كتاب 11

11:57 صباحًا EET

النار التى أشعلها المشير

أظن أن المشير السيسى أخطأ عندما تعرض لماسبيرو بالطريقة التى تعرض له بها، فى لقائه مع الإعلاميين، هذا الأسبوع، ليس لأن ماسبيرو مُبرَّأ من الأخطاء بالطبع، ولكن لأنه فى حاجة إلى من يساعده، ليخرج من أزمته، لا لمن يجلده!

وأظن أن عصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، كان على حق حين أبدى غضبه مما قاله المشير، وكان على حق كذلك، حين قال بأن غضباً لا بأس به يسود المبنى، ضد ما قيل فى اللقاء فى هذا الاتجاه.

ثم أظن، كذلك، أن المشير أخطأ حين خص قناتين خاصتين بحواره الأول، كمرشح رئاسى، ليس لأن القناتين صغيرتان، أو لأنهما لا تستحقان ذلك.. بالعكس.. إنهما قناتان كبيرتان.. ولكن وجه الاعتراض هنا أن ما حدث قد أثار المذيعين بعضهم ضد بعض، على نحو غير مسبوق، وأثار القنوات بعضها ضد بعض، بطريقة لم تحدث من قبل، وأشعل بينهم كمذيعين، وبينها كقنوات، فتنة لم تزل قائمة، ولم تزل نارها تعلو ألسنتها، ويشتد لهيبها!

ولا أعرف لماذا طاف فى خاطرى وأنا أتابع النار المشتعلة بين القنوات بعضها وبعض من ناحية، وبين المذيعين بعضهم وبعض، من ناحية أخرى، ما كان عبدالناصر قد طالب به الأحزاب، فى أعقاب ثورة يوليو 52 مباشرة، عندما نصحها بأن تطهر نفسها بنفسها!.. فوقتها اندلعت نيران فى داخل تلك الأحزاب لم يتم إخمادها بسهولة!

ولو أن أحداً سألنى عما كان على المشير أن يفعله، لقلت إنه كان فى إمكانه أن يخص تليفزيون الدولة بأول حوار له، وأكاد أقول بكل حوار، ليس بطبيعة الحال انحيازاً منى مع تليفزيون يقاوم لينهض فى مكانه، ضد قنوات خاصة ناجحة كما نرى، ولكن لأن إجراء الحوار داخل أسوار تليفزيون الدولة كان سيحقق هدفين فى وقت واحد: أولهما أن الدنيا كلها، بما فيها القنوات الخاصة كلها أيضاً، كانت عندئذ ستنقل عن «التليفزيون المصرى» بكل ما لهذه العبارة من رنين فى العالم نريده كلنا فى هذه اللحظة، ولابد أن المشير بالضرورة يريده.. إذ يكفى اسم مصر فى الموضوع.

وأما الهدف الثانى فهو أننا كنا، ساعتها، سنتجنب هذه الحرب الدائرة بين القنوات منذ أذيع حوار الرجل، فالقناتان فى جانب، وسائر القنوات فى جانب، وبين الطرفين ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى!

هل أعيد تذكير المشير بما قاله الأمير، أمس الأول، من أن ثلاثة أرباع المذيعين الذين حضروا لقاءه قد تخرجوا فى ماسبيرو بالأساس؟!.. وبالتالى فالذنب ليس ذنبه ككيان إعلامى ضخم، كان عبدالناصر يحرك به العالم كله بين إصبعيه، وإنما ذنب الحكومات الفاشلة المتعاقبة التى لم تكن كل واحدة منها تفعل معه شيئاً سوى ترحيل وتصدير مشكلته إلى الحكومة التالية!.. ولابد أن المشير، من خلال وعيه الكبير الذى نلحظه فى كلامه، يعلم هذا بكل تأكيد، ويستوعبه جيداً.

هل أعيد تذكيره بأن الذى أقام جميع استديوهات مدينة الإنتاج الإعلامى، التى تخرج منها الفضائيات كلها، فى كل مساء، إنما هو ماسبيرو ذاته؟!

ماسبيرو.. هذا الاسم الجميل.. المحمل بالتاريخ.. فى حاجة إلى نظرة جادة تعيد إليه بهاءه القديم، بدلاً من أن تتوه منا البديهيات فى غمرة الأحداث!

التعليقات