كتاب 11
الرئيس الذى لا نريده!
أحسست وكأن الرئيس الأمريكى أوباما كان يتكلم عن أشياء تخصنا، فى مستقبلنا، حين قرأت له كلاماً، قبل أيام، يقول فيه إنه يملك مشاريع تنمية كبيرة، وكثيرة، للشعب الأمريكى، ولكنها تبقى حبيسة أدراجها، لا لشىء إلا لأن شريكاً له فى الحكم يصمم على رفض كل شىء!
أما هذا الشريك فهو الحزب الجمهورى، الذى يجلس فى مقاعد المعارضة الأمريكية، منذ أن جاء أوباما إلى الحكم فى البيت الأبيض، قبل نحو ستة أعوام.. فمنذ ذلك اليوم، ولا يكاد حزب الرئيس هناك، الذى هو الحزب الديمقراطى، يشير إلى شىء يجب فعله وإنجازه، فى اليمين، مثلاً، حتى يسارع الحزب الجمهورى ويشير إلى أقصى الشمال!
وفى أحيان كثيرة بدا هذا التوجه، من جانب الجمهوريين فى الولايات المتحدة، وكأنه معارضة من أجل المعارضة فى حد ذاتها، حتى أصبح أوباما عاجزاً عن تنفيذ برنامجه الانتخابى، الذى كان قد وعد ناخبه به، حين كان مرشحاً رئاسياً، وحتى أصبح عجزه، كرئيس، لا يرجع إلى قلة إمكاناته بقدر ما يعود إلى أن الحزب الجمهورى لا ينشغل بشىء قدر انشغاله بأن يضع للرئيس العقدة فى المنشار، كما نقول نحن فى واحد من أمثالنا الشعبية!
شىء من هذا، بل هذا نفسه، هو ما أخشاه بالنسبة للمشير السيسى، إذا ما فاز فى سباق الرئاسة، ولابد أنه، كمرشح رئاسى فى لحظتنا الحالية، يحسب حساب هذا الأمر جيداً، غير أنه لا يقول لنا كيف يحسبه!
وفى المرات القليلة التى أجاب فيها المشير عن تساؤلات حول هذا الموضوع، فإنه قال كلاماً غير مقنع، بالنسبة لى على الأقل، إذ كان جوابه شبه الثابت، عما سوف يفعله إذا لم يكن البرلمان المقبل يضم كتلة برلمانية تسانده وتقف إلى جواره كرئيس، أنه سوف يعتمد أكثر على ظهيره الشعبى، والفكرى، لا البرلمانى!
والحقيقة، أن هذا كلام لا يقنعنى، خاصة أننا نعرف أن دستور 2014، الذى جرى إقراره فى يناير الماضى، يأخذ من صلاحيات الرئيس، ويضيف إلى صلاحيات البرلمان، وإلى صلاحيات رئيس الوزراء، ويجعل من الرئيس، فى حالات كثيرة، وكأنه متفرج على ما يجرى من حوله، بدلاً من أن يكون مشاركاً فيه، وبقوة، فضلاً عن أن يكون صانعاً له بالأساس!
وقد قرأت فى صحيفة «البيان» الإماراتية، صباح أمس، كلاماً للمشير يقول ما معناه إنه فى حالة فوزه لن ينتظر البرلمان، لتنفيذ مشروعات التنمية التى وعد بها فى برنامجه الانتخابى، وإنما سيبدأ فى تجسيدها على الأرض فى الحال!
وهو كلام يبدو جميلاً فى شكله، ولكن مضمونه لابد أن يستوقفك، ولابد أن يجعلك تسأل عما سوف يفعله الرجل عندما يتشكل البرلمان ولا يكون متوافقاً معه، أو لا يكون مزاجه العام، كبرلمان، مع المزاج العام للرئيس، فى ذات الاتجاه؟!
وإذا كانت اللجنة القانونية، المكلفة بتعديل قانون الانتخابات البرلمانية، قد انتهت إلى أن تكون الانتخابات المقبلة بالنظام الفردى فى 75٪ منها، و25٪ لنظام القوائم، فإن هذا فى حد ذاته مهم، ليبقى الأهم منه هو ما سوف ينتجه البرلمان القادم، من حيث تركيبته، وتوجهات أعضائه سياسياً، سواء جاءوا بالقائمة، أو بغيرها.
نريد رئيساً مستطيعاً بذاته، لا بغيره، أياً كان هذا الغير، ونريد برلماناً يسعف الرئيس، ولا يعوّقه، أو يعطله، أو ينصب له الفخاخ فى كل طريق يمشى فيه!