الحراك السياسي
جنسيه للبيع.. مين يشتري؟
أثار بيع الجنسية المصرية للمستثمرين العرب أزمة سياسية، المصريون منقسمون على أنفسهم بين مؤيد لمنح جنسية بلادهم مقابل مال يدعم اقتصاد البلاد، وبين معارض يرى في بيع الجنسية إهانة لمكانة الدولة وبابا لتدفق الإرهاب، الفكرة تدرسها حكومة المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بجدية مقابل 250 ألف دولار.
المعارضون من القوى السياسية والنشطاء يرون في المقترح “إهانة سياسية” لمصر، حيث ستبدو البلاد وكأنها تتاجر في جنسيتها وتمنحها لمن يستطيع دفع الثمن، في حين يجب أن يكون المنح شرفا يحظي به أشخاص بعينهم ولا يقدر بمقابل.
ويحذر خبراء استراتيجيون من أن فتح باب التجنس يحمل مخاطر حقيقية على الأمن القومي، وأكدوا: “قد يصبح بابا خلفيا لتسلل الإرهاب والجريمة المنظمة، كما أنه يشعل الصراعات بين الجنسيات العربية، حيث ستضطر السلطات إلى رفض طلبات التجنس من القطريين وبعض الفلسطينيين بسبب علاقاتهم بالإخوان والميلشيات المسلحة، وهو ما ينطوي على تفرقة في التعامل ويفتح الباب على مصراعيه لمشاكل لا تنتهي”.
ويندد سياسيون بمنح الجنسية لأثرياء من جنسيات أخرى، بما يعني أنه سيصبح من حقهم الترشح لعضوية البرلمان ورئاسة الجمهورية، الأمر الذي يهدد السلم الاجتماعي ويدمر التركيبة السياسية في البلاد، حيث سيعيد زمن استخدام المال في السياسة الذي دشنه رجال أعمال الحزب الوطني المنحل، وأنهته ثورة 25 يناير.
وفي المقابل، هناك من يبدي حماسا شديدا للفكرة مؤكدين أنها حال تنفيذها ستخضع لضوابط صارمة من النواحي الأمنية والاستخباراتية، كما أن مصر تبحث عن مصادر تمويل لحزمة من المشاريع القومية العملاقة.
وسيكون التجنس مصدرا مهما في هذا الإطار، ويقول المؤيدون إن دولا كبرى مثل الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وإسبانيا تبيع جنسيتها، وبالتالي لا داعي للحساسية المبالغ فيها.
واللافت أن حزب النور السلفي انضم إلى المؤيدين للفكرة، وقال شعبان عبد العليم، عضو المجلس الرئاسي للحزب، لا يصح أن نبادر برفض مقترح دون أن نكون قد درسناه جيدا
واعتبر بعض خصوم الحزب أن هذا التصريح يعني أن النور يسعى لمنح الجنسية لرؤساء جمعيات إسلامية خليجية تقوم بتمويله تحت مسميات خيرية إنسانية
أما على الصعيد القانوني، فالاقتراح أثار جدلا بين الفقهاء والمختصين، البعض يرى أن منح الجنسية مقابل مبلغ معين لا محل له في القوانين المصرية
وطبقا للقانون المصري، فإن منح الجنسية لابد أن يستوفي عدة شروط منها موافقة الأجهزة الأمنية، والحصول على شهادة من مصلحة الأدلة الجنائية بمصر، وكذلك في بلده الأصلي، أو البلد الأجنبي الذي كانت فيه إقامته العادية، تثبت أنه لم يسبق الحكم عليه بعقوبة أو جناية أو جريمة مخلة بالشرف.وتكون الشهادات مصدقا عليها من الجهة المختصة قانونيا بالبلد التي صدرت عن سلطاته، ومصدقا عليها كذلك من الخارجية المصرية.
وكان الخبير الاقتصادي محمد سامح – رئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر – قد اقترح تأسيس صندوق “تمويل بناء مصر” على أن يتم تمويل الصندوق من بيع الحكومة الجنسية المصرية لنحو 3 ملايين عربي يقيمون في مصر منذ 15 عاما ولن يعودوا لبلادهم في المستقبل القريب نتيجة ظروف مختلفة ويحصلون على كل أنواع الدعم والخدمات، ولا يدفعون سوى رسوم رمزية كل ثلاثة أشهر عند تجديد الإقامة
وبحسب الاقتراح، يكون الدفع من خلال ثلاثة برامج، يتضمن الأول سداد مبلغ 250 ألف دولار مساهمة لا تسترد في “تمويل بناء مصر” مع منح الجنسية للمتبرع هو وأسرته بعد مرور عام.
وهناك برنامج آخر يمنح الجنسية بصيغة مختلفة حيث يتم سداد مبلغ 500 ألف دولار وديعة بالصندوق تسترد دون فوائد بعد خمس سنوات، حيث لا يحصل المتبرع على الجنسية إلا بعد مرور هذه السنوات الخمس.
أما البرنامج الثالث، فيتم سداد 750 ألف دولار وديعة تسترد بعد ثلاث سنوات ومعها الجنسية. ويفترض الاقتراح أن مئة ألف مستثمر صغير وثري عربي على الأقل سوف يتقدمون للحصول على الجنسية المصرية، مما يوفر سيولة للدولة بحد أدنى 84 مليار دولار وقد تصل إلى 150 مليار دولار.