كتاب 11

07:35 صباحًا EEST

«عقدة» الطابور!

طوال أيام الانتخاب الثلاثة، كنت أضع لجان التصويت فى الخارج، مقارنة بلجان التصويت فى الداخل، أمام عينى، ثم أطرح على نفسى هذا السؤال: هل اختلف تصويت الخارج، من حيث كثافة الحضور، من جانب جمهور الناخبين، عن تصويت الداخل فعلاً؟!

غالبية التعليقات على ما جرى، بامتداد أيام ثلاثة، تقول بأن اختلافاً قد وقع، وبأن الحضور فى الداخل لم يكن على المستوى ذاته من حضور الخارج، وأن هذا الأخير كان أفضل، وأكثر، بدليل طوابير طويلة رأيناها هناك، فى كل عاصمة أو مدينة شهدت تصويتاً، فى مقابل طوابير أقل عدداً، بامتداد محافظات الجمهورية، وأقصر طولاً!

ولا أعرف ما إذا كان رصد من هذا النوع يظل دقيقاً، أم لا، ولكن الذى أعرفه أن هناك شيئين محددين، لابد أن نكون على وعى بهما فى هذا السياق.

أولهما أن الجهة الوحيدة المعنية بأن تقول لنا كلاماً مفهوماً، عن تصويت الداخل، ونسبته، وعدد الحاضرين فيه، هى اللجنة العليا للانتخابات، فهى دون غيرها التى عليها أن تخرج علينا، ثم تقول، بصراحة وبوضوح، تفاصيل ما حدث.

وما سوف تعلنه هى عن الأعداد، أو النسبة، سوف لا يكون محل شك، ليس لأن الخطأ من جانبها غير وارد، ولا لأنها مبرأة من احتمال اللعب فيما سوف تقدمه لنا، وإنما لأن مراقبين كثيرين من الاتحاد الأوروبى، ومن الاتحاد الأفريقى، ومن الجامعة العربية، كانوا حاضرين، وقد رصدوا كل شىء، ولم يصدر عنهم جميعاً إلى الآن ما يفيد بأن تجاوزاً قد وقع، وبالتالى فإن ما سوف تعلنه «العليا» سوف يكون هو الحقيقة مجردة، أو الأقرب إليها جداً، فى أسوأ الأحوال.

أما الشىء الثانى، فهو أنه من غير المتصور عقلاً أن يكون مصريو الخارج قد أقبلوا بما شاهدناه وتابعناه من كثافة، وأن يكون مصريو الداخل أقل حضوراً وكثافة، فالمصريون هناك هم أنفسهم المصريون هنا، والمرشحان اللذان كانا مطروحين أمام كل ناخب، فى كل عاصمة أو مدينة خارج البلد، هما نفسهما، كما أن برامجهما الانتخابية فى خارج الحدود كانت هى نفسها فى داخلها وهكذا.. وهكذا.. ولذلك فإننى أناقش المسألة من حيث قدرة العقل على استيعابها، ومن حيث قدرة المنطق على تقبلها!

قد تكون طوابير الخارج عائدة إلى أن اللجان هناك كانت أقل، من حيث عددها، فى حين أن الناخبين كانوا كثيرين، وبالتالى فمن الطبيعى أن تتراكم الأعداد، وتتكدس أمام لجنة واحدة، أو لجنتين، أو حتى ثلاث فى كل دولة.. من الطبيعى.

وفى مواجهة هذا، كانت لجان الداخل بطبيعتها كثيرة للغاية، وكانت متناثرة بامتداد كل محافظة، ويكاد يكون كل شارع قد احتوى على لجنة، وبالتالى أيضاً، فإن هذا كله لابد أن يكون فى الاعتبار، عند حساب مجمل الأعداد وكذلك درجة الإقبال ومستواه، داخلياً، أمامه خارجياً.

أريد أن أقول إن الطابور الطويل فى لجنة الخارج ليس علامة مشاركة قوية بالضرورة، كما أن قصر طابور الداخل، عند مقارنته بمثيله فى الخارج ليس بالضرورة أيضاً علامة على مشاركة أقل.

ولابد أن «عقدة» الطابور هذه فى حاجة لأن أعود إليها.

التعليقات