم نفسه كاسلامى وسطى معتدل كما يسانده قطاع معتبر من شباب الاخوان واعتقد انه صاحب الفرصة الثانية يبقى بعد ذلك المرشح الحزبى التنظيمى الوحيد فى كل المرشحين محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة وعضو مكتب الإرشاد السابق للإخوان تقف خلفه ماكينة انتخابية ضخمة ومدربة وقادرة على الحشد التصويتى فى كل أنحاء الجمهورية وعلى كل المستويات وهى تعمل بنشاط وتنظيم وامكانيات مادية وبشرية هائلة وفى حالة فوز أى من مرشحى المجموعة الثالثة وهو الأرجح ما لم تحدث مفاجآت فسيكون تسلمه السلطة من العسكرى سلسا وسيكون توافقه مع البرلمان أكثر سلاسة وستمضى الامور فى اتجاه دستور اقرب ما يكون للنظام البرلمانى وعلينا ان نقف جميعا لنقول .. اسلامية.. اسلامية .. الا تروا معى انها ستكون انتخابات مضروبة … أفيقوا يرحمكم الله