رأي 11

06:36 صباحًا EET

أجهزة التنفس التلفزيوني

هناك اناس في مصر و عالمنا العربي لا يتنفسون الهواء العادي بل يتنفسون هواء التلفزيون اي لو سحبت الكاميرات التلفزيونية عنهم يموتون.

بالطبع، عرف المصريون والعرب حكاية الموت الاكلينيكي او الموت السريري وكانت أشهرها “كوما” رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون حيث بقي موصلا بالأجهزة التي احتفظت بقلبه ينبض لأعوام حتى تم سحب الأجهزة عنه فمات، ولكن ما لم يتحدث عنه العالم بعد هو “الموت التلفزيوني ” كأمر مقابل للموت السريري، حيث هناك شخصيات كثيرة لو سحبت عنها كاميرات التلفزيون واسلاكها لمدة يوم تموت بالفعل.

ناس تتنفس هواء التلفزيون وليس هواء الانسان العادي. عندما يختنق احدهم او يضيق تنفسه “اديله كاميرا” أعطه هواء تلفزيون وليس أنبوبة أوكسجين.

اعرف ان بعضكم يبتسم وهو يقرأ هذا لانه يعرف اكثر من شخصية مصرية ميته تلفزيونيا اي لو سحبنا عنها الكاميرات تنتهي تماما. او يمكن ان نقول ان هؤلاء البشر أموات في الحقيقة ولكنهم موجودون على الشاشات وحياة الشاشة اهم عندهم من الحياة الدنيا. لا تقلب عينيك في السقف وتحاول ان تداري خجلك من ورود بعض الاسماء بعينها في خاطرك .

هذه ظاهرة منتشرة في مصر، ظاهرة الناس اللي عايشة بسبب او لسبب وحيد هو تواجدها على الشاشة . أصبحت القنوات وخصوصا الفضائية منها كالهيروين نوع من الإدمان عند كثير من الناس. حتى رجل الاعمال صاحب القناة لو لم يظهر كضيف يظهر احيانا مذيع . المرض منتشر ولا يجب إخفاؤه . عار لابد منه.

لو كنت صاحب قناة فضائية لما منحت هؤلاء المدمنين من المذيعين والضيوف كل هذه الأموال فهؤلاء مدمنون وسيأتون اليك من اجل الجرعة والشهرة شأنهم شأن اي مدمن.

هذا اضافة الى ان كثيرين منهم من الذين لا يمكنهم الحياة دونما توصيلهم بجهاز الكاميرات التلفزيونية.

اسحبوا الكاميرات من هؤلاء كما تسحب الأجهزة من المرضى من خلال فلسفة الموت الرحيم.

ارحمونا وارحموهم فهم موتى ولم يتبق الا سحب الكاميرات عنهم فيموتون موتا رحيما وبالتدريج.

وعلى كل من يقرأ هذا ان ينظر حوله ففي مصر تقريبا واحد من كل عشرة مدمن كاميرا.

انظر الى أصدقائك التسعة، فإذا طلعوا “مش مدمنين” يبقى واضح ان سيادتك هو المدمن ومن الممكن ان تصل الى حالة الموت التلفزيوني وتحتاج يوما ما الى قرار الموت الرحيم.

التعليقات