كتاب 11

01:57 مساءً EET

لا تأكلوا مصر

الفارق شاسع جدا بين الامنيات العريضات والوقائع العويصات ،بين احلام اليقظة وبين الحسابات العملية الواقعية ،بين القدرات الحقيقية والكامنة وبين القدريات الحاله التي تخلق ظروفا غير مواتية ،بين الاحساس بالظلم ومن ثم المطالبة بالتعويض علي انه حق وبين الاحساس بالظلامية ثم التحول للعدمية .

فممن نطلب ومن يستجيب ومن يملك ان يستجيب ولمن ؟!

من ضمن الظواهر المعقدة التي طفت علي السطح قبيل واثناء وبعد الثورة ظاهرة الطلبات سواء الفئوية او الثورية او السياسية او الاقتصادية والاخطر بطبيعة الحال المطالب الفئوية التي ترتكز علي مطالبات مادية بالاساس وتحسينا فوريا ماليا لمواجهة ارتفاعات الاسعار وتحسين الدخول ..الخ واللافت للنظر ان الكل يطلب ثم يطلب ويتطور الامر للعصيان والاضراب ثم الاعتصام ثم تعطيل العمل ثم قطع الطرق وتعطيل المؤسسات .نعم هناك مظالم وهناك ظروف معيشية حالكة للكل وهناك نقص وعوز نعم هذا حقيقي وموجود ولكن هناك وقفة ..اننا كشعب ومؤسسات ودولة نتعلق بوطننا الذي يحملنا جميعا في مركب واحدة هذه المركب انهكت لدرجة انها يمكن ان تغرق بنا جميعا –لا قدر الله في وقت ما –ويتذكر الجميع احوال مصر اثناء فترات الحروب وكيف كان الشعب المصري يقتسم رغيف الخبز مع بعضة توفيرا من النفقات للمجهود الحربي حيث كان اقتصاد الحرب مفعل وكيف كانت مصر كلها تعاني من النقص في الطاقة والكهرباء والسيولة المالية وكان الاقتصاد تحت الصفر حتي ان الرئيس السادات بحث عن مليون دولارفي خزينة الدولة ولم يجدها لمدة اسبوع كامل  لانقاذ مصر من اعلان افلاسها عندما اخبره رئيس البنك الدولي في حينه روبرت مكنمارا بضرورة التصرف وبسرعة .الشعب المصري عندما يريد يفعل –الواقع ايها السادة يتطلب منا جميعا الان قدر من الصبر –قدر من الصمت –قدر من التحمل –فمصر تمر

الان بحرب اخطر مما سبق –التهديدات الان علي الدولة المصرية لم تعد قادمة من الحدود الشمالية الشرقية فقط ولكنها ولاول مرة في التاريخ تاتي وفي لحظة واحدة من الغرب والجنوب ايضا وكفانا حديث مرسل للاستهلاك المحلي عن ان مصر عائمة علي موارد ضخمة وان الفساد هو من ياكل خيراتها الرهيبة وان سارقي الشعب هم من ياكلوا مصر فقط –لا –هناك من ياكل مصر ايضا من ابناء شعبها دون ان يعلموا .

لابد من النظر بواقعية لاحوالنا نحن مطالبين بربع ما كان يعانية آباءنا وقت ان ضحوا بقوت يومهم من اجل استرداد كرامة مصر .

هل يقدر المصريون علي التحمل والرجوع خطوة اولا ثم القفز خطوتين وثلاثة ؟ان كل الامم والشعوب تعاني وتصبر ثم تقف من جديد بالعلم والتخطيط والواقعية ثم التصميم علي زيادة الانتاج والعمل في كل المواقع تحت قيادتها التي يجب ان تكون حقيقية وواقعية ،ولنتذكر مقولة رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل قبل ان يتولي رئاسة الوزراء في بلاده اثناء الحرب العالمية الثانية وكانت بريطانيا امام كارثة محققة وهزيمة مفجعة ودمار شامل للدولة من النازية حيث قال مقولتة الشهيرة التي الهبت حماس الشعب البريطاني وجعلت مؤشر طاقته يرتفع الي الدرجة الوجوبية الوجودية عندما قال (ليس لدي ما اقدمه سوي الدم والدموع والمعاناه )وانتصرت بريطانيا ووقفت علي قدميها —والشعب المصري واقولها بصدق هو من علم العالم الصبر عند الشدئد والمكر عند المكائد –فلا تاكلوا مصر !

التعليقات