كتاب 11
أبوالغار يتحفظ!
قالت «المصرى اليوم» فى صفحتها الأولى، صباح أمس، إن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة عرضت، أمس الأول، جهازين من اختراعها لكشف الفيروسات، فى معرض أقيم فى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر، وإن الدكتورة فاتن عبدالعزيز، مساعد وزير الصحة، كانت حاضرة!
ومن الخبر سوف تفهم أن ما كان معروضاً فى مدينة نصر، هذه المرة، يختلف عما كان اللواء إبراهيم عبدالعاطى قد عرضه من قبل، لأن جهاز اللواء عبدالعاطى يعالج الفيروسات، خصوصاً فيروس سى، أما أجهزة أمس الأول فهى تكشفها فقط.
وفى طيات الخبر، ذاته، قال العميد أمجد المغربى، أحد أعضاء فريق اختراع جهازى الكشف، إن الهيئة حصلت على جميع موافقات وزارة الصحة، وكذلك موافقات مراكز أبحاث دولية فى الهند.
وفى سياق تبرير عدم ظهور اللواء عبدالعاطى فى معرض مدينة نصر، قال مصدر لم يكشف اسمه للجريدة، إن غياب عبدالعاطى يرجع إلى حرصه على ألا تتكرر الضجة التى صاحبت ظهوره فى أول مرة، وإن القوات المسلحة ترغب صادقة فى بدء العلاج بالجهاز، بدءاً من 26 يونيو المقبل.
كان الدكتور وحيد دوس، مدير المعهد القومى للكبد، قد أعلن قبل ثلاثة أسابيع، أنه باعتباره رئيس اللجنة العليا المسؤولة، قد اتفق مع شركة أمريكية على توريد 300 ألف جرعة لعلاج فيروس سى، وأن سعر الجرعة يصل إلى 300 دولار.
وقد قلت وقتها، إن مثل هذا التصريح من الدكتور دوس له معنى من اثنين: إما أن يكون الرجل لا يعترف بجهاز اللواء عبدالعاطى، وإما أنه يعترف ثم يهدر مائة مليون دولار من المال العام فى استيراد تلك الجرعات رغم وجود بديل محلى لها.. وطلبت من جانبى رداً ممن يعنيهم الأمر.. أمر جهاز عبدالعاطى، أو أمر المال العام!
وجاءنى اتصال من الدكتور محمد أبوالغار، فقال ما معناه إن الجرعات المستوردة تشفى من الفيروس بنسبة عالية جداً، وإن الشركة التى سوف توردها لنا تقع تحت ضغوط رأى عام فى بلدها من أجل تصدير دوائها إلى دول العالم الثالث التى تحتاجه وبسعر معقول، وإنها تستجيب لما نريده من جرعات بهذا المنطق، ثم بمنطق آخر هو أن نجاح علاجها عندنا، بنسبة كبيرة، وعلى نطاق واسع، سوف يمنحها سمعة تعطيها بالضرورة أسواقاً أخرى بامتداد العالم، فتكسب أكثر!
وحين سألت الدكتور أبوالغار، وهو رجل طبيب فى الأصل، عن جهاز اللواء عبدالعاطى، بدا متحفظاً عليه، وقال كلاماً معناه أن أى علاج فى العالم لابد قبل طرحه للناس أن يخضع لتجارب تختبره على مراحل ثلاث حتى يمكن، وقتها فقط، اعتماده، والعمل به، وتقديمه للمرضى دون خوف منه عليهم.
وأياً كان الأمر، فإن جهازى الكشف، ثم جهاز العلاج، إنما ترتبط كلها بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة، أى أن المؤسسة العسكرية مسؤولة فى النهاية، كما أن أى شىء يمكن أن يؤخذ على الأجهزة، فى الحالتين، سوف يطول هذه المؤسسة بشكل أو بآخر، وهو ما لا يرضاه أى مصرى وطنى.
ولذلك، فكل ما نريده أن يكون التأكد من كفاءة أى جهاز مطروح، من جانب الهيئة، بنسبة 100٪ لا 99، وأن نغلق الباب مقدماً أمام أى ملاحظة سلبية من أى نوع، لأن الثقة التى تحظى بها مؤسستنا العسكرية، فى قلوبنا جميعاً، ثقة مطلقة، ولا نريد أن تشوبها شائبة، ولو بأدنى مقدار.