كتاب 11

12:50 مساءً EEST

صورة طبق الأصل!

ربما لم ينتبه أحد إلى أن ما جرى فى تايلاند، التى تبعد عنا عشر ساعات بالطائرة، بدا على امتداد سبعة أشهر عندهم، وكأنه صورة طبق الأصل مما شهدناه عندنا، على مدى عام كامل، مع الإخوان!

فالدعوة التى وجهها الجيش التايلاندى، أمس الأول، إلى الحكومة والمعارضة معاً، من أجل الجلوس على مائدة حوار واحدة، هى صورة بالكربون من الدعوة التى كان الجيش المصرى قد وجهها إلى الإخوان عندما كانوا فى الحكم، فى يناير قبل الماضى، ليجلسوا مع معارضيهم على طاولة واحدة، للوصول إلى حل!

الغريب أن الدعوة فى تايلاند تم توجيهها إلى الأطراف المختلفة، بعد سبعة أشهر من بدء الأزمة عندهم، وأن الدعوة عندنا تم توجيهها أيضاً، بعد سبعة أشهر من وجود الإخوان فى الحكم، وبعد أن عارض الناس وجودهم فيه، منذ اليوم الأول!

وبمثل ما تصاعد سقف مطالب المصريين من الإخوان، بمثل ما تصاعد السقف فى تايلاند بالدرجة نفسها!.. ففى مارس الماضى، طالب المعارضون رئيسة الوزراء فى ذلك الوقت، شيناواترا، بإجراء انتخابات مبكرة، فتلكأت، وراحت تفكر، وفى الوقت الذى كانت هى تفكر فيه، كان سقف المطالب يواصل الارتفاع، حتى إذا عادت وأبدت استعدادها لإجراء انتخابات مبكرة رفض معارضوها، وطالبوا برحيلها شخصياً.. وهو ما كان!

ولابد أن مشهداً من هذا النوع قد عشناه بمضمونه وتفاصيله، يوم خرج علينا محمد مرسى، قبل رحيله بـ48 ساعة، متجاهلاً مطلب الذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكرة، ومتحدثاً طول خطابه الأضحوكة عن الشرعية وحدها، لدرجة أنه بين الشرعية والشرعية فى كلامه كان يتحدث عن الشرعية!.. وكأنه والحال هكذا، كان يشعر بينه وبين نفسه بأنها تنقصه، فكان يعوض ذلك بالكلام عنها، طول الوقت، إلى حد دعا مستمعيه يومها إلى الإشفاق البالغ عليه!

طبعاً.. نذكر أن الإخوان أفسدوا دعوة الحوار التى تبناها الجيش، ونذكر أنه قد جرى إلغاؤها بعد توجيهها بساعات، دون إبداء أى أسباب، مع أنها، لمن يتأملها، كانت طوق نجاة لهم، غير أنها، على جانب آخر، كانت فى حاجة إلى درجة من الوعى العام، لم يكن لها أثر عندهم!

ولم يبدد الإخوان، بحماقة متأصلة فيهم، تلك الفرصة وحدها، وإنما بددوا بعدها فرصتين: واحدة عندما أمهلهم الجيش مع غيرهم، أسبوعاً، ومرة عندما أعطى الجميع 48 ساعة، كفرصة أخيرة!

وإذا كان الأمر فى تايلاند قد انتهى، صباح أمس الأول، إلى نهاية قريبة مما جرى عندنا، فليس لهذا معنى، سوى أن مثل هذه النهايات تصبح أمراً لا مفر منه، عندما تعلو مصالح الأفراد والجماعات مصالح الوطن كوطن يتعين أن يتسع للجميع، دون تمييز بينهم على أى أساس.

كما أن هناك معنى آخر، وهو أن «مرسى» إذا كان يقف أمام المحكمة، اليوم، بثلاث تهم، كل تهمة أشنع من أختها، فإن هناك تهمة رابعة لابد أن يقف بها يوماً أمام جهة تحاكمه عليها، وهى الغباء، ولا شىء غير الغباء، لأن الشخص الذى يضيع ثلاث فرص من نوع الفرص التى أتيحت للرئيس الإخوانى لا يمكن إلا أن يكون مع جماعته من أغبى الناس!

التعليقات