كتاب 11

09:42 صباحًا EEST

مصر تخرج من كفن السادات

انتصرت مصر في الحرب عام 73 لكن السادات عاد ببيارق النصر لنفسه وترك الشعب وحده في ديكور المعركة ألقى له الفرحة المجانية والهتاف والقشعريرة التي تصيبهم كلما استحضروا بطولات الجنود وبكائيات الشهداء لكن الحكم والأوسمة والعطايا والتنمية والثروة منحهم لفئات قليلة مصطفاه دون الباقين من المصريين وأحدث انقلابا في الخفاء لا يقل أثرا عن انقلاب العلن الذي دشنه ضد حرس عبدالناصر القديم في عام 71.

لقد استمرت حقبة السادات لثلاثين عاما بعد اغتياله مسجاه في شخص حسني مبارك وحكمه وقادة جيشه ورجال أعماله أو باختصار الفئات التي منحها السادات لحم مصر واقام لهم من أجل ذلك شادرا سياسيا واقتصاديا من قوى مختلفة أقر لها الوجود ومنحها نصيبا من ألوان الخلفية وثروة البلاد، لم تتغير هذه القوى ولم تتطور طوال العقود الثلاثة التي تلت موته الى ان حضر الشعب في 2011 عندما استيقظ في صدفة تاريخية لم يعد لها بنفسه شيئا، فدخل الشادر وأوقف حقبة السادات أو سعى لذلك مخلصا وبدأ مرحلة جديدة من الصراع تختلف جوهريا عما سبق، تخلص من فخ البعبع الإسرائيلي ودموع القدس ومخططات الثأر الوهمية من أعداء يقفون بعيدا بعد أن مضوا بقتلانا وقتلاهم الى قضيا أكبر حجما وأكثر خطرا وقيلا.

تسقط العشرات من الوجوه والأفكار والمعتقدات منذ يناير 2011 بشكل يومي من قوائم الشرف المصرية وتذهب الى حيث كان لابد لها أن تكون ومازال التساقط مستمرا، في هذا العام أخذ الصراع شكلا مختلفا عما سبق، بدأ الشعب حربا ضد نفسه، بدأ جهازه المناعي في العمل والتطور وإنتاج مضادات مناعية تجاه كثير من تراكمات الخبث التي انتجت في أيام السادات وأيام ورثته، بالطبع مازال صرح الفساد الساداتي قائما ومازال ورثته يحتلون مكانا مميزا في الصورة لكن الوضع يتغير كل يوم وبسرعة ويدفع الشعب أثمانا مختلفة من أجل هذا التغيير ظهور صور عبدالناصر من جديد والرأس التي استدارت نحو روسيا وسقوط الاخوان المدوي، القبول بوجود حمدين والسيسي في سباق رئاسي يغيب عنه رموز دينية وسياسية كلاسيكية …مؤشرات لا يمكن الا التوقف أمامها كثيرا هناك مفارقات لابد من رصدها فعبدالناصر مثلا لم يكن نبيا والاخوان كانوا يقفون تحت راية الله وروسيا ليست القوة العظمى التى تعين بكثير أمام الديناصور الأمريكي، ان الاستحسان الشعبي لهذه التغيرات قد يشير الى افلاس التاريخ القريب والواقع كما قد يشير الى واحدة من حالات استعادة الذاكرة ومحاولة لضبط البوصلة حيث كان يقف قبل أن تضربه حقنة المخدر التي رشقها السادات في جسده، الشعب مازال يفتح أنفاقا ونوافذ في جسد عصر الانحطاط ذو العقيدة الساداتية وفي طريقه ليوم مكتمل الانتصار.

التعليقات