مصر الكبرى

12:22 صباحًا EET

الإبراهيمي يعلن موافقة دمشق على الهدنة ويطالب مجلس الأمن بدعمه

أعلن الموفد الدولي – العربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أن النظام السوري وافق على هدنة عيد الأضحى التي تمتد لأربعة أيام، مطالبا أعضاء مجلس الأمن بـ«دعم لا لبس فيه» لجهود وقف إطلاق النار.. لكن وزارة الخارجيّة السوريّة قالت إنّ قرارها النهائي سيصدر اليوم الخميس. وفي حين استمر توالي الدعوات الدولية لطرفي الأزمة بالالتزام بالهدنة، أكّد الجيش السوري الحر التزامه شرط تقيّد النظام.. فيما حذرت المعارضة من تلاعب نظام دمشق والاستفادة من الهدنة لشن هجمات جديدة ضد الثوار، وأعلنت «جبهة النصرة» رفضها للهدنة، مضيفة «لسنا بإذن الله ممن يدع مجالا لماكر أن يخدعه».

وأوضح أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي أنه التقى مع الإبراهيمي ووفد حكماء العالم، الذي يضم كلا من الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر ورئيسة آيرلندا السابقة ماري روبنسون ورئيس وزراء النرويج السابق عزوهارم. وأضاف العربي: «تحدثنا في أمور كثيرة عن منطقة الشرق الأوسط تتعلق بسوريا وفلسطين وجنوب السودان وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل»، موضحا أن الإبراهيمي تحدث عن نتائج زيارته الأخيرة لدمشق، وأن الحديث كان مفيدا وصريحا ومهما. وأضاف أن كارتر أوضح أنه مهتم بدعم الحل السياسي في سوريا.
من جانبه، قال الإبراهيمي في مؤتمر صحافي بالقاهرة أمس إن «هناك موافقة من الحكومة السورية على وقف إطلاق النار أثناء العيد». واكتفى الإبراهيمي بذلك، ورفض الإفصاح عن أي تفاصيل. وأوضح بعد مباحثات استمرت قرابة الساعة مع نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، ولجنة الحكماء الدولية، أن الحكومة السورية وافقت على «الهدنة»، مشيرا إلى قيام بعثته بالاتصال بزعماء الأطراف المقاتلة، وأن «معظمهم وافق على الهدنة».. وأعرب عن أمله في حال نجاح «هذه المبادرة المتواضعة»، في البناء على ما تم للحديث عن وقف إطلاق نار لمدة أطول كجزء من الحل السياسي.
وذلك قبل أن يستعرض الإبراهيمي حصيلة جولته التي استمرت 11 يوما على مجلس الأمن الدولي في مؤتمر عبر الدائرة المغلقة في وقت لاحق أمس. لكن وزارة الخارجية السورية أصدرت في وقت لاحق بيانا جاء فيه: «ما زال طرح وقف العمليات العسكريّة خلال عطلة عيد الأضحى المبارك قيد الدراسة من قبل القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة»، مضيفا «سيصدر الموقف النهائي يوم الغد (الخميس) بخصوص هذا الموضوع».
وفي غضون ذلك، قال نائب قائد الجيش الحر العقيد مالك الكردي، لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية رحبّنا ولا نزال بأي هدنة لوقف القتل ووقف إطلاق النار، لكن تاريخ النظام لا يبشّر بالخير. ولا تزال الشكوك تساورنا فيما يتعلّق بجدية التزامه بها»، معتبرا أنّ هذه الهدنة ستكون هشّة من الطرفين بغياب أي ضمانات دولية، وهي بالتالي تتطلب شروطا أساسية لنجاحها، مضيفا «سنواجه ولن نقف مكتوفي الأيدي إذا ما تحركت أرتال الدبابات وآليات قوات النظام لتعزيز مواقعها أو باتجاه المواقع والمناطق التي نسيطر عليها».
