كتاب 11
مصر في عيون قادة دولة الإمارات
شن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين حملات عدة على الإمارات، لم تكن في جوهرها تهدف إلى المساس بالإمارات وحدها، بل كان هدفها الأول والأكبر ضرب العلاقات التاريخية بين الإمارات ومصر، وتهيأ لها أن هذه الحملات بدأت تؤتي ثمارها، إلا أن فشلها النهائي جاء على مستويين متوازيين.
المستوى الأول هو المستوى الشعبي من الجانبين الإماراتي والمصري الذي لم ينجرف عاطفياً وراء المحاولات السافرة لاستفزاز مشاعر الطرفين واستجرار مواقف عدائية من مصر تجاه الإمارات أو العكس، ورأينا في عز الأزمة كيف وقف مصريون يدافعون عن الإمارات، غير متهيبين من الإجراءات الانتقامية التي قد يتخذها في حقهم أذناب الإخوان في مصر، وذلك عندما تطاول القيادي الإخواني «عصام العريان» على دولة الإمارات.
أما المستوى الثاني فهو المستوى الرسمي المتمثل في القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وسائر المسؤولين الإماراتيين الحريصين على عمق العلاقات بين البلدين، وعلى ألا تهزها رياح الفتنة العابرة، ولا تؤثر فيها الحملات المسمومة، انطلاقاً من النهج الذي أرساه الراحل الكبير، المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي كانت لمصر مكانة كبيرة في قلبه ووجدانه وفكره، لإدراكه أن مصر تشكّل القلب النابض للعالم العربي.
إن دولة الإمارات تنطلق في علاقتها مع شعب مصر من مبادئها وثوابتها، ولذلك ستستمر في أداء واجبها العربي تجاه مصر، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في سياق حوار مع الصحافيين والإعلاميين ضيوف الإمارات الذين شاركوا في القمة الحكومية الثانية، في رده على سؤال عن الأوضاع الراهنة في بعض دول الوطن العربي.
إذ قال «إن دولة الإمارات دعمت مصر الشقيقة منذ عهد الراحل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد، طيب الله ثراه، حين عقدت اتفاقية الصلح بين مصر وإسرائيل، واليوم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأنا قدمنا ونقدم الدعم لــ«قلب الأمة العربية» مصر، كي تمضي قدماً في الإصلاح وتحقيق الأمن والتنمية الاقتصادية لشعب مصر الشقيق».
وفي السياق ذاته، أكد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة لن تتخلى عن مصر، وأنها تقدر موقف الشعب المصري البطولي في القضاء على حكم الإرهاب والظلام، واصفاً إياه بالشعب العبقري، ومضيفاً أنه لو كانت هناك «لقمة حاف» لاقتسمتها الإمارات مع مصر.
جاء ذلك أثناء استقبال سموه وفد القوى السياسية المصرية الذي زار الإمارات لحضور معرض أبوظبي للكتاب، برئاسة المستشار أحمد الفضالي، المنسق العام لتيار الاستقلال.
كما أكد سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، خلال خطابه في القمة الحكومية الثانية، أن قادة الوطن لم يتركوا فرصة سانحة إلا كانوا فيها هم القدوة وصناعها، مدللاً بذلك على قيام المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، رحمه الله، بإرسال ابنه البكر وولي عهده (حينها) إلى جبهة الحرب، إبان حرب أكتوبر 1973، للوقوف على احتياجات الجيش المصري هناك.
ولافتاً سموه إلى أن ذلك يدل على مكانة أرض الكنانة في قلوب قادة الإمارات وشعبها، وأن أي اعتداء على مصر وشعبها هو عدوان على الإمارات وشعبها، كما يدل على حرص الوالد المؤسس على إعداد قائد استثنائي للمستقبل.
«الشيخ زايد لم يمت» هو التعبير المصري الخالص الذي استخدمه المرشح الرئاسي وزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي، في الجزء الثاني من حواره التلفزيوني الذي أشار فيه إلى استمرار الدعم الإماراتي لمصر، وهي إشارة حملت في طياتها إشادة وعرفاناً بالدور التاريخي للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد، رحمه الله، في دعم مصر.
وهو الدور الذي لم ينقطع من بعده، وواصل أبناؤه السير على نهجه في دعم مصر، وهو الأمر الذي ظهر جلياً منذ ثورة 30 يونيو حتى الآن، ما دفع مراقبين إلى تأكيد كون المشير يدرك تماماً الدور التاريخي الذي تقوم به الإمارات في دعم مصر بصورة مباشرة.
ووفق مراقبين ومحللين سياسيين، فإن المشير السيسي كشف خلال الحوار عن ملامح سياسته في التعامل مع الدول العربية، خاصة الإمارات التي أبدى ترحيباً بدورها البارز، وكذلك إشادة بذلك الدور المُهم، لتعالج مصر بذلك أخطاء الرئيس السابق محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين الذين كانوا يهاجمون الإمارات، ويحاولون عمل فجوة بين مصر والدول العربية، لتنفيذ مخططاتهم في المنطقة.
وقد جاءت تصريحات السيسي معبّرة بصدق عن حقيقة العلاقة التاريخية الودية بين مصر والإمارات التي كانت علاقة مستقرة على الدوام، وقد شهدت في عهد «الإخوان» سحابة صيف بسبب تجاوزاتهم، ولكنها لم تعبّر إطلاقاً عن العلاقة بين البلدين، وإنما هي مجرد استثناء، وانتهى في فترة قصيرة جداً بالإرادة الشعبية المصرية، لتعود العلاقات المصرية الإماراتية أقوى وأعمق.