مصر الكبرى

02:02 مساءً EET

أسطورة الرئيس المحارب

يحكي أنه منذ نحو ثلاثين عاما أو نيف، شهدت بلاد عريقة ذات حضارة عظيمة تنصيب رئيس عربي أراد أن يصبح قائدا وزعيما وبطلا مغوارا ومحاربا لا يشق له غبار. التقط بقية القادة العرب وحبايبنا التاريخيون في الغرب والشرق أحلام الرجل ووعدوه بأن يصبح البطل الأهم والقائد الإقليمي. أغدقوا على الرجل العطايا والأموال والمساعدات ليحارب جارته الشيعية وقالوا له أن النظام الشيعي الجديد الذي تولى الحكم في هذه الدولة لابد وأن يسقط وان تلك مهمته المقدسة. أسموه حارس البوابة الشرقية وعاملوه بكل احترام.
ظل الرجل يحشد أبناء وطنه ويشحنهم للحرب ضد جيرانهم واخوتهم اكثر من ثمانية سنوات. حتى انه لم يكتف بمواطني دولته العريقة وظل يحشد ويحشد حتى رجال العمالة الاجنبية في بلاده ويشحنهم الى الموت على الجبهة بينما هو يتعامى عن ثروة بلاده التي تتضاءل يوما بعد يوم. كان الرجل على يقين بأن الدول الصغرى في الخليج والتي لا تملك جيشا –ياحرام-  ولا أسطولا ستمده بالأموال والمعونات وترفع عن كاهله الأعباء الاقتصادية على أن يفوز هو وجيشه المتين بالحرب ويكتسح العدو ويصبح البطل الذي تتغنى باسمه شعوب المنطقة اما لأسباب طائفية ذات صلة بكونه يحارب الشيعة أو قومية بصفته فارس وكبير النشامى الذي يحارب الفرس.ظل دون كيخوته العربي يحارب ويقف أمام الكاميرات يبتسم في ثقة حتى انتهت الحرب وانتهى معها هو أيضا. لم يسقط الرجل لكن جيشه تهلهل وكف المانحون الأسخياء أياديهم عن المنح. وكما يقول المثل المصري بدأ يفتش في دفاتره القديمة.
أخذ الخواجات يفكرون في الضربة الثانية التي سيقع بها المحارب المغوار الذي دفعوه ليخوض معركتهم وحقنوا دماء أبنائهم بينما سفك هو دماء مئات الآلاف من بني وطنه. أعطوه ضوءا أخضر لمهاجمة الدولة الصغيرة التي تجاوره وقالوا أنهم لا يمانعون وأن ذلك حقه وعليه أن يعوض خسارته في حربه الكونية عن طريق الاغارة على جيرانه الذين دعموه في حربه مسبقا. وابتلع الطاووس الطعم وما ان تحرك نحو الجارة حتى كانت الهبة العالمية. هاجموه وطاردوه وحاصروه وضربوا جيش بلاده الضربة الثانية القاضية. جيشه الذي كان يمكن أن يكون ذخرا للعرب ودرعا وحاميا لحدودهم تكسر مرتين الاولى على صخرة فارسية والثانية على صخرة التحالف الدولي.تقهقر الرجل بين أهله وعشيرته وضرب على بلاده الحصار. كان شعبه الكريم وبفضل مجهوداته العظيمة يتسول لقمة العيش ويستأذن الأمريكان واممهم المتحدة من اجل شراء ألبان الاطفال ويظل شهور منتظرا كوبونات النفط مقابل الغذاء. ظل ينتظر المعجزة ويراقب الأمريكان والمؤسسات الدولية وهي تغير على منشآت بلاده كل بضعة أشهر بزعم انه يخزن اسلحة دمار شامل رغم أن الرجل وبلاده أصلا كانوا قد وصلوا الى مرحلة الدمار الشامل والكامل.