وسأل الكردي: «ما الذي يضمن استمرار الهدنة إذا بدأت، وما الذي يمنع قوات النظام أن تخرقها وتتهمنا بالأمر؟، مطالبا بأنّ يتم الاستعانة بمراقبين دوليين. واعتبر أنّ تصعيد النظام لعملياته العسكرية في الفترة الأخيرة يعكس إشارة سلبية لمدى التزامه بالهدنة، مشيرا إلى أنّ مرسوم العفو الذي أصدره الرئيس السوري منذ يومين وأطلق بموجبه سراح المجرمين مستثنيا الثوار – ولا سيما النساء والأطفال – يهدف بالدرجة الأولى إلى استخدامهم في عمليات التشبيح المستمرة التي يعتمدها في قمعه الثورة وفي قتل الشعب السوري».
لكن «جبهة النصرة الإسلامية» (التي أعلنت مسؤوليتها سابقا عن الكثير من التفجيرات الانتحارية الدموية في سوريا) أعلنت في بيان لها أمس رفضها للهدنة، وقالت: «لا هدنة بيننا وبين هذا النظام الفاجر السفاك من دماء المسلمين، المنتهك لأعراضهم، وليس بيننا وبينه – والله – سوى السيف»، مضيفة «لسنا بإذن الله ممن يدع مجالا لماكر أن يخدعه».
وأضاف البيان بحسب وكالة الصحافة الفرنسية: «إننا نرى أن هذه المهل والهدنات التي تتوالد تباعا هي من مكر الليل والنهار، يتواطأ عليه أهل المشرق والمغرب ممن يناصبون الإسلام العداء الظاهر والباطن، ولسنا بإذن الله ممن يدع مجالا لماكر أن يخدعه ولسنا كذلك ممن يقبل أن يلعب هذه الألعاب القذرة فيدخل في المداخل الضحلة ظانا أنه يخدع فإذا هو من المخدوعين أو يمكر فإنه قد هو قد مكر به».
ولاحقا، أشار دبلوماسيون غربيون بالأمم المتحدة إلى أن الإبراهيمي حث أعضاء مجلس الأمن على إعطاء فرصة لتحقيق الهدنة وتحقيق إجماع داخل المجلس، وطالب أن يعطي المجلس «دعما لا لبس فيه» لجهود وقف إطلاق النار في سوريا.
وقال الإبراهيمي خلال إفادته أمس عبر دائرة تلفزيونية من القاهرة، إنه يأمل أن تؤدي هدنة وقف إطلاق النار في سوريا إلى كسر حلقة العنف ومنح السوريين الفرصة لبدء عملية انتقال سياسي، وقال «وقف إطلاق النار سيساعد على خلق مساحة للنقاش السياسي والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية».. لكنه لم يستطع تأكيد ضمانات قدرة هذه الهدنة على الصمود، مشيرا إلى انعدام الثقة بين طرفي الصراع في سوريا، بحسب الدبلوماسيين.
وحذر الإبراهيمي من فشل آخر وانقسام داخل مجلس الأمن يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الصراع وانتشار الأزمة إلى بلدان أخرى، منذرا بنشوب حرب أهلية. وأشار إلى أن تلك الهدنة ستسمح لمنظمات الإغاثة الإنسانية بالقيام بأعمالها وتوصيل المساعدات للنازحين السورية خاصة في المدن السورية المنكوبة مثل حلب وحمص وإدلب.
من جانبه، أيد مجلس الأمن الدولي أمس دعوة الإبراهيمي إلى وقف إطلاق النار في سوريا. ودعا المجلس في بيان وافق عليه أعضاؤه الـ15 الدول المجاورة لسوريا إلى «استخدام نفوذها» على الأطراف المتصارعة لإنهاء الحرب المستمرة منذ 19 شهرا.
ودعا المجلس جميع الأطراف وخاصة الحكومة السورية «بوصفها الطرف الأقوى» إلى الموافقة على مبادرة الإبراهيمي. كما جدد المجلس التأكيد على طلبه من الحكومة السورية السماح «بدخول المساعدات الإنسانية بشكل تام ومن دون أي عوائق» إلى المدن التي يقول النشطاء إنه قتل فيها أكثر من 35 ألف شخص. وقال المجلس إن على جميع الأطراف العمل من أجل التوصل إلى «وقف مستدام لجميع أشكال العنف»، حتى يمكن لعملية الانتقال السياسي أن تبدأ.
