كتاب 11
أشتون تخطئ فى العنوان
لا أحد على يقين مما إذا كانت السيدة أشتون، مسؤولة الملفين السياسى والأمنى فى الاتحاد الأوروبى، قد طلبت من الرئيس عدلى منصور، خلال زيارتها الأخيرة، الإفراج عن النشطاء الثلاثة المحبوسين إياهم، أم لا، فلايزال الكلام يدور فى هذا الشأن، ما بين التأكيد هنا، والتخمين هناك، دون أن يكون لدينا كلام قاطع نبنى عليه!
غير أن هناك أشياء ترجح أن تكون قد جاءت بهذا الطلب فعلاً، ومن هذه الأشياء، مثلاً، توقيت الزيارة، ومنها رد فعل الاتحاد بشكل خاص، ودوائر غربية بشكل عام، على أحكام الحبس التى صدرت على الثلاثة، ومنها كذلك أن أصواتاً بيننا راحت تتبنى الأمر نفسه، الذى نتوقع أن تكون مسؤولة «الاتحاد» العجوز قد جاءت تطلبه، وربما تلح عليه!
ومن غريب الأمر أنه ليس هناك صوت كان يطالب بالإفراج عنهم، إلا وكان يقدم لكلامه بأنه يعترف مسبقاً بأنهم تظاهروا دون إذن مسبق يفرضه القانون، وأنهم اعتدوا على ضباط أثناء تأدية عملهم، وأنهم – أى الثلاثة – حطموا ممتلكات عامة وخاصة!
لك أن تتصور أن يكون المعنيون الثلاثة قد ارتكبوا هذه الجرائم الثلاث فى وقت واحد، وأن يكونوا قد أحيلوا إلى القضاء، وأن يكونوا قد خضعوا لمحاكمة أمام القاضى الطبيعى، وأن يكونوا قد حصلوا على أحكام، وأن يكون القضاء فى مرحلة تالية قد أيد الأحكام الصادرة بحقهم، ثم يجد الثلاثة، رغم هذا كله، مَنْ يخرج علينا ويطلب الإفراج عنهم، ولا يجد فى هذا أى حرج!
لست ضد الشبان الثلاثة، ولست أقر أى ظلم لهم، وأقف مع حقهم، ومع حق أى متهم غيرهم فى الدفاع عن النفس أمام المحكمة إلى أقصى مدى، غير أنى أرجو أن نلاحظ هنا أننا نتكلم عن أحكام قضائية.. نعم أحكام قضائية كاملة الأركان صدرت بحقهم، بما يعنى أنه ليس من حق أحد أن يناقش فى الموضوع، أو حتى يفتح الكلام فيه، وبما يعنى أننا يجب أن نفهم أن السبيل الوحيد للاعتراض على أى حكم قضائى هو استئنافه، أو نقضه، أمام القضاء نفسه، ولا يوجد سبيل سواه!
أما أن يكون الاعتراض على أحكام القضاء فى الإعلام، وفى الشارع، وفى الميادين، فهذا هو الجديد حقاً، وهو المدهش فعلاً، وهذا ما يجب أن نقاومه، ونرفضه بكل وسيلة ممكنة!
لا أريد أن أسأل، كما يسأل غيرى: لماذا هؤلاء الثلاثة تحديداً، فلا أحب أن أحاكم الناس على نواياهم، غير أنى فى الوقت ذاته أتمنى أن يكون مثل هذا السؤال هاجساً وشاغلاً لنا، طول الوقت، وأن نحاول أن نحصل له على إجابة شافية، من خلال الربط بين أمور كثيرة تجرى حولنا هذه الأيام، ومنذ ثورة 25 يناير 2011 على وجه الخصوص.
وسوف يلفت النظر أن تكون أشتون قد طلبت ذلك، إذا كانت قد طلبته، من الرئيس عدلى منصور على وجه التحديد.. فهو رجل قانون فى الأصل، وهو قطعاً يعرف معنى أن يصدر حكم قضائى فى حق أى إنسان، وضرورة، بل حتمية، أن يمتنع الجميع عن الكلام فى الحكم إذا ما صدر، وبالتالى فإن أشتون وهى تفاتح «منصور»، خصوصاً فى مسألة كهذه، قد أخطأت العنوان، ولو كانت قد تنبهت إلى أنها تجلس فى حضرة رجل قانون بالأساس ما كانت قد طرقت هذا الباب!