آراء حرة
وليد الغمري يكتب: إعلان الحرب من مسجد السلطان حسن؟!
يوم الخميس الموافق 4 يونيو 2009 وقف الرئيس الامريكى باراك أوباما فى قاعة الاحتفالات الكبرى فى جامعة القاهرة، وباستخدام منصة تحمل شعار الولايات المتحدة الأمريكية، خطب اوباما فى العالم العربي و الاسلامى الخطبة الشهيرة التى حملت عنوان “بداية جديدة” ، لم يكن أحد وقتها يدرك حقيقة البداية التى تم تدشينها فى ثلاثة رموز تاريخية فى عاصمة المعز، هى مسجد السلطان حسن، وهضبة الأهرامات، وجامعة القاهرة.. وهكذا بدأت الحرب فعليا على الأمة.
وبعدها بشهور، كانت أنظار العالم بأثرة متحولة نحو ميدان التحرير، وعلى إحدى الفضائيات الأمريكية، قال رئيس الاستخبارات الأمريكية الأسبق “لم يشهد تاريخ العالم تجمعًا لكل أجهزة استخبارات العالم فى مكان واحد مثلما هو حادث فى ميدان التحرير الآن”، كان هذا حال مصر فى 25 يناير 2011، لم يكن مجرد تاريخ لبركان الغضب فحسب، بل هو بداية لعصر جديد، بدأت فيه واحدة من أعتي حروب الاستخبارات على الكوكب، وأعلنت الحرب على نسور المخابرات المصرية ليس فقط من كل أجهزة العالم التى تريد السطو على هذه الأمة، بل حتى من رموز جماعة الخيانة المعروفة بالإخوان المسلمين، هؤلاء الذين قفزوا على مقاعد الحكم، ليفتحوا أبواب القصور الرئاسية على مصراعيها لكل خائن ومتواطئ وعميل، باختصار مشهد ليس الأخير فى واحدة من أشرس معارك الاستخبارات فى التاريخ الحديث.
وبعد استغلال الإخوان لجهل المصريين بحقيقتهم وامتطاء الجواد الديني للقفز على السلطة، كانت الأوامر الأمريكية قد صدرت للحليف الجديد فى الشرق الأوسط بضرورة تفكيك الأجهزة الاستخباراتية المصرية، كجزء من المعركة الكبرى وهى تفكيك الوطن، وأمام فصيل لا يمكن وصفه غير بالخيانة، بدأت الجماعة التى كان ينتمي إليها رئيس الجمهورية فى إعلان الحرب رسميا على نسور المخابرات المصرية، وأعلنوا بشكل واضح عزم الجماعة” الخائنة” تنصيب محمد البلتاجى احد كوادر الأخوان على عرش المخابرات المصرية، ذلك الرجل الذى قال إن المخابرات تستعين ب6 ألاف بلطجي يعملون ضد الجماعة، والغريب ان جهاز الاستخبارات المصرى، لم يستدعى غير قوة شعبه لحمايته من مخططات الإخوان، ونذكر جميعا الفيلم التسجيلى الذى تم بثه عن وطنية جهاز المخابرات المصرية، لشحن همم المصريين نحو جهازهم الوطني، ووسط عشرات من المعارك الطاحنة بين الداخل والخارج، اثبت هذا الجهاز انه ليس فقط جهاز وطني، بقدر ما اثبت انه واحد من اقوي الأجهزة على سطح الكوكب، وأكثرها أخلاصا للوطن الذى يحميه.
وسقط الإخوان المسلمين بتحالف الشعب والجيش والأجهزة بل بتحالف كل المصريين، ولكن بقيت حرب الأجهزة لم تنتهي بل وصلت الى زروتها فى حروب المعلومات، وبات ان الاستخبارات المصرية قد عقدت العزم على رد الصاع صاعين، ليس للجماعة التى تم إلقاء القبض على كل رموزها وأصبحوا خلف القضبان، بل حتى لأعظم قوة فى العالم، والمتمثلة فى استخبارات الولايات المتحدة الأمريكية، بوصفها القوة التى ترعى هذا التنظيم الخائن، وفجاءة ودون سابق انذار يتم الكشف عن واحدة من أعظم الفضائح الاستخبراتية على ارض الكوكب، ويتم تسريب معلومات تفيد بتنصت وكالة الأمن القومي الامريكى على تليفونات زعماء العالم، الفضيحة التى هزت أرجاء اروبا على وجه التحديد بعد ثبوت تنصت الامريكان منذ 10 سنوات على هاتف الحليفة الالمانية المستشارة ميركل، تزامن معها تسريب اخر من مسؤولين رفيعى المستوى فى المانيا، تشكر جهاز المخابرات المصرى فى المساعدة فى الكشف عن هذه الفضيحة الكبرى، بأختصار الجميع كان قد بدأ فى اللعب بالأوراق الاستخباراتية الكبرى.
ومع هذه التسريبات خرجت عشرات الضربات الموجعة، ليس فقط فى مجال التنصت على الاتصالات التى تم الكشف على ان نصيب هواتف المصريين كان له ما يقرب من 2 مليار تنصت على هواتف الشعب المصرى، بل أيضا مع تسريب معلومات تفيد قيام وكالة الامن الامريكى بالتنصت على مواقع الانترنت الشهيرة مثل ياهو وجوجل والتى يستخدمها مليارات المواطنين حول العالم، وفى نفس توقيت الحدث، يتم تسريب معلومات تفيد بقيام الأجهزة الأمنية فى مصر بالقيام بتفتيش دقيق لكل القصور الرئاسية، بل وحتى المنشئات الهامة والحساسة فى الدولة، بعد الكشف عن قيام جهات غير معلومة بزرع أجهزة تنصت فى قصور الرئاسة فى عام حكم الاخوان؟!.
كل هذه الضربات الموجعة تأتى فى سياق معارك بدت لنا كمراقبين، انها معارك الحسم، وسط نيران مدفعية استخباراتية ثقيلة تريد ان توجه رسالة هامة لكل حكومات الكوكب وأجهزتها، نستطيع كمتابعين عادين قراءتها، فهى تفيد ان فى مصر رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فى حماية هذه الأرض وبات من الضروري ان يدرك العالم حجمهم الحقيقى وقوتهم فى الدفاع عن هذا الوطن، بعد ان ظن البعض ان مصر ليس بها رجال قادرين على حمايتها، ولما لا وقد طفى على سطح الأزمة والحكم، فئة خائنة لم يراعوا حرمة الأوطان، وتحالفوا مع الشيطان من اجل مصلحة جماعتهم الخائنة.
وسط كل هذا الصخب الصامت، كيف أن نقرأ أخبار اتهام الرئيس الاخوانى السابق، وطاقمه الرئاسى، بتسريب معلومات عسكرية وأخرى سرية عن الدولة المصرية، الى المخابرات القطرية دون ان ندرك، ان كل هذا ياتى فى سياق معركة أكبر بكثير، من مجرد قضية خيانة، يتورط لاول مرة فيها فى التاريخ حاكم مصرى، وعلم كل المتابعين لهذا الشأن، ان معلومات ضخمة سوف تدفن فى هذه القضية، لأنها باختصار سوف تفتح أبواب الجحيم فى غير وقتها، بين نسور مصر وثعالب المخابرات الامريكية.