كتاب 11
حينما يغيب الرادع تستمر الفظائع
منذ فترة ليست بقليلة ونحن نعانى من فوضى الفتاوى من متطفلين على الشريعة الإسلامية وعلومها , وأخرين قد ضلوا طريقهم وأدخلتهم أهوائهم الى دائرة المؤتَمنين على شرع الله بالفتاوى الباطلة , خاصةً التى كان لها طابع سياسى , والتى تصب جميعها فى النهاية الى غرض واحد وهو التكفير وترويع الأمنين والدعوة الى العنف والقتل ونشر الفتن
وقد حذرت دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء مرات عديدة من تلك الفتاوى ولكن لم يتم التحرك أو إتخاذ موقف قوى تجاه هؤلاء , وهو ماجعل الأمر مستمراً حتى وقتنا هذا , فحينما لايوجد رادع تستمر الفظائع . وعليه فقد إستمر البعض منهم فى إصدار الفتاوى الشاذة المجنونة التى تنهش فى جسد الوطن وعرضه , ولكن هذه المرة لم تكن فتاوى سياسية , ولكنها كانت فتاوى تختص بالعلاقة بين الرجل والمرأة , تبيح فعل الفضائح فى الطرقات , وتحلل الحرام وتحرم الحلال .
وخلال الثلاث سنوات الأخيرة تم إصدار عدة فتاوى بهذا الخصوص تنوعت مابين التعرى خلال معاشرة الزوجين ، وإرضاع الكبير ، مروراً بتحريم لمس المرأة لفاكهة وخضروات بعينها مثل الخيار والموز بدعوى أنها يمكن أن تثير الشهوة , وصولاً إلى فتوى نائب رئيس الدعوة السلفية الشيخ ياسر برهامى بعدم جواز قتل الرجل زوجته وعشيقها إلا برؤية الفَرْج فى الفَرْج , وأخرى أجاز فيها برهامى ترك الزوج زوجته للمغتصبين حفاظاً على النفس , وهو الأمر الذى لايقبله دين ولاعقل ولاعُرف , فكيف له أن يطلب من الرجال قتل النخوة والرجولة والشهامة فيهم , وكيف يطلب منهم الإستهانه بعرض المرأة الى هذا الحد , وكيف له أن يتناسى أن مفهوم الجهاد لايقتصر فقط على قتل الروح من أجل الأرض والدين وإنما من أجل الدفاع عن العرض أيضاً .
حقاً أنه شيئاً يدعو الى الدهشة , فأمام كل تلك الفتاوى التى تدعو الى الفسق أكثر من دعوتها الى إتباع شرع الله , لم تخرج علينا فتاوى تدعو الى تهدئة النفوس وتحريم قتل المسلم لأخيه المسلم والدعوة الى التصالح ونبذ العنف , أليس غريباً أن ينصب إهتمام هؤلاء حول ” المرأة ” , ألهذه الدرجة تشغل المرأة مساحة كبيرة فى عقولهم , وما المغزى الحقيقى وراء تلك الفتاوى , وعلى ماذا تدل , ومالذى يريدون توصيله للمجتمع , فتلك الفتاوى ليست فى صالح المجتمع ولا من يصدرها , فالطب النفسى يؤكد على أن التركيز على هذا النوع من الفتاوى وإثارتها بين الحين والأخر إنما تدل على أن اصحابها يعانون من الكبت الجنسى منذ الصغر أو فى مراحل عمرية مبكرة أو لديهم مشكلات فى علاقتهم بالطرف الأخر أو أن يكون قد تربى فى بيئة ذكورية معادية للمرأة فيتخذها وجسدها هدفاً فى أحاديثه وهو مايؤثر على نظرة المجتمع للمرأة وزيادة العنف المجتمعى تجاهها ويجعلها لاتأمن على نفسها فى مجتمع ينظر اليها على أنها مجرد سلعة متاع . الى متى سيتم الإستهانة بالمرأة بالله عليكم إرحموها , يكفى ماتتعرض له من تحرش فى الشوارع والمواصلات العامة وأماكن العمل , فما تثيرونه من فتاوى شيطانية تهدر حقها فى العيش بحرية مثلها مثل الرجل , ويجعلها جسد مباح لكل من يستقوى عليها بما منَّ عليه رب العالمين من قوة جسدية تهزمها , فكروا فى أمهاتكم وبناتكم وخالاتكم وعماتكم ومالاترضونه عليهن لاترضونه على غيرهن .