كتاب 11
حتى تكون «التالتة تابتة»!
فى اللحظة التى يؤدى فيها الرئيس المنتخب يمينه الدستورية، صباح بعد غد، سوف تبدأ الجمهورية الثالثة.
أما الأولى فكانت منذ قيام ثورة يوليو 1952 إلى 25 يناير 2011، عندما تخلى «مبارك» عن الحكم.
وأما الثانية فلم تستمر سوى عام واحد، وهو العام الذى حكم فيه الإخوان، من يونيو 2012 إلى يونيو 2013!
وإذا كان للرئيس المنتخب، فى جمهوريتنا الثالثة، أن يلتفت إلى شىء بكامل وعيه، فهذا الشىء هو أن حال الجمهوريات التى سبقت لا يسر أحداً، ليس فقط عندنا، وإنما فى كل جمهورية من حولنا!
ذلك أن ثورة 25 يناير لم تشتعل فى وجه «مبارك» وحده، كما قد نتصور، لكنها فى الأساس قامت على جمهورية يوليو كلها، بامتداد رؤسائها الأربعة: نجيب، عبدالناصر، السادات، ثم مبارك!
وليس أدل على ذلك إلا أن هدفاً مهماً من أهداف «يوليو» الستة الشهيرة، وهو «إقامة عدالة اجتماعية»، كان هو نفسه هدفاً من أهداف «يناير» الثلاثة الشهيرة أيضاً.. ولو تحقق هذا الهدف، تحديداً على يد «يوليو»، ما كانت «يناير» قد رفعته، وما كانت قد قامت من أجله، وما كانت قد اتخذته شعاراً!
ولابد أنك عندما تتلفت حولك، وتتأمل حال الجمهوريات العربية، التى قامت بعد الاستقلال، سوف تأسى وتألم إلى مدى بعيد، فإذا ما قارنت أنت بينها، وبين الملكيات العربية المجاورة لها، فسوف تكتشف أنه ليس هناك جمهورية، إلا وانتكست، وأنه ليس هناك ملكية، إلا وتقدمت على أرضها خطوات، سواء كانت قليلة أو كثيرة!
فحال المملكة العربية السعودية أفضل بكثير من حال كل جمهورية محيطة بها، أو قريبة منها، ولابد أننا «نمسك الخشب»، كما يقال، ونحن نرصد هذه الملاحظة، ونتمنى للمملكة السعودية أن يدوم استقرارها، وأن تزداد استقراراً، وأن تقطع خطوات أوسع لصالح مواطنيها، وأمتها.
أما الكويت، فإن عملتها الوطنية فى السماء، من حيث سعرها، مقارنة بسائر العملات، وأما حكومة أبوظبى، ومعها حكومة دبى، فسوف تصبحان معاً، خلال أشهر من الآن، حكومة إلكترونية معتبرة، فى دولة الإمارات العربية، وسوف يكون على المواطن فى الدولة الإماراتية، عندئذ، أن يحصل على رخصة القيادة – مثلاً- وأن ينهى أى أوراق تخصه وهو جالس فى بيته، أو مكتبه، دون أن يقف فى طابور، أو يقصد أى موظف فى أى مكان!.. لقد كنت هناك، ورأيت بعينى تجربة أجراها الشيخ محمد بن راشد لاستخدام طائرة بدون طيار، لإنهاء أوراق أى مواطن!
وليس سراً أن سلطنة عمان صارت مقصداً للاستثمار على مدى واسع، هذه الأيام، وليس سراً كذلك أن المغرب، كمملكة، تنعم باقتصاد معقول، كما أن فيها شبكة من الطرق ليست موجودة فى أى بلد عربى!
هذا هو حال الملكيات.. فماذا أصاب الجمهوريات، من جمهورية عبدالناصر، إلى جمهورية صدام، إلى جمهورية العقيد، إلى جمهورية الأسد، إلى جمهورية على عبدالله صالح؟!
تراها، وترى بؤس حالها، بعينيك، ولست أنا، ولا غيرى فى حاجة إلى أن يشرح ويضيف، فضلاً عن أن الشرح سوف يقلب المواجع ويرش الملح على الجرح!
ولذلك، فالتحدى أمام رئيسنا المنتخب، وأمامنا نحن أيضاً بالدرجة نفسها معه، أن نثبت لأنفسنا، وللعالم، أننا يمكن أن نكون جمهورية، لا ملكية، وأن ننجح!.