تحقيقات
باحث أمريكي: أفكار قطب الإخوانية هي أساس إعلان داعش الخلافة اليوم
تحمل “دولة الخلافة الإسلامية”، التي تطمح الجماعات المتطرفة لإنشائها اليوم، دمارها بين ثناياها، بحسب ما أشار المدير المشارك لبرنامج بايلور للدراسات التاريخية في الدين، في ولاية تكساس الأمريكية، فيليب جينكينز، في مقال له على موقع “ديلي بيست” الأمريكي.
نوه كثر من الخبراء إلى الآثار المتوقع ترتبها على إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام(داعش) قيام دولة الخلافة، ومنهم المفكر جي ام بيرغر، الذي أشار إلى أن تنظيم داعش “يتبع استراتيجية فيها مخاطرة عالية”، إلا أن جينكينز يعتبر أن “إعلان دولة الخلافة، في حد ذاته، يعبر عن يأس شديد، وفشل سياسي وثقافي”.
ويبين جينكينز أنه منذ عشرينيات القرن الماضي، كانت جماعات عديدة، ومنها جماعة الإخوان المسلمين، تدعو إلى نظام إسلامي أوسع، عبر استعادة للخلافة، وقد ذهب العديد من مفكري هذه الجماعات لتعزيز أفكار تعد البنية الأساسية لتنظيمات كداعش والقاعدة، اليوم.
ويلفت جينكينز إلى أن أحد أكثر هؤلاء المفكرين تأثيراً، كان العضو السابق في “مكتب الإرشاد” التابع لجماعة الإخوان المسلمين، سيد قطب.
الجاهلية والتكفير
ورغم تعاليم قطب العديدة، إلا أن فكرتين أساسيتين لقيتا رواجاً كبيراً مقارنةً بغيرهما، حيث الأولى هي “الجاهلية”، وهو مصطلح يستخدم عادة لوصف الهمجية المرتبكة التي كانت سائدة بين العرب في العصر الجاهلي، بحسب جينكينز، حيث طبّق قطب هذه الفكرة على العالم المعاصر، ونظام الدولة السائد، لاسيما على الدول والمجتمعات الإسلامية.
واعتبر قطب، حينها، أن المجتمعات الإسلامية هي على نفس القدر من السوء الذي عليه الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل، وكانت جميعها “دولاً فاشلة”، ورأى أن الحل الوحيد لهذه “الجاهلية” هو قبول “الشريعة”.
والفكرة الأخرى التي انتشرت حينها، على يد قطب، هي اعتبار أن جميع المسلمين ليسوا مسلمين “حقاً”، حيث اعتبرهم قطب “غير مؤمنين” و”مرتدين”، منادياً بتكفيرهم، أو نفيهم، أو إعلان خروجهم عن الدين رسمياً، ووحدهم الناشطين المخلصين للدعوة، من وجهة نظر قطب، اعتبروا “مسلمين صادقين”.
اللعنة والبديل
ورغم أن قطب نفسه لم يجعل فكرة “الخلافة” أساسيةً لفكره، إلا أن أتباعه رأوا فيها “البديل الوحيد” عن الجاهلية، وهكذا رآها “حزب التحرير” أيضاً، الذي يعد جماعة متطرفة يمتد نشاطها عبر القارات، ويعتبر “لعنةً” على وكالات الاستخبارات في جميع أنحاء أوروبا وآسيا الوسطى، بحسب جينكينز.
يذكر أن تنظيم القاعدة في العراق كان يبث “صوت الخلافة” عبر الإنترنت، وفي جنوب شرق آسيا، تزعم “الجماعة الإسلامية” أن هدفها “دولة خلافة تحل بديلاً عن النظام الدولي الحالي، من إندونيسيا إلى تايلاند”، واليوم، عندنا التنظيم المعروف سابقاً بداعش، وها هو يسير على هذا النهج الداعي لخلافة إسلامية أيضاً، كما يفيد جينكينز.
وبعبارة أخرى، فإن الإعلان الجديد عن الخلافة، يقوم على مذاهب محددة لـ “إثارة معارضة مميتة من جميع الدول، مسلمة كانت أو غير ذلك، والتي ترفض هذه التنظيمات المتطرفة شرعيتها”.
الكارثة المثالية
وتنفي هذه التنظيمات صفة “المسلم الحق” عن جميع من تعتبرهم أعداءها، بمن في ذلك المسلمين الذين لا يريدون المشاركة في الحروب التي تشنها.
وتطالب التنظيمات المتطرفة بإنشاء نظام دولة جديد، في خضم ساحة حرب دموية، الأمر الذي يعتبره جينكينز “الوصفة المثالية للكارثة”، بكل ما للكلمة من معنى.
ويعود جينكينز ليؤكد أن فكرة الخلافة تحمل في طياتها دمارها، حيث ستشتد المواجهة بين قيادييها، وبوسع المراقب أن يتوقع حرباً بين “خلفاء” عديدين، يقوض كل منهم شرعية الآخر، وينفون بعضهم بعضاً، إلى جانب العديد من الاغتيالات والانقلابات الداخلية.