مصر الكبرى
الإخوان سر البرود الجزائري في استقبال “قنديل”
تعاملت السلطات الجزائرية بحذر شديد مع زيارة رئيس الوزراء المصري الجديد هشام قنديل، عكس ما أظهرته التصريحات الرسمية.
وقالت مصادر مطّلعة إن المسؤولين الجزائريين الذين استقبلوا "قنديل" كانوا ينظرون إليه كواجهة للإخوان المسلمين المصريين، وأن الزيارة قد تكون لها نتائج غير محبّذة حتى وإنْ نجحت في إذابة الجليد الذي راكمته مقابلة شهيرة في كرة القدم.
وأشارت المصادر إلى أن الجزائر تتخوف من أن تفتح الزيارة الباب أمام التنظيم الدولي للإخوان كي يضع أنفه في قضاياها الداخلية، ويعيد إحياء الفتنة .
وضم الوفد المرافق لرئيس الوزراء المصري 45 فردا بينهم خمسة وزراء ورجال أعمال ورؤساء شركات كبيرة خاصة شركة "المقاولون العرب" التي تقوم بأعمال بناء كبيرة في الجزائر.
وروت المصادر ذاتها أن دوائر رسمية تخوفت من أن يكون وجود هذا العدد الكبير من الشخصيات محاولة لتغطية الغاية الخفية، وهي إعادة تفعيل التنظيم الإخواني الجزائري الذي تعصف به الانشقاقات.
ويقول مراقبون محليون إن الجزائر تبدي الكثير من الحذر تجاه ملفات الإسلام السياسي، خاصة وأنها الناجي الوحيد من مخلفات "الربيع العربي" الذي صعد بالإسلاميين إلى دفة السلطة.
ويضيف هؤلاء أن الجزائر تتبنى استراتيجة ثابتة في مواجهة التيارات الدينية تقوم على مبدأ التضييق وليس الانفتاح الذي جربته خلال ثمانينات القرن الماضي، وخلّف لها أزمات حادة مازالت تعاني من مخلفاتها.
وكانت شخصيات جزائرية "سياسيون ومثقفون وإعلاميون" قد حمّلوا التنظيم العالمي للإخوان المسلمين مسؤولية ما جرى في البلاد خلال "العشرية السوداء" التي خلفت 200 ألف بين قتيل ومفقود.
واعتبر هؤلاء أن تساهل السلطات الجزائرية مع الفكر الإخواني المهادن في الظاهر، والمتشدد في باطنه، كان وراء ظهور جبهة الإنقاذ "المحظورة حاليا" التي خاضت الانتخابات المحلية في 1990 والتشريعية في 1991 تحت شعارات دينية متطرفة، وعملت على تغيير ثقافة الجزائريين وسلوكهم بالقوة.
وتربى الإخوان في الجزائر، كما في التنظيمات الإخوانية الأخرى، على فكر سيد قطب وأبو الأعلى المودودي التي تقسم المجتمع وتحض على التكفير وتحرض على الانتقام، وهي أفكار ظلت تتحكم في سلوكهم رغم ما تبديه بعض قياداتهم من براغماتية ومناورة.
ويقول جزائريون إن تنظيم الإخوان كان الحاضنة الأولى التي تربت فيها المجموعات المتشددة التي ترفع السلاح الآن ضد الدولة.
وتعصف رياح الانشقاقات بإخوان الجزائر بعد أن فشلوا في الوصول إلى السلطة عبر الانتخابات الأخيرة مثلما توقعوا أن يحكموا قياسا بما جرى في تونس ومصر بعد ثورات "الربيع العربي".
وانفجر المخاض وتسرب الغسيل الى صفحات الجرائد بعدما كان الاخوان في الجزائر الأكثر انضباطا واحتراما لمؤسسات الحركة.
ورغم محاولة لملمة الجراح عبر استحداث تكتل "الجزائر الخضراء" الذي نزلت به حركات "حمس" و"النهضة" و"الإصلاح" لخوض غمار الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلا أن ذلك لم يمنع استمرار حالة الانشطار أمام النتائج الهزيلة التي سجلها التحالف.
وكان اعتماد قيادة الإخوان على سياسة ساق في المعارضة وأخرى في السلطة، بمباركة من مكتب الاخوان العالمي، إحدى بدايات النزيف الذي اشتد بعد رحيل المؤسس محفوظ نحناح، وقدوم جيل جديد تنصل من الارتباط بالتنظيم العالمي، وتحالف مع السلطة ضد إسلاميي "الإنقاذ".
ومن هنا بدأت الخلافات، وأصبح الإخوان بمثابة "مفرخة" لانتاج الأحزاب، فبعد ميلاد حركة "التغيير" بقيادة عبد المجيد مناصرة جاء الدور على عمار غول الذي انشق هو الآخر وأسس حزب " تاج "، الذي أثار جدلا كبيرا بسبب محاولة استنساخ التجربة التركية.
وتقر قيادات في التنظيم الإخواني بوجود "أزمة عميقة" تهدد بإنهاء وجود الحركة، لكن رئيس الحركة أبو جرة السلطاني لا يعترف بوجود أزمة تبرر الانشقاقات، بل اتهم "أجندات خارجية" بمحاولة تفتيت الحركة عبر استقطاب بعض قياداتها.
ويذهب المراقبون إلى القول إن الحركة الإخوانية الجزائرية، التي أصابتها لوثة "الربيع العربي"، تريد أن تصل إلى الحكم بكل الطرق، حتى لا يشعر منتسبوها بالضآلة أمام "إخوان" تونس ومصر.