كتاب 11

02:15 مساءً EET

الدوس على الفقير .. يكبَّر الكبير

أزمات كثيرة تعرضت لها مِصر بعد ثورة يناير المجيدة , وما كان على المصريين سوى الصبر وإنتظار الفرج من عِند الله أملاً فى مستقبل أفضل لهم ولأولادهم , ومع كل حكومةٍ جديدةٍ تأتى لتتحمل مسؤلية البلاد 

نجدهم يتحدثون عن أحلامِهم فى الحصول على عمل شريف , وسكن ادمى , ولقمة عيش بكرامة , والإحساس بالأمن والأمان , وعودة الحياة الى طبيعتها مرة أخرى , لعل تلك الحكومات تسمتع الى شكواهم وتحقق أحلامهم , ولكن الواقع يؤكد أن تلك الحكومات لاترى , ولاتسمع , ولكن تتحدث فقط بكلمات معسولة تبدى فيها أمام الجميع مدى حرصها على المواطن البسيط , وعدم تحميله أعباء إضافية تكدر عليه العيش , وكما نقول فى الأمثال ” أسمع كلامك أصدقك , أشوف أمورك أستعجب ” فكل القرارات التى تتخذها الحكومات المبجلة لمواجهة أزماتها لاتجد سوى هذا المواطن البسيط الفقير المحتاج ( محدود الدخل كما تطلق عليه تلك الحكومات ) لتأخذ منه حتى تفيض ميزانيتها بالأموال , وتسد حاجتها من الموارد المالية , وتتناسى الفئات الأغنى والأقدر على تقديم العون لها , فهى بكل برود تدوس على الفقير وتدفنه تحت التراب حتى يستطيع الأغنياء البقاء على قمة طبقات المجتمع , وسياستها المتبعة دائما هى ” الدوس على الفقير , يكبَّر الكبير ” وبما أنها تحتاج الى أصحاب المال والأعمال فهى حريصة كل الحرص على كسب ودهم وعدم إصدار أى قرارات ضد مصالحهم .

فهى مؤخراً قد إتخذت قراراً أقل مايقال عنه أنه قراراً غير مدروسأً , وهو قرار زيادة أسعار الغاز الطبيعى للإستخدام المنزلى والتجارى , الذى يمثل عبئاً ثقيلاً يقع على كاهل الفقراء الذين يمثلون أكثر من ثلاثة أرباع المجتمع , لتوفير مليار جنيه سنوياً , مع العلم بأن هذا القرار سيؤدى حتماً الى المزيد من التضخم وإرتفاع أسعار السلع والخدمات مع عدم وجود زيادة حقيقة فى دخول المواطنين البسطاء , فى حين أن هناك بدائل أخرى من الممكن اللجوء اليها لحل مشكلة الطاقة ومنها إستخدام الطاقة البديلة المتمثلة فى الطاقة الشمسية لتخفيف الأحمال على الطاقة المستخدمة , أو على الاقل رفع الدعم عن المصانع كثيفة الإستهلاك للطاقة كمصانع الأسمدة والسيراميك , والتى تحصل على دعم يقدر بنحو 30 مليار جنية سنوياً وتبيع منتجاتها فى الأسواق العالمية وفق الأسعار العالمية , فلماذا يدفع المواطن المصرى عند إستهلاك الغاز الطبيعى أكثر مما يدفع المستثمر الصناعى وهو الذى يربح من إستثماراته الملايين ويحولها للخارج ؟؟ كيف تريدوننا أن نصدق أنكم تريدون الصالح العام وتحقيق العدالة الإجتماعية , وأن المستهدف من قرار رفع أسعار الغاز الطبيعى هم مستخدمو الغاز بكميات كثيفة , وأن هذا القرار لن يمس الأسر البسيطة , وأنتم مستمرون فى مسلسل ظلم المواطن المطحون وتحميله تبعات فساد أكثر من 60 عاماً .

أيها السادة مصر مليئة بالخيرات , ولكن خيراتها منهوبة , حاولوا إستعادة أموالها المنهوبة من الفاسدين الظالمين , حاولوا القضاء على الفساد بكل أشكاله وفى كافة القطاعات وستجدون موارداً لاتحصى , حاولوا التفكير فى قضية ترشيد الإستهلاك من خلال رؤية وإستراتيجية واضحة , حاولوا بالفعل تخفيف الأعباء عن المواطن الفقير فهو يستحق الحياة مثله مثل المواطن الميسور الحال , وإحذروا غضبته , فغضبة المظلوم كالبركان الثائر .

التعليقات