تحقيقات
ذكرى إعادة إفتتاح «مكتبة الإسكندرية» بعد 1600 عاما من حريقها
عُرفت باسم مكتبة الإسكندرية الملَكية أو المكتبة العظمي أو ببساطة مكتبة، شيدها بطليموس الأول، ويقال أنه تم تأسيسها علي يد الإسكندر الأكبر قبل ثلاثة وعشرين قرناً.
ترجع شهرة مكتبة الإسكندرية القديمة (ببلتيكا دي لي اكسندرينا) لأنها أقدم مكتبة حكومية عامة في العالم القديم وليس لأنها أول مكتبات العالم فمكتبات المعابد الفرعونية كانت معروفة عند قدماء المصريين ولكنها كانت خاصة بالكهنة فقط والبطالمة أنفسهم الذين أسسوها كانوا يعرفون المكتبات جيدا كما ترجع عظمتها أيضا أنها حوت كتب وعلوم الحضارتين الفرعونية والإغريقية وبها حدث المزج العلمي والالتقاء الثقافي الفكري بعلوم الشرق وعلوم الغرب فهي نموذج للعولمة الثقافية القديمة التي أنتجت الحضارة الهلينستية حيث تزاوجت الفرعونية والاغريقية وترجع عظمتها أيضا من عظمة القائمين عليها حيث فرض على كل عالم يدرس بها أن يدع بها نسخة من مؤلفاته ولأنها أيضا كانت في معقل العلم ومعقل البردي وأدوات الكتابة مصر حيث جمع بها ما كان في مكتبات المعابد المصرية وما حوت من علم أون وأخيرا وليس آخر تحرر علمائها من تابو السياسة والدين والجنس والعرق والتفرقة فالعلم فيها كان من أجل البشرية فالعالم الزائر لها أو الدارس بها لا يسأل إلا عن علمه لا عن دينه ولا قوميته.
وفي عام 48 ق.م قام يوليوس قيصر بحرق 101 سفينة كانت موجودة علي شاطئ البحر المتوسط أمام مكتبة الإسكندرية بعدما حاصره بطليموس الصغير شقيق كليوباترا بعدما شعر أن يوليوس قيصر يناصر كليوباترا عليه، وامتدت نيران حرق السفن إلي مكتبة الإسكندرية فأحرقتها.
إلا أن قامت مصر بإعادة إحياء المكتبة في مشروع ضخم قامت به بالاشتراك مع الأمم المتحدة، حيث تم بناء المكتبة من جديد في موقع قريب من المكتبة القديمة بمنطقة الشاطبي بالمدينة. تم افتتاح المكتبة الحديثة في 16 أكتوبر 2002 .
حيث أعلن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك افتتاح مكتبة الاسكندرية والتي تعود للوجود بعد اكثر من 1600 عام على حريقها، وتجاوزت تكلفتها 200 مليون دولار.
ووقتها حضر حفل الافتتاح ملك اسبانيا خوان كارلوس والملكة صوفيا، والملكة رانيا قرينة العاهل الاردني والرئيس الفرنسي جاك شيراك واليوناني قسطنطين ستيافنوبولس والروماني ايوان اليسكو والمالديفي مأمون عبد القيوم والكرواتي استيفان بنذل وحاكم استراليا بيترجون خولينجوث، وعدد من رؤساء الحكومات ووزراء الثقافة والخارجية من بينهم رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني والامير متعب بن عبد العزيز ممثل خادم الحرمين الشريفين والشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الثقافة والاعلام بدولة الامارات والامير عبد الله الفيصل واحمد جيلاني مستشار السلطان قابوس والامير كريم الدين خان بالاضافة الى نحو 3000 شخصية دولية من ممثلي المنظمات والهيئات الثقافية العالمية في مقدمتهم رئيسا منظمة اليونسكو ومكتبة الكونغرس الاميركي والمسؤولة عن المكتبة القومية بفلندا، كما يحضر الاحتفال عدد من الكتاب والعلماء الحاصلين على جائزة نوبل من بينهم الكاتب النيجيري وول سونيكا والعالم أحمد زويل والكاتب الايطالي الشهير امبرتو ايكو.
