كتاب 11
لو يسمع الرئيس هذا الاقتراح
اليوم هو أول يوم عمل للسيد الرئيس، ولو يذكر هو، ونذكر نحن، فإن انتخابات الرئاسة كان من المفترض، وفق خريطة المستقبل المعلنة فى 3 يوليو الماضى، أن تأتى لاحقاً، بعد انتخابات البرلمان، لولا أن جدلاً واسعاً قد دار بعد إنجاز الدستور، حول أيهما يجب أن يكون أولاً، الرئيس أم البرلمان، وأيهما يمكن تأجيله، وانتهينا وقتها، إلى أن وجود الرئيس أهم، وأن البرلمان يمكن أن يكون خطوة تالية، وأن يأتى فيما بعد.. وهو ما كان!
فما معنى هذا؟!.. معناه أن مجلس النواب الجديد يمكن تأجيله الآن أيضاً، لبعض الوقت، لا كل الوقت طبعاً، لحكمة سوف نراها حالاً، ومعناه أن المجىء بمجلس نواب فيما بعد ثورة 30 يونيو ليس هدفاً فى حد ذاته، بقدر ما هو رغبة فى أن يكون، كبرلمان حين يولد، مختلفاً عما قبله، وقادراً على أن يحقق الهدف من وجوده.
وبما أن هذه هى الحكاية، فما نتمناه أن يدرك الرئيس الجديد المنتخب أن كثيرين بيننا لا يفهمون إلى الآن، سر التعجل فى الانتهاء من قانون مجلس النواب الجديد، إذا كان من الممكن إرجاء انتخاباته، بضعة أشهر، ليأتى حين يأتى، برلماناً متميزاً، وقادراً على أن يشرع للناس حقاً، ويراقب أعمال السلطة التنفيذية فعلاً، وليكون معبراً وقتها عن القوى السياسية المختلفة فى المجتمع، فلا تتسلل إليه تيارات بعينها، وتقتنصه، وتعيدنا إلى الوراء خطوات، بل أميالاً، كما حدث فى أول انتخابات جرت بعد 25 يناير 2011!
السيد الرئيس.. لا وجه، كما ترى، للعجلة فى هذا الموضوع، وتستطيع لو أردت، أن تؤجل انتخابات البرلمان لعام مقبل – مثلاً – تستعد خلاله الأحزاب المدنية القائمة، للسباق، وتدخله وهى مهيأة، وتذهب إليه منذ هذه اللحظة، وهى تعرف أنها ذاهبة إلى اختبار منعقد لها، موعده يوم كذا، فى شهر كذا!
فإذا ما سأل أحد، عما يمكن أن نفعله، خلال هذا العام، وكيف نعيش خلاله دون برلمان، فسوف أقول إننا يمكن أن ننشئ خلاله برلماناً يضم أبرز شخصيات ورموز المجتمع، على غرار المجلس التأسيسى الموجود حالياً فى تونس، والذى سوف يذهبون به إلى انتخابات برلمان، آخر هذا العام، أو أول العام المقبل.
نستطيع أن ننشئ برلماناً، أو مجلساً تأسيسياً، لمدة سنة لا تزيد، بحيث يضم فى داخله – مثلاً.. مثلاً – أعضاء لجنة الخمسين فى الدستور جميعاً، ومعهم أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، ومع الفريقين مجلس أمناء جامعة النيل، ومجلس أمناء مدينة زويل بالإضافة إلى خبرات اقتصادية وفنية ممارسة، وعدد من الأصوات النسائية المعتبرة التى لا خلاف على صدقها وولائها الصادق لهذا البلد، ويستطيع مجلس كهذا أن يسعفنا – أولاً – كما أسعف تأسيسى تونس بلاده، ثم يستطيع ثانياً أن يسعف الرئيس، خلال هذه السنة، فى مسألة التشريع بشكل خاص، وفى مهام البرلمان بوجه عام، فلا نشعر خلالها بأننا نعيش دون مجلس نواب!
السيد الرئيس.. أريدك أن تذكر، وأنت فى أول يوم عمل، أن 25 يناير 2011 حين قامت كانت تنادى بتغيير النظام، لا تغيير الناس ولا الدولة، وأن الخطوة الأولى نحو نظام جديد هى إحساس المصريين بأن لديهم برلماناً مختلفاً، وألا يسطو عليه الذين سبق أن سطوا على برلمان 2011، وألا تؤدى الانتخابات، إذا تعجلناها، إلى إعادة إنتاج ما كان.
السيد الرئيس.. فى يدك أن تعيد طرح قانون البرلمان للنقاش من جديد، وأن تدعو إلى مجلس تأسيسى من نوع ما أشرت إليه، ليكون سنداً لك، ثم لنا، وأن تبنى البرلمان الجديد على أساس مختلف ومتين، وأن تقطع الطريق على الإخوان وغير الإخوان ممن لا يجيدون فى حياتهم شيئاً سوى أعمال السطو، وأن تمهد الطريق لأن يتشكل برلمان يليق بنا، ونليق به فى مجتمع ناهض نسعى إليه.