كتاب 11

07:38 صباحًا EEST

وفي سنة 2014 صاح الديك

عام 2011 كان عام الأحلام الثورية العربية وتقديس الميادين، وترميز التونسي البوعزيري، وعربته، والمصري خالد سعيد، ومقتله، وامتدت هوجة التقديس لميادين صنعاء وبنغازي، وحاولوا في البحرين والعراق استنساخ الحالة الميدانية الغنائية تلك، ولم يفلحوا.

عام 2012 كان خشنا على الحالمين، وخرجت من تحت ضجيج الهتاف الثوري صرخات تلاميذ حسن البنا وجماعته، وانبعثت أدبيات سيد قطب والظواهري وأسامة بن لادن، وبين حانا الإخوان ومانا الدولة، تاه الحالمون في الزحام. بين حانا ومانا ضاعت أصوات الحالمين الرومانسيين، ولم تضع لحى المنقضين على «تخت» الملك وكرسي الخلافة.

في 2013 اتضحت المعالم، وتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وكشر الإخوان وحلفاء الإخوان من جهاديين وقاعديين في ليبيا ومصر واليمن عن أنيابهم، وبلع الثوار حسراتهم، واحتاروا، وتحفز أنصار الدولة لمواجهة أنصار الخلافة.

في 2014، بدأ عام الحسم والحزم، واتضحت معالم المعركة بين أنصار الجماعة وأنصار الدولة، وضاع الثوار بين لطم الخدود وشق الجيوب.

عام 2014 هو عام الجيش المصري، وعام أغنية «بشرة خير» التي مجدت خارطة الطريق المصرية، وعام ثورة المصريين على حكم الجماعة، وعام الانهيار الكبير لهم.

عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون.

لم تعد للجماعة من قدرة على التخفي خلف شعارات ثورية جبهوية غائمة تضيع فيها أصواتهم الحقيقية في غمرة الضجيج الثوري الزاعق عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وثورات الشعوب الحرة. إنه عام تساقط الأوراق والشعارات والأقنعة.

لكن ما يخشى منه هو تحول هذه الأحلام من مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان، ومن جماعة إلى شخص مخلص وبطل أسطوري. لذلك كانت الخطب والكلمات التي أدلى بها المشير السيسي في مصر عن مدى خطورة وصعوبة التحديات التي يجب على مصر تخطيها في السنوات القليلة المقبلة كلمات مهمة وضرورية في هذا التوقيت من فوران الأحلام ويقظة الآمال، خاصة تأكيده على أنه يريد من المصريين أن «يتعبوا» معه، فالحمل ثقيل، وغدا نرى.

نحن الآن أمام منعطف واضح وطريق بيّن يقع بين ضباب الحلم وسطوع الواقع المعيش. إنه عام الانتقال من الهواء إلى الأرض العراء، وعلى كل حالم أن يؤجل تعلقه بحبال الأحلام المفتولة من العهن المنفوش.

الحلم حافز للعمل إن كان مقتصدا، والأهم إن كانت له أرجل يمشي عليها، مغروسة في الأرض، وأذرع يتناول بها حاجات الناس ومقابض الواقع. لكن هذا الحلم يصبح مخدرا إن تجرد من هذا، ويصبح كابوسا مدمرا إن تصرف الحالم وفقا للوهم القاتل.

ذاب الثلج وبان المرج. وصاح ديك النهار.

التعليقات