ثقافة
عبقرية امحتب
يأتي امحوتب في الأولين الذين صدق فيهم قول شوقي
“وآخرون ببطن الأرض أحياء.”
ولد المهندس العظيم امحوتب في الأسرة الثالثة من الدولة القديمة
وكان ميلاده فجر عصر الأهرام المجيد. ورغم ولع المصريين القدماء بالخلود
فقد كتب الفناء على كل ما شيدوه من قصور لدنياهم وآخرتهم. وظل الأمر على
هذا المنوال, إلى أن ساقت لمصر الأقدار , رجلا خير من ألف رجل, إنه
العبقري امحتب. وحري برجل يبني لآخرته أن يكون عالما بأمور دنياه وآخرته
جميعا. فكان امحوتب إلى جانب تبحره في علوم الطب والهندسة الكاهن الأعظم.
عاش طول حياته مبجلا تشد إليه الرحال ويشار إليه بالبنان. ولنا شاهد على
ذلك من قاعدة تمثال للملك زوسر منقوش عليها بعض ألقاب امحوتب العبقري.
وكما أننا لانذكر سننموت من غير أن نشيد بما شيده لحتشبسوت في الدير
البحري و لانذكر الوزير حميونو من غير أن نعلي من شأنه إذ شيد الهرم
الأكبر فلا يجوز أن نذكر اسم امحوتب دون أن نخلع عليه وسام المعمار
لبنائه الهرم المدرج الذي استوحى منه أخوه في المعمار سننموت أسلوب بناء
معبد حتشبسوت. ولعل أول ما يلفت النظر في مدينة الموتى بسقارة هو نتاج
عبقرية امحوتب. نراه أحدث ثورة في البنيان قلبا وقالبا, إنك حين تبني
بالحجر فإنما تبني للأبدية. ونرى في الصروح التي شيدتها العبقرية
الإمحتوبية ظلالا لما كانت عليه بيوت القدماء, وبذلك يكون امحتب أول من
سجل بالمعمار فصلا من التاريخ في مكتبة الأبد.
إن اسم امحوتب مشتق من حوتب ومعناه بالمصرية السلام , ألأجل هذا ما تزال
مومياؤه ترقد في سلام؟ لقد أعيا البحث عن مقبرة امحوتب علماء الآثار
فلابد أن عبقرية امحوتب قد اتسعت لتضم الزمان والمكان فلا تصل إلى رفاته
ومكتبته أيدي العابثين, نعم قلت مكتبته فعالم من نسيج امحوتب لايعقل أن
يقبر بدون مكتبته , فمتى يميط رب الحكمة جحوتي اللثام عن سر هذا العبقري