تحقيقات
(مصر 11) تنشر العلاقات السعودية المصرية من الملك فاروق إلى “السيسى”
أعادت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، المرتقبة إلى القاهرة، اليوم، الأذهان إلى العلاقات القوية بين البلدين على مر العصور، فالدولتان تربطهما أسس
قوية نظرًا للمكانة والقدرات الكبيرة التى تتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، بل إن العلاقات بين البلدين تتعدى المصالح الخاصة بشعوبها إلى تحقيق مصالح
وأهداف المنطقة العربية.
وعلى مر العصور أدرك ملوك السعودية هذه الأهمية فى علاقتهما بمصر، حيث شهدت العلاقة بين البلدين تطورًا قويًا منذ توقيع معاهدة الصداقة عام 1926م، وأيدت المملكة مطالب
مصر فى جلاء القوات البريطانية عن الأراضى المصرية ووقفت إلى جانبها فى الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وفى 27 أكتوبر عام 1955 وقعت اتفاقية دفاع
مشترك بين البلدين.وفى عام 1956م وقفت المملكة إلى جانب مصر أثناء العدوان الثلاثى، وقدمت للسلطات المصرية 100 مليون دولار، بعد سحب العرض الأمريكى لبناء السد العالى،
وفى 30 أكتوبر من نفس العام، أعلنت المملكة التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثى على مصر.كما أن يقظة الملك فيصل والرئيس عبد الناصر لأهمية الحفاظ على العلاقات
فيما بين البلدين بعد الشقاق يينهما، بسبب الخلاف الذى حدث إبان حرب اليمن، حين أرسلت مصر فى 26 سبتمبر 1962 قواتها المسلحة إلى اليمن، لدعم الثورة اليمنية التى قامت
على غرار الثورة المصرية، وأيدت السعودية الإمام اليمنى محمد البدر حميد الدين، خوفًا من امتداد الثورة إليها، وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المصرية السعودية، إلى أن انتهت
بالصلح بين ناصر والملك فيصل فى مؤتمر الخرطوم.وعقب العدوان الإسرائيلى على الدول العربية مصر وسوريا والأردن عام 1967م، توجه الملك فيصل بن عبد العزيز بنداء إلى
الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها، وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود. واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر 1973،
حيث ساهمت المملكة فى الكثير من النفقات التى تحملتها مصر قبل الحرب، وأصدر الملك فيصل بن عبد العزيز قراره التاريخى أثناء حرب أكتوبر، بقطع إمدادات البترول عن الولايات
المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل دعمًا لمصر فى هذه الحرب, كما تفقد الأمير سلطان بن عبد العزيز بتفقد خط المعركة فى أحد الخنادق على الجبهة المصرية. وطاف الملك فيصل
بن عبد العزيز بالطواف بموكبه فى عدد من المدن المصرية فى استقبال شعبى بهيج، وقد رفعت رايات ترحيبية كان من ضمنها لافتة “مرحبا ببطل معركة العبور “السادات” وبطل
معركة البترول “فصيل”.غير أن هذه العلاقات بين البلدين بدأت فى الشقاق، عندما جاءت اتفاقية كامب ديفيد، حيث قررت السعودية فى 23 إبريل 1979 فى عهد الملك خالد
بن عبد العزيز، قطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر. فى المقابل شن الرئيس أنور السادات، هجومًا على السعودية، مؤكدًا أن موقفها من حملة قطع العلاقات يعود إلى الاحتجاج على
أمريكا، لأنها تخلت عن شاه إيران ويمكن أن تتخلى عنهم، وإثبات زعامة لا يستطيعون تحمل مسئولياتها أمام العالم العربى.وفى عام 1987 عادت مرة أخرى العلاقات بين البلدين فى
عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك والملك فهد بن عبد العزيز، وبدأت مرة أخرى المملكة العربية السعودية تمد يد التعاون لمصر.وفى أعقاب ثورة 25 يناير 2011م، كانت السعودية
تتابع عن كثب ثورة الشعب المصرى، ومن أهم مواقفها تجاه مصر وقت الثورة، أن الملك عبد الله نبه الرئيس الأمريكى إلى أن المملكة على استعداد لتقديم مساعدات مالية للجانب
المصرى تحل محل المعونة الأمريكية السنوية للقاهرة حالة استمرار الضغوط الأمريكية على الرئيس مبارك للتنحى. وبعد سقوط نظام مبارك، رحبت السعودية بقرار الشعب فى تحديد
مصيره، والانتقال السلمى للسلطة فى مصر، وأبلغت الجانب المصرى رغبتها فى تقديم دعم مالى لحكومة تسيير الأعمال لمواجهة التداعيات السلبية التى يعانى منها الاقتصاد المصرى
، وجددت موقفها بتقديم هذه المساعدات دون ارتباط بموقفها من الرئيس مبارك، مشيرة إلى تحول موقف المملكة من نظام الرئيس السابق وتأييدها لثورة 25 يناير. وخلال فترة تولى
المجلس العسكرى أمور البلاد، سافر المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية إلى المملكة، رغم الأوضاع الداخلية المتأزمة، لتأدية واجب العزاء
فى الأمير نايف بن عبد العزيز، ولى العهد السعودى, لما تمثله المملكة شعبًا وحكامًا من مكانة فى قلب الشعب المصرى. وفى أعقاب ثورة 30 يونيو 2013م، واصلت المملكة تقديم
دعمها الكامل لمصر لمساعدتها فى تحقيق أهداف ثورتيها، ورفض العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز التدخل الدولى فى الشأن الداخلى المصرى. كما أعلن وقوف المملكة
بجانب شقيقتها مصر ضد الإرهاب. كما أعلنت المملكة أنها ستقدم مساعدات لمصر بقيمة 4 مليارات دولار، وهو ما قابله تعهدات مماثلة من الكويت والإمارات، وقام الأمير سعود
الفيصل وأجرى وزير الخارجية السعودى زيارة عاجلة لفرنسا ضمن جولته الأوروبية لدعم مصر. وعقب إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية المصرية 2014, كان العاهل السعودى الملك
عبد الله بن عبد العزيز أول المهنئين للشعب المصرى وللمشير عبد الفتاح السيسى, وأرسل برقية أكد فيها أن المساس بأمن مصر هو مساس بالمملكة. كما دعا الملك عبد الله إلى عقد
مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين لمساعدتها فى تجاوز أزمتها الاقتصادية، وشارك ولى العهد السعودى الأمير سلمان بن عبد العزيز فى حفل تنصيب عبد الفتاح السيسى رئيسًا
لجمهورية مصر العربية.