وتستوعب المكتبة الجديدة اربعة ملايين كتاب وتضم ثلاثة متاحف وخمسة معاهد بحثية والعديد من المعارض وقبة سماوية، اضافة الى مركز متطور للمؤتمرات به ثلاث آلاف مقعد، واحيطت المكتبة بجدار جرانيتي نقشت عليه 180 من ابجديات العالم القديم والحديث.
وتقع المكتبة على مساحة 40 الف متر مربع في مواجهة مجمع الكليات النظرية بجامعة الاسكندرية بمنطقة الشاطبي وتطل واجهتها الشمالية على البحر المتوسط عند لسان السلسلة وهو ما يساعد على ترسيخ فكرة التواصل من هذا الموقع.
وتضم المكتبة الجديدة التي يبلغ اجمالي مسطح الادوار بها 85 الفا و405 امتار مربعة المكتبة الرئيسية ومكتبة الشباب ومكتبة المكفوفين والقبة السماوية ومتحف العلوم ومتحف المخطوطات والمتحف الاثري والمعهد الدولي لدراسات المعلومات ومعلومات الحفاظ والترميم ومركز المؤتمرات والخدمات الملحقة به اضافة الى الفراغات المتعددة الاغراض والمعارض.
وتعتبر القبة السماوية واحدة من 9 قباب في العالم وتستخدم نظما متطورة في العرض وبلغت تكلفة انشائها 65 مليون جنيه مصري وهي المكان الذي يمكن فيه التعرف على السماء وما فيها من اجرام، كما يمكن للزائر مشاهدة النجوم في أي وقت ليلا أو نهارا دون ان يؤثر ذلك على العوامل الجوية أو الانارة المحيطة بالزائر.
وتعد القبة السماوية في مكتبة الاسكندرية الاولى من نوعها في الشرق الاوسط وهي احد ثلاث قبات في مصر، ويجري حاليا بها ستة عروض متنوعة تم ترجمة بعضها الى اللغة العربية ويتم الاعداد لابتكار عروض جديدة تتحدث عن علم الفلك عند الفراعنة وعلم الفلك عند الاسلام.
كما تضم المكتبة متحفا للمخطوطات يضم بين جنباته عشرة آلاف مخطوطة اصلية ونادرة يستهدف الوصول بها الى خمسين الفاً بعد الافتتاح الرسمي للمكتبة اضافة الى عشرين الف مخطوطة مصورة لمخطوطات نادرة يستهدف مضاعفتها ايضا وهي تتضمن اربعة اجهزة كومبيوتر للاطلاع على المخطوطات ومحتوياتها دون تداولها حتى يتم الحفاظ عليها.
وتضم المتاحف الاثرية العديد من التحف الاثرية واهمها التي تم انتشالها من قاع البحر امام شواطئ الاسكندرية اضافة الى آثار تم اهداؤها الى المكتبة بمناسبة اعادة افتتاحها وتشكل هي ومتحف المخطوطات اطلالة المكتبة على الماضي.
قدمت فرنسا في أكبر صفقة ثقافية في تاريخ المكتبات هدية تصل إلى نصف مليون كتاب باللغة الفرنسية في عدة موضوعات مختلفة (علوم- آداب- تاريخ- جغرافيا- انثربولوجيا) إلي مكتبة الإسكندرية، ونتيجة لهذه الهدية أصبحت مكتبة الإسكندرية المكتبة الفرانكفونية الثانية في العالم بعد مكتبة نيويورك في ثراء مجموعاتها باللغة الفرنسية بعد المكتبة القومية الفرنسية ومكتبة جنيف ومكتبة ليون بفرنسا ومكتبة لافال بكندا.
وتتفوق مكتبة الإسكندرية في مقتنياتها الفرنسية على جامعة مونتريال في كندا والتي تحتوى على 534 ألف كتاب ومكتبة الكونجرس التي تحتوى على 433 ألف كتاب ومكتبة هارفارد التي تحتوى على 509 ألف كتاب وجامعة اواتا بكندا، والتي تحتوى على 296 ألف كتاب والمكتبة القومية الكندية والتي تحتوى على 365 ألف كتاب والمكتبة الوطنية الفرنسية والتي تحتوى على 305 ألف كتاب.
وأيضا أصبحت مكتبة الإسكندرية بهذا الإهداء المكتبة الرئيسية الأساسية للكتاب الفرنسي للشرق الأوسط والقارة الأفريقية.