وكان السفراء الغربيون بمجلس الأمن قد أثاروا بعض الشكوك حول مصداقية الحكومة السورية والتزامها بوضع حد للقتال واستمرار المواجهات المسلحة خلال الأيام الماضية، على الرغم من محادثات الحكومة والرئيس الأسد مع الإبراهيمي. وأشار المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة مارتن نيسيركي خلال المؤتمر الصحافي اليومي، إلى أن مفاوضات أعضاء مجلس الأمن مستمرة، وأضاف «التركيز الآن هو على هذه الهدنة، والهدف هو البناء فوق ذلك، ومن الواضح أنه يجب اتخاذ خطوات اعتمادا على ذلك».
وقال السفير البريطاني للصحافيين صباح أمس قبل حضوره الاجتماع المغلق: «يبدو أن هناك أخبارا مشجعة، لكننا نحتاج إلى معرفة التفاصيل. وقد قلنا إننا نرحب بفكرة وقف إطلاق النار لكن يجب ألا نفقد الرؤية لهدفين، الأول هو السماح بوصول المساعدات الإنسانية، والثاني أننا نأمل أن تؤدي تلك الهدنة القصيرة لوضع حجر أساس نحو وقف إطلاق نار دائم، ويرتبط ذلك ببدء حوار سياسي وعملية انتقالية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري». وقال السفير الألماني لدى مجلس الأمن بيتر فيتيغ: «نأمل أن يرسل مجلس الأمن إشارة قوية بحيث يمكن الالتفاف وراء جهود الإبراهيمي»، وقال سفير الصين لدى الأمم المتحدة لي باو دونغ: «من المهم جدا أن تفهم جميع الأطراف أهمية إقرار السلام والأمن في المنطقة، وحتى لو كان هناك فرصة واحد في المائة أعتقد أننا يجب أن نبذل جهدا بنسبة 100%».
كما قال سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة جيرار ارو: «هذه ليست المرة الأولي التي تتعهد فيها الحكومة السورية بوقف إطلاق النار، والأمر يتوقف على الالتزام بالتنفيذ الفعلي». بينما قال سفير روسيا فيتالي تشوركين إن موسكو تأمل أن تنجح مبادرة الإبراهيمي، و«نحن نؤيدها بشدة».
وفي سياق متصل، قالت مصادر مصرية مطلعة أمس إن الرئيس محمد مرسي «تشاور» أمس مع الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر، حول الشأن السوري دون الإعلان عن أي إيضاحات بهذا الخصوص، مشيرة إلى أن هذا التشاور أتى ضمن مباحثات بين الجانبين خلال الزيارة التي قام بها الأمير القطري للقاهرة بعد أن عاد من زيارته لقطاع غزة يوم أول من أمس.
كما قالت الحكومة الجزائرية إنها تدعو «بإلحاح الإخوة السوريين، إلى الالتزام بالهدنة التي اقترحها السيد الأخضر الإبراهيمي»، وذكر الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية عمار بلاني في بيان أن هذه الهدنة «ستسمح للشعب السوري الشقيق، بالاحتفال بيوم مقدس في جو يسوده السلم والأمن، وكذا توفير الظروف الكفيلة بفتح الطريق أمام مسار سياسي يهدف إلى وضع حد لدوامة العنف، والتكفل بالتطلعات المشروعة للسوريين». وكان الموضوع السوري أحد الملفات الدولية التي تناولها رئيس وزراء مصر هشام قنديل خلال زيارته الجزائر، ومباحثاته مع كبار المسؤولين الجزائريين على رأسهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وجاء في البيان المشترك أن البلدين «يتعهدان بالوقوف إلى جانب الشعب السوري، من أجل تحقيق مطالبه المشروعة ومؤازرته لتجاوز محنته».

التعليقات