مصر الكبرى
هل مصر تحتاج الي داعية ام رئيس ؟؟
أعادت الثورة تقليب التربة السياسية في مصر وكان من بين ثمارها دخول  الآلاف إلى بحر السياسة وكان من بين من أخرجتهم الثورة إلى المجال العام التيار الأسلامي المتمثل في جماعة الأخوان المسلمين وحزب النور السلفي بالأضافة الي عدد من الوجوه المنتمية للتيار الأسلامي…ولعل من ابرز تلك الوجوة المحامي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل الذي دخل اللعبة السياسية أشبه بهاوِ ركب أمواج «الثورة» شأنه في ذلك شأن كثيرين آخرين. والذي كان اقصي طموحاتة قبل الثورة هو أن يصبح نائباً في البرلمان …واذا نحن نفاجأ به منافسا علي مقعد الرئيس. وما لبث أن تقمّص شخصية الزعيم مقتنصا عقول وقلوب كثير من الشباب الثائر المنحدر من خلفية دينية  بخطابه العنيف ضد المجلس العسكري.
بعيدا عن شخص ابو اسماعيل وبعيدا عن أي مرشح منتمي للتيار الأسلامي علينا ان نسأل عن سبب التفاف البعض حول هوءلاء المرشحين …بدراسة الأمر سنجد ان هناك ثلاثة محددات رئيسية وهي غياب الخطاب الثوري,  اتساع رقعة الدين في المجال العام المصري حيث جرت عملية «تديين» واسعة لمنظومة المعايير والسلوكيات والعلاقات الاجتماعية في مصر بحيث يصبح كل ما هو اجتماعي وسياسي قابعاً تحت سلطة التفسير الديني وتحت هيمنة شيوخه. بالأضافة الي الانفصام الملحوظ بين الدين والتديّن، والقيم والسلوك، فإن النتيجة كانت زيادة السلطة الاجتماعية الممنوحة لهؤلاء الذين كلما ازدادت جاذبيتهم الدينية والخطابية كلما ارتفعت أسهمهم اجتماعياً، ومن ثم يمكن توظيفها سياسياً لاحقاً.
من هذا الباب الكبير دخل هوْلاء ويضاف علي كل هذا تراجع مساحة تأثير الجماعات والأحزاب الدينية التقليدية لمصلحة تيارات وشبكات وزعامات إسلامية جديدة متحررة من العبء التنظيمي وغير مقيّدة بحسابات السياسة اليومية.
ولذا حذرت صحيفة "جارديان" البريطانية جماعة الإخوان المسلمين من دعمها لمرشح رئاسة دون التوافق مع المجلس العسكري والتيارات السياسية الأخرى، وبالرغم من أن دعم الإخوان لمرشح سيكون دفعة قوية له للجلوس على كرسي الرئيس، إلا أنها ستكون أكبر التحديات التي تواجه الجماعة، والتي ستوحد أعداءها السياسيين من ليبراليين ويساريين وسلفيين والمجلس العسكري الحاكم.
فالمنطق الإخواني المتحايل في فهم وممارسة الديمقراطية يبرر إذاً زلات اللسان المتكررة لقيادات الجماعة وفي مقدمتهم المرشد الدكتور محمد بديع في حق المجتمع والنظام السياسي وغالبية القوي الحزبية، ويكفي أن الأخير علي سبيل المثال لم يكتف بالإعلان عن تمسك جماعته بشعارها الطائفي "الإسلام هو الحل" سواء في ماراثون انتخابات مجلس الشعب المقبلة أو حتي بعد الانسحاب منها، بل إنه وعلي نهج "طظ الشهيرة الخاصة بسلفه السابق مهدي عاكف" وصف المجتمع والحكومة ب"النجاسة" في حضور حشد إخواني كبير قبل بضعة أسابيع، كما طالب أيضاً بحذف كافة مواد الدستور التي لا تتفق مع ما أسماه بأحكام الإسلام وتعاليم القرآن في ترويج فج للدولة الدينية..
يا سادة منصب رئيس الجمهورية لا يحتاج الي دعاة وشيوخ وهواة ….منصب رئيس الجمهورية يحتاج الي شخص ذو خبرة وحنكة سياسية …شخص لا يتسبب لنا في تدمير علاقات سياسية مع دول اخري… شخص يجيد لغة الحوار والتفاهم والتفاوض ….شخص قادر علي عبور المرحلة القادمة وفي زمن قياسي يجيد قوام اللعبة الديبلوماسية…شخص موْمن بالتحضر وبالتعددية وبالوسطية والتمدن وبعدم اقصاء الأخر…. هذا الرئيس ينبغي أن يجد حلول واقعية لمشكلات مصر من فقر وتعليم وصحة وان يكون متجرداً من أي جلباب ديني أو حزبي، ولا بد أن يكون وطنياً يناسب جميع مكونات المجتمع المصري، بكل انتماءاته واهتماماته……..مصر تحتاج الي ان تكون دولة متحضرة مدنية …..لا تقفوا معصوبي الأعين ومكتوفي الأيدي وانتم ترون تأكل منظم لمجتمعنا المدني لتأسيس دولة دينية وديكتاتورية جديدة لن ترحل بألف ثورة او انتفاضة ……ولكم في كل من السودان والصومال وايران وافغانستان اسوة ومثال مجسم ……..افيقوا لعل الله ينجينا جميعا.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".