ثم كانت القاضية والثالثة ثابتة عندما اكتشف الامريكان والانجليز وامراء النفط -حلفاء الرجل في الثمانينات الذين دفعوه دفعا للحرب ومولوه بالمال والسلاح- ان الرجل ارهابي وان بلاده تأوي ارهابيين وأن المعركة العالمية والحرب الدولية على الارهاب بحاجة لاجتثاث رأسه الغبي. وقد كان، منحوه الضرب الثالثة والقاضية. احتلوا بلاده واعتقلوه سحبوه من الحفرة الشهيرة وأعدموه نكاية في العرب والمسلمين صبيحة عيد الأضحى وجعلوا من رجال علموا العالم الحضارة مسوخا تنتهك أعراضها في ابو غريب وماشابهه. سبوا نساء بلاده واستحلوا تاريخها وآثارها وفتحوا خزائن كنوزها ودمروها وبعثروها وأرسلوها للعالم دلالة على المجد الذي كان ولن يكون ثانية.لكن العرب –وخاصة حكامهم- لا يقرأون ولا يعي احدهم درس الآخر. ويظن كل منهم أن بلاده ليست مثل الآخرين فمصر ليست تونس وليبيا ليست مصر وسوريا ليست ليبيا وهلم جرا. يظن كل من حكامنا أنه معصوم وأن لديه أسبابا كافية ليخوض الحرب بالوكالة وأن كونه حاكما يمنحه حقا الهيا في تقرير مصير الملايين بفعل نزوة مجنونة أو حسابات خاطئة.
يدفعه الأثرياء من جيرانه والأقوياء في الغرب لخوض الحروب ويخدر هو شعبه بأسباب دينية او قومية لخوض الحرب على أرض شقيقة. لا يحسب حسابا أنه سيخلق عداء تاريخيا مدمرا بين شعبين عاشا قرونا في تناغم وحب وتكامل حتى أنهم زرعوا كيانا سياسيا كاملا في المنطقة بينهما فقط ليشتتوا شملهم. لم يحسب ان أما سوريا وأما مصرية ستصبحان ثكالى ولدى كل منهما ثارا لدى الخرى من أجل ان يككل هو بأكاليل النصر وربما يمنحونه حتى صولجانا ذهبيا أشبه بذلك الذي اقتناه القذافي.
يخبر الحاكم أبواقه ممن يسيطرون على المنابر ان كانت في الاعلام او في دور العبادة بان تلك الحرب ستأتي بالعدل لأشقائنا المظلومين وستأتي باللبن والعسل الى بلادنا. وأظن اننا سنسمع خلال الأيام القادمة ان الطريق الى القدس يمر عبر دمشق.لك الله يا سوريا ولك الله يا مصر. ابتلانا الله بحكام يريدون لشعبينا أن يتناطحا وأن يصبح بينهما دما وثأرا. ان القلب ليحترق على سوريا وأهلها وما يفعله الظالم بها. لكن الحرب في سوريا أمر جلل كفيل بتدمير جيش مصر وما تبقى من الجيش السوري فيصحو العرب غدا عرايا ولقما سائغة أمام العالم.لو كان الحق والعدل ومجابهة الظلم هو ما سيدفع مصر للحرب في سوريا فأنا اقترح أن نحارب في البحرين أيضا لأن هناك مظاليم فيها وماذا عن فلسطين التي ترزح تحت الاحتلال منذ عقود طويلة. ان كان الاسد مقاوما فلماذا لا يحرر الجولان ام أن الدبابات قادرة على تدمير حمص ولا تجرؤ على النظر نحو مجدل شمس. لماذا لا يطلب السيد أردوغان من الناتو الاذن للتحرك وانقاذ السوريين من معاناتهم أم أن الدرع الصاروخية التي نشروها على أرضه والأسطول الامريكي السادس الذي يمرح في مواجهة شواطيء بلاده لا يريد التورط في حرب جديدة ولا سفك الدماء الغالية لرجاله.
يا سيادة الرئيس.. لن يكون أولادنا عتبة تطأها من أجل المجد ولا نريد مالا او مساعدات ملوثة بدماء سورية حتى لو كانت دماء ظالمين. لا تكرر أخطاء قام بها غيرك. واحذر فالبعض حتى اللحظة ينظرون الى جماعتك كأحد المعاقل الفكرية للارهاب والاسلام المتطرف وقد يندارون على مصر بعد ان تخلص انت سوريا ليخلصوا هم مصر من الارهاب. لا تدمر جيش مصر ولا تنسى أن هؤلاء يستقبلونك على ابوابهم ويشحذون خناجر سوف تغتال أبناء مصر وسوريا في آن واحد.ولك سيدي الرئيس في صدام حسين درسا وعبرة.

التعليقات