كتاب 11

08:40 صباحًا EEST

عميان فى اللجان الانتخابية

هل تتذكروا قصة العميان والفيل، لمن لا يعرفها سأحكيها: يُحكى أن ثلاثة من العُميان دخلوا في غرفة بها فيــــل.. وطُلب منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل ليبدأوا في وصفه.. بدأوا في تحسس الفيل وخرج كل منهم ليبدأ في الوصف.

قال الأول: الفيل هو أربعة عمدان على الأرض، قال الثاني: الفيل يشبه الثعبان تماما، وقال الثالث: الفيل يشبه المكنسة.

حين وجدوا أنهم مختلفون بدأوا في الشجار.. وتمسك كل منهم برأيه وراحوا يتجادلون ويتهم كل منهم أنه كاذب ومدع، الواقع ببساطة أنهم جميعا صادقون، لكن الأول أمسك بأرجل الفيل… والثاني بخرطومه، والثالث بذيله.. في القصة السابقة ليس هناك كاذب وصادق، كلهم صادقون وكلهم كاذبون أيضا.

من الغريب أن الكثيرين منا لا يستوعب فكرة أن للحقيقة أكثر من وجه.. وحين نختلف لا يعني هذا أن أحدنا على خطأ، قد نكون جميعا على صواب لكن كل منا يرى مالا يراه الآخر، بعضنا لا يستوعب فكرة أن رأينا ليس صحيحا بالضرورة لمجرد أنه رأينا، وأن ما شاهدناه ربما يكون ناقصا وليس الصورة الكاملة.

صباح الإثنين، أول أيام الانتخابات الرئاسية تكرر مشهد الفيل والعميان، لكن على مواقع التواصل الاجتماعى، نشرت صديقتين على الفيس بوك تعليقا على صفحتها، يخص ذهاب حمدين صباحى وعبدالفتاح السيسى إلى لجنتهما الانتخابية للتصويت، والذى نقلته شاشات التليفزيون، سأنقل المكتوب كماهو بالحرف، كتبت الأولى:

«ولسه يا ما حنشوف.. قارن بين وصول (مرشح الضرورة) لمقر الانتخابات ووصول حمدين ووقوفه في الطوابير مع الناس وتعامل من معه باحترام وأنت تعرف ضميرك المفروض يكون مع مين»، وشاركت تعليق صديق آخر يدعم رأيها:

«اللي عملوا السيسي وهو بيصوت أكبر انتهاك لدولة القانون دخل لحرم اللجنة بـ 4 سيارات وسط حراسة العشرات الذين أحاطوا به واقتحموا المدرسة وأطاحو بنحو 15 شخصا في الطابور ما بين السقوط أرضا والإزاحة بعيدا وعطل لجنة الانتخابات نحو 15 دقيقة ليصوت ويتحدث مع من تصادف وجودهم قبل أن يغادر ويدفع حراسه المواطنون بشكل مهين وكان من بينهم إعلاميون وكنت واحدا منهم».

أما الصديقة الأخرى فكتبت:

«سيادة المشير عبدالفتاح السيسي ذهب للجنة الانتخابات وأدلى بصوته، في هدوء ورقي وأناقة …… حمدين صباحي يدلي بصوته وسط الجعجعة والصوت العالي واللا نظام واللا أناقه!؟ …. في كثير من الأحيان لا يحتاج المرء الكثير ليبين معدنه وشخصيته».

واحدة كتبت عن إزاحة وعدم احترام حرس السيسى للناخبين، والأخرى كتبت تمجد ذوق وتواضع المشير، كلاهما لم تحضر الواقعة ولكنها شاهدت بعيون غير محايدة الحدث على شاشة التليفزيون ولأن الصحفى دائما فضولى، فلقد بحثت على الفيس بوك حتى وجدت من بين أصدقائى من كان حاضرا للواقعة، وكان لجنته الانتخابية هى نفس لجنة السيسى بالصدفة، وهذا الزميل أشهد له بالأمانة والصدق وهو عصام السباعى الصحفى بجريدة الأخبار، أرسلت له رسالة على الفيس بوك سألته عن الواقعة، ورد على الفور وأنا أنقل حرفيا إجابته:

شهادتي أنه رجل بشوش .. تحدث مع الناس أكثر من الإعلام .. المشكلة كالآتي: اللجنة 19 في مدرسة الخلفاء الراشدين ضيقة جدا وزحام المصورين كان غير عادي.. الشرطة والحرس تعاملا بأدب شديد أمام تزاحمهم .. ثم قام ستة من الرجال الأشداء بعمل حزام بأيديهم لمنع الدخول إلى اللجنة بعد دخول السيسى وفى الواقع اللجنة لا تتسع.. ولم يكن هناك أي تضييق بدليل أنني دخلت قبل السيسي بدقائق دون ممانعة.. والسيسى تحدث مع الكثير من المواطنين بود وتواضع …. وصافح بعضهم وصوره آخرون بالموبايل ومنهم شخص كان متحمسا جدا فى الهتاف للمشير وشكله محترم وأخذت بياناته لأعرف شخصيته ولا صحة أن أحدا كان سيضربه، ومن ارتباك الحرس وغلبهم فقد أحدهم جهازه الاسلكى.. وعندما خرجت عثر عليه زملاؤه في لجنة السيسي، الجو فى اللجنة كان خانقا وشديد الحرارة.

أنتهت شهادة عصام ، وقبل نزولى إلى لجنتى الانتخابية للتصويت ، أحب أن أضيف تعليق صغير: أحترم الاختلاف ولكن أكره الاختلاق ، فمن غير المعقول ان نظل عميانا وأن يصف كل منا فقط الجزء الذى شاهده على أنه الحقيقة المطلقة والصورة الكاملة .ونتعامل دائما على أن من ليس معنا فهو ضدنا ، فبعد ساعات سيكون لدينا رئيس ، ربما يكون مرشحنا الذى ايدناه أو العكس ، فكيف سنتعامل معه ا، هذا السؤال لابد أن نطرحه على أنفسنا لنأهلها للمستقبل .

التعليقات